Mar 15, 2015 | Passage au crible (arabe), الاتحاد الأوروبي, الهجرة الدولية, حقوق الإنساﻥ, شمال- جنوب
مقال: كاترين ويتل دي وندن Catherine Wihtol de Wenden
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n° 125
Source: Wikipedia
تميزت نهاية عام 2014 وبداية عام 2015 بكوارث المهاجرة الجديدة في البحر المتوسط. تم اعتراض سفينتي بضائع استأجرتها المهربون الذين تخلو عنهم، من قبل حرس السواحل الايطالية في جنوب شبه الجزيرة. كان على متن كل سفينة ما يقرب من 500 من طالبي اللجوء من سوريا والعراق، والذين يضافون إلى 230 ألف مهاجر دخل أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط في سنة واحدة. وفي الآونة الأخيرة، قد ذكر فقدان أكثر من 300 شخص ووفاة 29 آخرين في فبراير 2015 بالقرب من سواحل ليبيا أن شيئا لم يتغير منذ عام 2013. وأخيرا، هددت ليبيا إيطاليا في أوائل شهر مارس بإرسال سفن مهاجرين إذا استمرت في مشروع العمليات العسكرية ضد الدولة الاسلامية. وتتزامن هذه البيانات مع نهاية برنامج Mare Nostrum الذي نظمته إيطاليا بين نوفمبر 2013 ونوفمبر 2014. تم بالفعل الاستعاضة عن هذه العملية التي تهدف إلى إنقاذ المهاجرين الغرقى في البحر الأبيض المتوسط في نهاية عام 2014 بعملية تريتون الذي كان نتيجة مبادرة فرونتكس.
نبذة تاريخية
يمثل البحر الأبيض المتوسط أرض مواجهات وحوارات بين الجانبين. كما أصبح منذ تسعين عاما مفترق طرق لاضطرابات الهجرة الجديدة مما يشكك في السياسة الأوروبية التي تنفذها منذ ذلك الحين. تتمثل التدفقات غير النظامية الأولى التي مست الرأي العام في محاولة الوافدين الألبان الهبوط في إيطاليا في عام 1991 بعد سقوط الستار الحديدي. وتبعهم موجات من طالبي اللجوء العراقيين، بعد حرب الخليج الأولى والثانية. وكانت التدفقات في هذه الحالة مختلطة. وبعبارة أخرى، كان اللاجئون أيضا في طالبوا عمل. لذلك جاؤوا في كثير من الأحيان في قوارب كبيرة مستأجرة من قبل المهربين، منذ أن تم تأمين الوصول إلى أوروبا عن طريق نظام تأشيرة شنغن منذ عام 1986.
بعد ذلك، أصبحت موجات الوفود السرية تشبه أكثر عمليات مافيا صغيرة. كانت تخص أساسا الشباب بين المغرب ومضيق جبل طارق والسنغال وجزر الكناري وخصوصا بين ليبيا وتونس وجزيرة لامبيدوزا التي تقع على بعد 130 كيلومترا من الساحل التونسي و 200 كم من جزيرة صقلية. جمعت مناطق مرور أخرى مثل مالطا وقبرص السياح وطالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين الباحثين عن العمل. وعلاوة على ذلك، مر لاجئوا المغرب العربي والشرق الأوسط عبر حدود نهر إفروس بين تركيا واليونان أو عبر الأراضي الأسبانية سبتة ومليلة في المغرب. وقد قلصت الاتفاقيات الثنائية بين السنغال والمغرب واسبانيا عدد حملات العبور عبر مضيق جبل طارق وجزر الكناري. ولكن المرور بلامبيدوزا ازداد بعد أن فقدت ليبيا السيطرة على التدفقات على أراضيها، حيث لم تصبح تلعب دور القفل على إثر الاتفاقات التي أبرمتها مع إيطاليا وفرنسا سابقا. أعلن مدير فرونتكس في مارس 2015 أن عدد المهجرين الذين يمكن أن يصلوا من ليبيا إلى الساحل الإيطالي قد يصل إلى المليون مهاجر. أما بالنسبة للجهة الشرقية للمتوسط، فسوف تتعرض لوفود المهاجرين السوريين في تركيا (1.5مليون)، والأردن (800 ألف) و لبنان (1.5 مليون). وأمام هذا الوضع، أمام كل غرق سفينة مليئة “بالحراقة” (“حارقو الحدود ” بين المغرب العربي وأوروبا) أو بعائلات اللاجئين، اقتصرت الردود الأوروبية على التأكيد على تخصيص موارد لفرونتكس بهدف “تقاسم العبء”.
