مقال: إيف بوامور Yves Poirmeur
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°63
تحتل دولة قطر باستمرار العناوين الرئيسية للصحف نظرا لاستحواذها على الأعمال الفنية. استثمرت العائلة الحاكمة في الخارج بسبب ادراكها لحدود الموارد الباطنية. لذلك، يتوجب فهم مشاركتها في المجال الفني على الرغم من اعتباره عشوائيا وعقيما.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
قامت الإمارة الصغيرة القطرية بالعديد من الاستثمارات في مختلف المجالات الأساسية للاقتصاد العالمي في نطاق تميز بزيادات في أسعار الوقود والازمة المالية. حيث أنها تملك الآن مؤسسات سياحية فاخرة مثل فنادق كارلتون Carlton، مونسو الملكي Monceau Royal ، محلات هارودزHarrods، وفندق سافوي Savoy. كما أن لديها حصص جزئية في شركات متعددة الجنسيات فرنسية – مثل فينشي Vinci، لاغاردير Lagardère ، فيفاندي Vivendi، توتال Total، LVMH، سويز البيئة Environnement Suez – اضافة إلى شركات أوروبية كشركة فولكس فاجن Volkswagen وبورش Porsche أو بنك باركليز Barclays.
بالإضافة إلى ذلك، اهتمت الإمارة بشراء لوحات الرسامين الكبار، مما سمح لها في عام 2011 بتصدر قائمة أكبر المستثمرين في سوق الفن. تشير التقديرات في هذا الصدد إلى ارتفاع قيمة صادرات الولايات المتحدة إلى قطر خلال السبع سنوات الأخيرة لتصل إلى 428 مليون دولار. على سبيل المثال، استولت الإمارة في عام 2009 على أعمال روثكو Rothko التي كانت ملك رجل الأعمال إيزرا ميركين Ezra Merkin مقابل مبلغ 310 مليون دولار، بعد سنتين فقط من شراء مجموعة روكفلر Rockefeller. كما أمنت خصم الضرائب على أعمال كلود بيري Claude Berri مقابل 45 مليون يورو، و الذي كان مقدرا في الأصل لفرنسا. كما قامت الإمارة باعتماد مهندسين معماريين معترف بهم دوليا من أجل عرض هذه الأعمال الفنية. حيث صمم جان نوفيل Jean Nouvel المتحف الوطني القطري. كما تم تصميم متحف الفن الإسلامي الذي افتتح عام 2008 من قبل الأمريكي الصيني باي Pei ، و متحف الفن الحديث من قبل جان فرانسوا بودان Jean-François Bodin.
1. مجتمع دولي فوضوي. على الرغم من أن الفوضى تميز الصعيد الدولي إلا أنها تتخذ أشكالا مختلفة. في الواقع، تتشكل هذه الفوضى نتيجة العوامل الايديولوجية والمادية مما يجعلها أكثر قربا إلى “مجتمع دولي” (هيدلي بول Hedley Bull) من أن تكون حربا مستمرة كما يتصوره الواقعيون. يعمل أعضاء هذا المجتمع للحفاظ على علاقات التعاون، والمشاركة في المؤسسات واستيعاب القيم المشتركة مثل الولاء والاعتراف المتبادل.
2. القوة المتناقضة للدول الصغيرة. أمام التغاضي عن دراسة الدول الصغيرة من قبل الدوليين، تقتصر النظريات المتعلقة بها على الدبلوماسية التي تهدف إلى تعزيز المعايير والسلام والعمليات الإنسانية (كريستين إنجبرتسان Ingebritsen Christine). ومع ذلك، فقد شهدنا في السنوات الأخيرة التراجع النسبي للقوى العظمى. وعلى العكس، استفادت ” الدول الأقزام” (روبرت كيوهان Robert Keohane) من العولمة التي تميزت بتكثيف العلاقات وزيادة الجهات الفاعلة العابرة للحدود الوطنية. تتصدر في إطار هذا التكوين العديد من الدول الطليعة من خلال تركيز رؤوس أموال ضخمة، و عن طريق التموقع في ملتقى التدفقات المالية، الثقافية، التجارية والبشرية.