الإطار النظري
1. فجوة الهجرة. تم تحليل هذه النقطة من قبل فيليب مارتن وجيمس هوليفيلد حول الولايات المتحدة ومفارقة الدولة الليبرالية التي تصبح دولة أمنية. وفيما يتعلق بالمنطقة الأورومتوسطية، يجب دراسة الفجوة المتنامية بين من جهة التحليلات المتقاربة للخبراء الذين يعتبرون التنقل كعامل رئيسي في التنمية البشرية في المنطقة من جهة؛ ومن جهة أخرى، ملاحظة السياسة الأوروبية المدفوعة خصوصا بسبب ضغط الدول القومية التي تعاني من صعود اليمين المتطرف والنهج الأمني في التعامل مع الهجرة. ولكن هذه السياسة تنطوي على تكلفة بشرية، مالية ودبلوماسية مرتفعة. كما تتعارض مع الاحتياجات الاقتصادية والديموغرافية لأوروبا، التي تتطلب اختيارا عقلانيا للدخول الطوعي نوعا ما، واحترام حقوق الإنسان في الهجرة القسرية (اللاجئين) والتي يكفلها القانون (جمع شمل الأسرة، القصر غير المصحوبين).
2. تنافس إجراءات الرقابة على الحدود. نتجت الآلية الأوروبية عن مجموعة من التدابير المنفذة منذ تطبيق نظام شنغن عام 1985. تؤثر التدفقات أساسا على بلدان جنوب أوروبا أمام لامبالاة وغياب تضامن الدول الشمالية. وقد أدى هذا الفارق إلى اختلافات بين الدول الأوروبية حول كيفية تعامل بلدان جنوب أوروبا مع الوافدين غير النظاميين، مع تركهم بمفردهم أمام انفجار الدخول، على الرغم من أن الغالبية العظمى من المهاجرين غير الشرعيين دخلوا قانونيا ثم قاموا بتمديد فترة إقامتهم. يتمثل نظام التحكم الثاني المتميز بالحكم الذاتي فيما يتعلق بالقيود الأوروبية في التوقيع على اتفاقيات ثنائية مع دول الشاطئ الجنوبي للبحر المتوسط : وقعت الدول الأوروبية المتوسطية على سبيل المثال أكثر من 300 اتفاقيات إعادة القبول في العالم لسنة 2015. من جانبها، أكدت فرنسا خمسة عشر اتفاقية على غرار إيطاليا وإسبانيا. تؤيد هذه النصوص التزام بلدان الساحل الجنوبي – التي غالبا ما تصبح بلدان هجرة وعبور – باسترجاع المهاجرين العائدين إلى ديارهم أو ارسال المهاجرين الذين عبروا منها إلى بلدان أفريقيا السوداء في مقابل ترخيص الإقامة للأفراد الأكثر تأهيلا وسياسات تنموية. طبقت بعض البلدان، مثل ليبيا في أيام العقيد معمر القذافي، دبلوماسية الهجرة، لإدراكها للدور الذي يمكن أن تلعبه كقفل للسكان الأوروبيين. أخل كل من الأزمة الليبية والكارثة السورية بهذا الجهاز، مما تسبب بانتقال حوالي 4 ملايين لاجئ في سوريا ، وهو رقم قياسي في المنطقة، تجاوزه فقط الفلسطينيون والأفغان.
تحليل
من بين بلدان البحر الأبيض المتوسط، تمثل إيطاليا الدولة الأكثر نشاطا في مواجهة المأساة التي جعلت من البحر الأبيض المتوسط مقبرة واسعة وقضية أمنية عالمية. وقد مثل بحر “الأرض الوسطى” هذا دائما مكانا للمرور باعتبار حدود أوروبا تمر بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط. ولكن من دون تأشيرات، أصبح عبوره خطيرا للغاية اليوم لعدد كبير من الأفراد. كما أصبح اليوم منطقة نشطة حيث تستغل الشبكات الإجرامية يأس الشباب البطالين الذين يعانون من عدم وجود مستقبل في الجانب الجنوبي. أصبح هذا الوضع أكثر إثارة للقلق مع عدم تمييز الرأي العام الهجرة عن الإرهاب. كما أنها لا تأتي من نهج وطني للسيطرة على الحدود.
تنتج أزمات الهجرة أساسا عن الأزمات التي تزعزع استقرار المنطقة؛ حيث يمثل السوريون والاريتريين على سبيل المثال نصف الوافدون إلى إيطاليا حيث أنقذ برنامج Mare Nostrum 170 ألف شخص. ولكن مع تريتون، لم يعد الانقاذ يعتبر أولوية. يكفي القول أن أوروبا لم تتمكن من تبني سياسة مشتركة. ومع ذلك، تتناقض مسؤوليتها في الوفاة مع النهج الإنساني اتجاه بلدان الجنوب وبياناتها حول حقوق الإنسان. كيف ستسعى أيضا للفوز في المنافسة الدولية إذا حبست نفسها في قلعة مكونة من هيكل هرم للسكان ؟ كيف يمكنها الاعتماد على المسرح العالمي إذا رفضت النظر في الهجرة كأولوية دبلوماسية؟
المراجع
Wihtol de Wenden Catherine, Faut-il ouvrir les frontières ? Paris, Presses de Sciences-Po, 2014.
Wihtol de Wenden Catherine, Pour accompagner les migrations en Méditerranée, Paris, L’Harmattan, 2013.
Feb 11, 2015 | Passage au crible (arabe)
مقال: فيليب هيجون Philippe Hugon
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n° 124
عقدت قمة الاتحاد الافريقي الرابعة والعشرون في أديس أبابا في الفترة بين 21-28 يناير 2015. ركزت القضايا الرئيسية على “مقعد التمكين وبرنامج التنمية النسائية نحو 2063 “. كما نوقشت مسألة تفشي الإيبولا مع طلب إلغاء الديون بنسبة 3 مليار دولار امريكى لثلاث دول: غينيا وليبيريا وسيراليون. اجتمع مجلس السلم والأمن في 29 جانفي مع حضور 15 رئيس دولة، ولكن في غياب الرئيس النيجيري جوناثان جودلاك. تناولت هذه المجموعة في جدول أعمالها مكافحة الإرهاب مستهدفة على وجه التحديد بوكو حرام. وقد اقترح تجنيد قوة متعددة الجنسيات متكونة من 7500 جندي تعتمد على تمويل الأمم المتحدة.
تمثل الحدث في تعيين رئيس زيمبابوي روبرت موغابي كالرئيس الجديد للاتحاد الأفريقي. ضاعف هذا المستبد الذي يناهز عمره 90 عاما والذي يحتكر السلطة منذ 35 عاما كبطل للنضال ضد الفصل العنصري. يرمز انتخابه للتناقض بين البلدان الأفريقية والتوجه المعادي للغرب للوحدة الافريقية، على الرغم من عدم قدرة الدول الأعضاء على التعامل بشكل مستقل مع قضايا السلام والأمن أو حتى إيجاد حل لمشكلة الأوبئة. كما يعكس مدى اتساق حكم الكبار والرؤساء مدى للحياة أمام الشباب الأفريقي الذي يسعى لإيجاد مكانه في اللعبة السياسية معارضا بذلك التلاعبات الدستورية.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
عزز الاتحاد الافريقي التكامل السياسي لأفريقيا بتنفيذ الشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا في عام 2002 وتحويل منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الافريقي الذي يجمع اليوم 53 دولة أفريقية. لا ينتمي المغرب فقط بسبب الموقف الذي اتخذته منظمة الوحدة الأفريقية والاتحاد الأفريقي لصالح استقلال الصحراء الغربية. كما تعزز الاتحاد الأفريقي على المستوى المؤسسي (جمعية العامة، مجلس التنفيذي، لجنة الممثلين الدائمين ومفوضية). تعمل المنظمة التي كانت في البداية منظمة تنسيقية الآن كمؤسسة تكامل على غرار الاتحاد الأوروبي.
حددت خطة العمل التي اعتمدت في واغادوغو في 12 أكتوبر 2004 خمس أولويات: 1 / التحول المؤسسي (برلمان افريقي)، 2 / الترويج للسلام (مجلس السلم والأمن)، والأمن البشري والحكم (المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب)؛ 3 / تطوير التكامل الإقليمي؛ 4 / بناء رؤية مشتركة داخل القارة، 5 / اعتماد بروتوكول المحكمة العدل للاتحاد الأفريقي. كما حددت أيضا تعيين رئيس الاتحاد الافريقي لمدة سنة واحدة، في حين يتم انتخاب رئيس اللجنة لمدة 5 سنوات.
حقق الاتحاد الافريقي ابتكارين رئيسيين مقارنة بمنظمة الوحدة الأفريقية:
/1 سمحت بفرض عقوبات على الدول الأعضاء التي لا تتوافق مع سياسات وقرارات الاتحاد الافريقي. وبالإضافة إلى ذلك، عزز ميثاق 2007 أهداف الديمقراطية والحكم الراشد. 2/ وأقرت الحق في التدخل عندما يهدد النظام الشرعي، و هذا ما يتعارض مع مبدأ عدم التدخل، حامي السيادة. وتنقسم القوة الإفريقية الجاهزة التي تأسست في عام 2003 و التي تهدف إلى حفظ أو دعم السلام إلى خمسة ألوية إقليمية متكاملة في الهندسة الأفريقية للسلام والاتحاد الأفريقي.
يبقى الواقع الفعلي بعيدا عن هذه المعايير لأن هامش نشاط الاتحاد الافريقي محدود أمام سيادة الدول الأعضاء الكبرى. وعلاوة على ذلك، فإنه يفتقر إلى الاستقلال عن الاتحاد الأوروبي في تمويله. ومع ذلك، شهد الاتحاد الافريقي مع اختفاء بعض القادة الأفارقة (القذافي، واد) الذين كانوا يريدون التقدم نحو حكومة الولايات المتحدة الأفريقية فقدان نفوذ كبير. خصوصا وقد اصطدم هذا الطموح مع إحجام جنوب أفريقيا، الانقسام بين أفريقيا العربية المسلمة وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وضعف التكامل الإقليمي.
وأخيرا، يعزز انتخاب روبرت موجابي رئيسا للمنظمة دور جنوب أفريقيا. نتج هذا الانتخاب مثل انتخاب السيدة دلاميني-زوما في يوليو 2012 رئيسة للجنة عن التحالفات خلال النضال ضد الفصل العنصري. كما تؤكد على الوحدة النسبية لكتلة الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي أمام الجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا و الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والدول الفرنكوفونية الممثلة بالمنظمة الدولية للفرانكوفونية، وخصوصا نيجيريا.