تتأكد ملاحظات كاتزنتاين Katzenstein حول تكيف و مقاومة الدول الصغيرة في نطاق التغير السريع للنظام الرأسمالي و النظام الدولي . أدت العولمة في الواقع إلى ازدياد المنافسة بين القطاعات و تشكيل اقتصادات- العالم وتركز الثروات. لذا، يبدو أن القوة ترتبط ببساطة بالسيطرة على القدرات الإنتاجية والتوزيعية التي تضمن استقلال الدولة. وعلى العكس، فإنها ترتبط بالسلطة والاشعاع الناتج عن امتلاك مركز جاذبية عالمية أو أكثر. بعبارة أخرى، هذه العملية لا تعني الخروج من اللعبة الدولية، ولكن العمل للعب دور أساسي فيها. على سبيل المثال، اذا كانت الولايات المتحدة اليوم تحافظ على توازن هيكلي، فهذا يعود الفضل فيه أيضا إلى المركز الأساسي الذي تحتله هوليوود في صناعة السينما، وول ستريت في التمويل العالمي و السليكون فالي في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
تتوجه الدول الصغيرة للتخصص في مجال معين في إطار عالم مجزأ. لهذا السبب يعرف البعض منها كقطر تطورا ملحوظا. حيث تسعى دولة قطر للتخصص في عالم المعرفة والفنون الجميلة مثل سنغافورة أو الملاذات الضريبية. تسمح لها الفنون الجميلة بتحقيق الاعتراف العالمي كوسيلة لمواجهة تهديد جيرانها كالمملكة العربية السعودية أو إيران. كما يجب أن تساهم في تطوير أراضي تستخرج معظم مواردها في صناعة الغاز. تجدر الإشارة إلى أن قطر أصدرت في عام 1996 قناة الجزيرة الشهيرة، التي فرضت نفسها في المشهد الإعلامي. كما استضافت العائلة الحاكمة الفنانين اللاجئين من العراق، في حين يظهر قادتها كجامعي أعمال فنية كبار. علاوة على ذلك، فقد استقطبت العديد من الجامعات مثل الأميركيين جورج تاون، نورث وسترن، كارنيجي، وكورنيل، والاوروبيين من ستاندن والكنديين من كالجاري وشمال الأطلسي، والذين استقروا في البلاد مع تطويرهم لمناهج دراسية كاملة. نلاحظ أن هذه الاستراتيجية مماثلة لتلك التي تبنتها أبوظبي التي شرعت في بناء فروع لمتحف اللوفر وغوغنهايم بعد افتتاح الحرم الجامعي سوربون – باريس أبوظبي- ،HEC ، جامعة نيويورك وحتى جامعة القديس يوسف في بيروت.
أخيرا، تثبت سياسة العظمة الثقافية هذه أن القوة لا تقتصر على القدرات و الموارد الجيو استراتيجية، بل تنتج عن التغيرات العالمية التي تخلق الفرص لبعض اللاعبين المهملين حتى الآن. تجذب هذه الأطراف المتمتعة بحكومة ذات سلطة و سيادة مطلقة – بسبب طابعها الدولي – الجهات الفاعلة غير الحكومية مثل الشركات، لتظهر كمركز جذاب في إطار العولمة.
« A Smithsonian in the Sand », The Economist, 29 Dec. 2010
Barthe Benjamin, « Qatar. Les ambitions démesurées d’une micro-monarchie », Le Monde, 25 fév. 2012, pp. 4-5. Supplément Géo et Politique
Bull Hedley, The Anarchical Society. A Study of Order in World Politics, New-York, Columbia University Press, 1977
« Ce que le Qatar possède en Europe », Challenges, 14 fév. 2012
Elkamel Sara, « Qatar Becomes World’s Biggest Buyer of Contemporary Art », The Guardian, 13 July 2011.
Hartvig Nicolai, « Qatar Looks to Balance Its Arts Scene », New York Times, 6 Jan. 2012
Ingebritsen Christine, “Norm Entrepreneurs: Scandinavia’s Role in World Politics”, Cooperation and Conflict, 1 (37), 2002, pp. 11-23
Katzenstein Peter J., Small States in World Market: Industrial Policy in Europe, Ithaca, Cornell University Press, 1985
Katzenstein Peter J., « Small States and Small States Revisited », New Political Economy, 8 (1), 2003
Keohane Robert O., « Lilliputians’ Dilemmas: Small States in International Politics », International Organization, 2 (23), Spring 1969, pp. 291-310
Laroche Josepha (Éd.), La Loyauté dans les relations internationales, 2e éd., Paris, L’Harmattan, 2011
Le Grand Dominique, « Le Qatar, premier acheteur d’art », Le Soir, 2 août 2011
Waage Hilde Henriksen, « The ‘Minnow’ and the ‘Whale’: Norway and the United States in the Peace Process in the Middle East », British Journal of Middle Eastern Studies, 34 (2), Aug. 2007, pp. 157-176