الإطار النظري
يشير ضعف الاتحاد الأفريقي إلى نقطتين رئيسيتين.
1. صراع المصالح. يعكس الاتحاد الأفريقي التنافس بين الدول الأعضاء. تتميز بالمعارضة بين قوتين متنافستين: نيجيريا وجنوب أفريقيا. كلاهما تريد ممارسة الزعامة القارية وتهدف إلى احتلال منصب عضو دائم في مجلس الأمن الدولي.
2. تعبئة جماعية ضعيفة في صالح الأمن. يختفي الخطاب الأفريقي للباكس افريكانا pax africana أمام انخفاض التمويل وقلة الالتزام في صالح السلام والأمن. لم يتمكن أو لم يعرف الاتحاد الأفريقي ممارسة سلطته أمام النزاع وتطور الإرهاب والجهادية في ليبيا والسودان والصومال ومالي ونيجيريا ودول بحيرة تشاد في وسط أفريقيا أو حتى في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وهكذا، فإن القوة الافريقية لمكافحة بوكو حرام تواجه صعوبات مالية وصعوبة إنشاء نظام متعدد الأطراف. لذلك، تتدخل القوات الأفريقية وراء الجيوش الوطنية أو الثنائية قبل أن يتم في كثير من الأحيان نقلها من قبل قوات الأمم المتحدة.
تحليل
على الرغم من اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، لا يزال الاتحاد الافريقي حذرا حول التعدي على الحقوق في العديد من البلدان، بما في ذلك جمهورية الكونغو الديمقراطية وكوت ديفوار والصومال وزيمبابوي. كما هو الحال للديمقراطية أو عندما يتعلق الأمر بمعالجة الثورات الشعبية (على سبيل المثال “الربيع العربي” منذ جانفي 2011). يهدف التلاعب الدستوري في معظم الحالات إلى التغلب على قواعد مضمونة من قبل المحاكم أو المجالس الدستورية. وتوجد بالتالي علاقة في أفريقيا بين مدة الولاية، وشخصنة السلطة ومخاطر النزاعات الاستبدادية. وهذا ما يفسر لماذا أدت انتخابات ذات طبيعة متناقضة للأزمة في كوت ديفوار (2000، 2010)، كينيا (2007، 2008)، زيمبابوي (2007) وجمهورية الكونغو الديمقراطية (2011)؛ حيث لم يتم تجاوز الهوية المحسوبية الا في بعض الحالات النادرة (غانا والسنغال وكينيا في عام 2013).
يمثل انتخاب روبرت موجابي المتسلط تحديا للشباب الأفريقي. بالتأكيد، لا تزال له شعبية نظرا للنضال ضد مصالح التعدين البريطانية، لكن دوره في مكافحة الفصل العنصري من الماضي. يعاني الشباب الزيمبابوي اليوم خصوصا آثار الإصلاح الزراعي – إعطاء الأرض لقدامى المحاربين في الحرب – مما دمر زراعتهم. ولذلك فإنهم يخضعون لنظام يسيطر عليه الجيش. ولكن الشباب الأفريقي – قنبلة موقوتة أو عامل التغيير – يعتزم الآن للمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للقارة. ورغم تشكيلهم للأغلبية ديموغرافيا، يبقى الشباب أقلية اجتماعيا وسياسيا. من دون مستقبل، فإنهم يتأرجحون غالبا ما بين الاستسلام للأمر الواقع والاحتجاج. مما يدفع للاستماع أحيانا إلى التطرف بجميع أنواعه (معارضات الأئمة السنيين والشيعيين في السنغال ونيجيريا والكنائس الإنجيلية).
يشير انتصار موجابي أيضا إلى فشل الاتحاد الافريقي في مجال السلم والأمن. لقد دعت هذه المنظمة لتشكيل قوة تدخل أفريقية ضد بوكو حرام التي تواصل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية مبعدة نيجيريا المهتمة بشأن سيادتها الوطنية. ومع ذلك، ترافق اعلان نواياها ببساطة المبادرات الإقليمية للبلدان المجاورة لحوض تشاد، أعضاء لجنة حوض بحيرة تشاد والدعم اللوجستي من فرنسا و الولايات المتحدة. وأخيرا، فإنه مفتقد بشدة للتمويل والآراء، حيث تأتي 40٪ فقط من ميزانيتها من رسوم العضوية.
ما وراء الخطاب، يجب على الاتحاد الافريقي تنفيذ مبادئه المعلنة في الديمقراطية والحكم والتدخل. ولكن هذا يستوجب التمويل من طرف الدول الأعضاء، وخاصة تلك – التعدينية والنفطية – التي لديها موارد مالية كبيرة. يمكن لنقل السيادة وإنتاج السلع العامة على المستوى الإقليمي أن تفي تجاوز السيادة في سياق عابر للحدود. وبالمثل، فإن التكامل الاقتصادي الإقليمي تساعد مواجهة التبعية الاقتصادية للجهات الحكومية. ومع ذلك، تتطلب هذه العملية دول قوية وديمقراطية، قادرة على منع أي تفتيت جغرافي، سلطة عامة من شأنها أن تستند إلى مجتمع مدني وتعترف بحقوق الأقليات. ولكن الانتخابات موجابي تناقض هذا التوجه.
المراجع
Nougarel Fou, Briga LMI, L’architecture de paix et de sécurité en Afrique : bilan et perspectives, Actes colloques, Bordeaux, Ougadougou, nov 2012-oct. 2013
Philippe Hugon, Géopolitique de l’Afrique, 3e ed., Paris, SEDES 2013
Romuald Likibi, La Charte africaine pour la démocratie, les élections et la gouvernance, Paris, Publibook 2012
Dec 30, 2014 | Passage au crible (arabe), المنشورات
مقال: ألكسندر بوهاس Alexandre Bohas
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°123
تلقت شركة سوني مؤخرا عدة تهديدات بعد تصوير وإنتاج المقابلة التي تقتل! يسخر في الواقع هذا الفيلم من النظام الكوري الشمالي وينتهي مع اغتيال الرئيس الحالي كيم جون. سبق أن هوجمت أنظمة الكمبيوتر للشركة وتم كشف ونشر معلومات سرية في حوزتها. تخلت سوني في الوقت الراهن عن نشر هذا الانتاج في قاعات السينما.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
1. ظهور عصر ما بعد دولي. خرج العالم الذي كان يتميز باتجاهات متناقضة من التكامل و التجزؤ من عصر بين الدول المنصوص عليه في معاهدات وستفاليا التي وقعت في عام 1648. إنه يتميز الآن بالعديد من الجهات الفاعلة، والهويات والولاءات المجزأة والمتراكبة. لذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار على نطاق واسع كما فعل جيمس روزنو وييل فيرغسون وريتشارد مانسباك باستخدام مفاهيم السياسات polities وفضاءات السلطة.
2. اقتصاد سياسي للثقافة. يساهم هذا الميدان الجديد الذي بني على ترابط الثقافة والاجتماع في اثراء تحليل العلاقات الدولية لأنه يشتمل على الجوانب السيميائية والأيديولوجية من الظواهر العابرة للحدود الوطنية. تبعا لهذا النهج، يعكس التمثيل الجماعي المجتمع الذي لوحظت فيه مع مشاركتها في إنتاجها. وبهذه الطريقة، يتطلب تحليل الثقافة فهم عمليات الانتشار الهائل والاستيلاء الرمزي التي تشكل قضية رئيسية لجميع أطراف المسرح العالمي.
تحليل
تخشى كوريا الشمالية على الرغم من سيطرتها على وسائل التوزيع والاتصالات من أن تخلق هذه الكوميديا الساخرة اضطرابات داخلية على الرغم من حكمها بيد من حديد. بالإضافة إلى ذلك، إذا عرف الفيلم نجاحا دوليا، فسوف يساعد على تشكيل تمثيل جماعي عالميا للعديد من البلدان خارج الولايات المتحدة، بما في ذلك نقل صورة كاريكاتورية منتقدة للعديد من الدول. نذكر كذلك أن النظام الكوري قد استخدم أيضا السينما كوسيلة للدعاية والإشعاع. نذكر أيضا في هذا الصدد أن كيم جونغ ايل، والد الزعيم الحالي، شرع في اصدار منتوجات سنيمائية كبرى عرفت نجاحا محدودا – مثل Souls Protest (2000) – خارج كوريا الشمالية.
يساهم العصر الرقمي الآن في تفاقم الصراعات القائمة. تعرف الدول سواء كانت استبدادية أو ديمقراطية أو تمارس الهجمات الإلكترونية باللجوء أحيانا إلى خدمات قراصنة محترفين مثل الشبكة الغير الحكومية أنونيموس. تمتلك كوريا الشمالية في هذا المجال وحدة محترفة مكونة من 3000 خبير. في هذه الحالة، يمكن لهذه التدخلات أن تستهدف المنظمات الخاصة – كوكالات الأنباء الكبرى – ولكن أيضا خوادم الشبكة الداخلية الحكومية، مثل وزارة الخارجية، ملحقة أضرارا متعددة بالكيان. ويمكن أن تؤدي هذه الهجمات لشل نشاطها ولتدمير سمعتها و / أو الحصول على وثائق سرية لمعاقبتها اقتصاديا وسياسيا ورمزيا.
في حالة سوني، بالإضافة إلى الخسارة النلتجة عن انتاج وعدم تسويق فيلم المقابلة التي تقتل ! في قاعات السينما، مكنت هذه العمليات من نشر بيانات سرية عامة وتبادل رسائل البريد الإلكتروني بين مسؤولين رئيسيين للشركة الذين ظهروا عنصريين و عديمي الضمير في مراسلاتهم. نضيف أن هذا الهجوم يأتي بعدما خرجت سوني لتوها من قرصنة كبرى لشبكة بلاي ستيشن. لذلك نحن بعيدون عن الصراع بين الدول التقليدي بين الذي يجمع جيشين في ساحة المعركة والذي تركز عليه تحليلات المنظرين الواقعيين.
بدلا من ذلك، فإننا نشهد هنا مواجهة تدور بين شركة هوليوودية كبيرة – عاملة على الصعيد العالمي وبدعم من واشنطن – ومجموعة إجرامية يشتبه في كونها مدعومة من قبل كوريا الشمالية. تشهد هذه الصدمة غير المتوازنة خضوع أحد أكبر الشركات في السينما العالمية ، ضد رأي حكومة بلاده، لابتزاز نشطاء غير معروفين، يستغلون الخوف من هجمات محتملة قد ترتكب في دور السينما. ونحن نشهد “اضطرابا” – وفقا لكلام روزنو – تمكن خلاله بعض الأفراد من زعزعة استقرار عملاقة أمريكية ذات 8 مليار دولار من الإيرادات السنوية. يدل هذاعلى أن العلاقات الدولية قد فقدت الآن طابعها بين الدولي.
المراجع
Best Jacqueline et Paterson Matthew (eds.), Cultural Political Economy, London, Routledge, 2010
Ferguson Yale, Mansbach Richard, A World of Polities. Essays on Global Politics, Abingdon: Routledge, 2008
Rosenau James N., Turbulence in World Politics: A Theory of Change and Continuity, Princeton, Princeton University Press, 1990
Sum Ngai-Lim, Jessop Bob, Towards A Cultural Political Economy. Putting Culture in its Place in Political Economy, Cheltenham, E. Elgar Publishing, 2013
Dec 23, 2014 | Passage au crible (arabe), حقوق الإنساﻥ
مقال: توماس ليندمان Thomas Lindemann
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°122
Source: Wikimedia
لقد دفعت روسيا ثمنا باهظا لضم شبه جزيرة القرم: سقوط حاد في قيمة الروبل، انخفاض عائدات الطاقة، وتجميد أصول القادة في الخارج. لقد قررت الدول الغربية فرض عقوبات عسكرية (الحظر على استيراد وتصدير الأسلحة إلى أو من روسيا) واقتصادية (على سبيل المثال منع المواطنين الأوروبيين من شراء أو بيع الأسهم الروسية) وكذلك تكنولوجية وطاقوية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الدول الأوروبية تحظر الاستثمارات الجديدة لشركاتها في البنية التحتية للنقل والاتصالات وقطاع الطاقة في شبه جزيرة القرم وسيفاستوبول. كما قرر الاتحاد الأوروبي أيضا تجميد أصول عدد من رجال الأعمال الروس القريبين من الرئيس بوتين. وأخيرا، تبدو روسيا سياسيا معزولة على نحو متزايد. خلال قمة G20 التاسعة في بريسبان، أستراليا، يومي 15 و 16 نوفمبر 2014، استقبل بوتين من طرف مضيفه الأسترالي. تم استبعاد روسيا في البداية من G8 لشهر يونيو في سوتشي واستبداله في نهاية المطاف ب G7 في بروكسل. في هذه الظروف، لماذا قامت روسيا بضم شبه جزيرة القرم ولماذا تدعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا على الرغم من التكاليف الاقتصادية والسياسية العالية؟
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
يمكن تناول الأزمة بين روسيا وأوكرانيا في أربع نقاط رئيسية. حصل التطرف الأول من روسيا حيث لم يبدو اللجوء إلى القوة المسلحة ضد أوكرانيا مستبعدا بعد الحملة الدامية ضد المحتجين في ساحة الميدان في كييف وعزل الرئيس يانوكوفيتش من قبل البرلمان في ليلة 21 – 22 فبراير 2014. في ذلك الوقت، انتقد المتظاهرون قرار الحكومة الأوكرانية بعدم التوقيع على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. أعلنت الحكومة الجديدة بقيادة أوليكسانر تورتشينوف ثم أرسيني لازينيوك أنها توافق على الشراكة مع الاتحاد الأوروبي التي انتقدت بشدة من قبل روسيا. قررت الحكومة الروسية منح حق اللجوء السياسي للرئيس السابق كما اعتبرت الحكومة الجديدة غير شرعية محذرة من تهديد جديد للفاشية المعادية لروسيا. نذكر الحادثة الثانية من التطرف في 27 فبراير عندما – “لاختبار قدرتها على العمل” – نظمت موسكو مناورات عسكرية مع جيشها البري في المناطق الحدودية مع أوكرانيا. سيطر في 28 فيفري رجال مسلحون على مطار سيمفاروبول. لذلك، فإن العديد من المراقبين يشكون في دعم روسيا للانفصاليين بأوكرانيا الشرقية، خصوصا أن جزءا من الشرق لا يعترف بالحكومة الجديدة. وبالإضافة إلى ذلك، لا يسهل حظر اللغة الروسية في 13 من 27 منطقة التي تكون أوكرانيا انضمام الجزء الشرقي إلى المؤسسات الجديدة. تحدث الخطوة الثالثة في شهر مارس عندما أعلنت شبه جزيرة القرم المكتظة بالسكان الناطقين بالروسية عن استقلالها والوحدة مع روسيا التي قبلت هذا الإعلان على الرغم من التهديدات بعقوبات اقتصادية ثقيلة جدا. وأخيرا، تتميز السلسلة الرابعة بالدعم العسكري الروسي للانفصاليين والمساعدات التي لا تستبعد استخدام القوة المسلحة. خلال خطاب العام الجديد، حذر الرئيس بوتين مواطنيه أنه من المتوقع أن يشهدوا أوقات صعبة اقتصاديا محملا أوروبا مسؤولية هذا الوضع.
الإطار النظري
1. المناهج الشمولية. تخفيف العقوبات. لفهم تطور السياسة الروسية في ضوء السياسة الأوكرانية والغربية، توجد ثلاثة توجهات نظرية رئيسية مع اثنين من المتغيرات الفرعية – التهديد بالعقاب أو الوعد بالثواب – 1) الردع (الواقعية الهجومية)، 2) الهدوء المطمئن (الواقعية الدفاعية)، 3) العقوبات و / أو المكافآت الاقتصادية (الليبيرالية) أو الجزاءات أو المكافآت الرمزية (على سبيل المثال كاستثناء روسيا من قمة G8).
2. التحليل السياقي. ولكن نأخذ طريقا مختلفا يهتم أكثر بالخصائص الاجتماعية للهدف. يأخذ هذا النهج السياقي بعين الاعتبار نوع الشرعية التي يطالب بها قادة مجتمع سياسي. في الواقع، إذا كان يريد الحفاظ على سلطته، يجب على أي صانع القرار النظر أولا إلى كيف تؤثر قرارات السياسة الخارجية على رأس ماله الرمزي في الساحة الداخلية. وفقا لأطروحتنا – ذات الإلهام الفيبري – تدعي الحكومة الروسية حاليا شرعية كاريزمية كحامية الأقليات الروسية والسلاف الأرثوذكس إضافة إلى هوية ذكورية تركز على عرض القوة واحتقار الموت. لذلك، يمكن أن نفهم بشكل أفضل فشل العقوبات الغربية والضرورة الرمزية التي تدفع الحكومة الروسية لإنقاذ إخوتها.
تحليل
بتتبع تطرف السياسة الروسية، نلاحظ أنها تستجيب في البداية لتحديات هامة يمكن أن تسمى نقاط ضعف رمزية من حيث الصورة واحترام الذات. يسبق التوجه الغربي للحكومة الجديدة وحظر اللغة الروسية الفترة الأولى من التطرف. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار الخوف الروسي من ارتباط أوكرانيا مع الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي. كما لا ينبغي لنا أن نقلل من النداءات للإخوة الروس في شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا التي لم يحرض عليها بالضرورة الرئيس بوتين. وفيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية والدبلوماسية ضد روسيا، فإنه من الصعب أن نقول أنها أدت إلى تفاقم الأزمة، ولكنها لم تسهل المفاوضات. و تكشف بالتالي الكرونولوجية أن السياسات الأوكرانية والغربية ظهرت مكلفة رمزيا لصورة البلاد التي يحاول القادة الروس نشرها في العالم و في بلدهم. توضح دوافع القيادة الروسية الاعتبارات الرمزية في اتخاذ القرار لدعم الروس الأوكرانيين. يظهر الرئيس الروسي كصديق سائقو الدراجات و ذو الحزام الأسود في الجودو، كما يظهر دون قميص أو مع نمر، وغالبا ما يرتدي الزي العسكري. فإنه لم يتوقف عن التأكيد على أن روسيا لا تزال قوة عظمى وأن بلاده لديها – على عكس الغرب – صفات من إيثار والتضحية. ومع ذلك، فإن هذا الخطاب يلقى دائما شعبية كبيرة في روسيا ويبقى التصنيف الرئاسي في مستوى عال جدا في الرأي العام.
تتعارض الصورة البطولية والحامية لبوتين مع تنازلات سياسية تحت الضغط الاقتصادي التي قد تجعله يبدو جبانا. ولكن الزعماء الغربيين لا يتجاهلون بالتأكيد هذه القيود رمزية. يجب أن يكونوا واعين مثل بوتين لشرعيتهم التي تستند بدورها على القيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. هذا ما يدفعنا للإشارة لارتباط بين قرارات صناع السياسة الخارجية و الساحة المحلية بما يتفق مع الدور المطالب به.
المراجع
Jego Marie, “Poutine, le mâle absolu”, www.lemonde.fr, 24 janv. 2014
Lindemann Thomas, Causes of War. The Struggle for Recognition, ECPR, Colchester, 2011
Tsygankov, Andrei P., Russia and the West from Alexander to Putin. Honor in International Relations, Cambridge, Cambridge University Press 2014
Dec 17, 2014 | Passage au crible (arabe), حقوق الإنساﻥ, ﺍلصين
مقال: جوستان شيو Justin Chiu
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Source: Wikipedia
اعتمد مجلس الشعب الوطني الصيني في 31 أغسطس 2014 مشروعا تقييدا لعرقلة انتخاب الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ في عام 2017. أثار هذا القرار في أواخر سبتمبر تعبئة واسعة من العصيان المدني التي تسمى الآن ثورة المظلات. يطالب المحتجون الذين معظمهم من الطلاب بتنظيم انتخابات حرة وتعددية بالاقتراع العام لاختيار المسؤول الأساسي لحكومة هونغ كونغ. ومع ذلك، تعاملت سلطات الإقليم – وخاصة بكين- بحزم دون قبول أي مطلب. وأخيرا، فإن الشرطة أخلت في منتصف ديسمبر جميع المواقع المحتلة.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
تطبق الديمقراطية مؤخرا في هونغ كونغ. خلال الفترة الاستعمارية بين 1841 و 1997، تم تعيين ولاة هونغ كونغ مباشرة من قبل العاهل البريطاني. مختارين من السلك الدبلوماسي باستثناء المحافظ الأخير، كريس باتن، الوزير السابق لحزب المحافظين. تم إدخال مبدأ الانتخابات تدريجيا على مستوى الكانتونات (مجلس مقاطعة) في الثمانينات. أجريت انتخابات مباشرة للمرة الأولى في عام 1991 لانتخاب ثمانية عشر عضوا من الستين الذين يشكلون المجلس التشريعي.
ينص الإعلان المشترك والبريطاني الصيني لعام 1984 الذي وقعه رؤساء الوزراء مارغريت تاتشر وجاو جيانج على عودة هونج كونج إلى الصين في عام 1997. كما يضمن أيضا الاستقلال السياسي للإقليم مع المبدأ الشهير “بلد واحد، نظامين”. ومع ذلك، يمثل القانون الأساسي لهونج كونج المعتمد من طرف مجلس الشعب الوطني الصيني في عام 1990 الدستور الحالي. وفقا لذلك، “للمقيمين الدائمين بهونج كونج الحق في التصويت والترشح للانتخابات” (المادة 25). وعلاوة على ذلك، تم الاتفاق على أن ” يتم اختيار المسؤولين التنفيذيين عن طريق التصويت الشعبي، وبعد الموافقة على المرشحين من قبل لجنة ترشيح واسعة التمثيل وفقا لإجراءات ديمقراطية” (المادة 45). وهكذا، يناقش حاليا تكوين لجنة الترشيح والجدول الزمني للتنفيذ.
منذ عام 1997، توالى ثلاثة رؤساء تنفيذيين خلال أربعة ولايات. تم ترشيح كل منهم من طرف لجنة انتخابية. تحصل ليونج تشون يينغ، الرئيس التنفيذي الحالي، على 57.8٪ (689/1193) في عام 2012. ولكن في الواقع، تعتبر هذه نتيجة سيئة للغاية إذا علمنا أن اللجنة انتخابية شملت مندوبين موالين لبكين تقتصر مهمتهم على التصديق على اختيارات المرشح المختار.
وافق مجلس الشعب الوطني الصيني في أواخر ديسمبر 2007 على تنظيم انتخاب الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ عن طريق الاقتراع العام المباشر في عام 2017. لكن هذا المجلس شدد قواعد الانتخابات القادمة في 31 أغسطس عام 2014. يتوجب على المترشحين– أو ثلاثة كأقصى حد– الآن التحصل أولا على الأغلبية في اللجنة الانتخابية التي ستصبح لجنة الترشيح. تبعا لهذا المنطق، فإن الحزب الشيوعي الصيني سيتحكم في عملية الانتخابات منذ البداية. ومع ذلك، تسبب هذا القرار غير الديمقراطي في موجة من الغضب. منذ أواخر سبتمبر، احتلت الشوارع الرئيسية في وسط هونغ كونغ من قبل الطلاب، وسرعان ما انضم لهم جزء كبير من السكان.
الإطار النظري
1. السلطة القائمة على أساس نظام مراقبة مركزية. يخضع الهيكل السياسي في الصين ذو الواجهة الديمقراطية لنظام نومنكلاتورا، وهو طريقة اختيار اقترضت من المؤسسات البلشفية. يسمح هذا النظام غير الشفاف يسمح للحزب الشيوعي الصيني بانتخاب المرشحين في القائمة النهائية. وعلاوة على ذلك، يتم تأسيس قائمة المرشحين من قبل الإدارة العليا من المستوى الأعلى. تضع بذلك الحكومة المركزية في بكين مخططا هرميا للسيطرة على جميع المستويات. ولكن الرغبة في توسيع نطاق هذا الاحتكار للسلطة السياسية إلى هونغ كونغ تدفع السلطات الصينية للدخول هي في صراع مع الحركة العبر الوطنية للمقاومة الوطنية.
2. المواطنة المبنية من طرف شبكة عبر وطنية للمعلومات. لعبت الشبكات الاجتماعية دورا رئيسيا في جميع مراحل الحدث كناقل للمعلومات وأداة تعبئة. تساعد أحدث الابتكارات التقنية في مجال الاتصالات مع فيسبوك وتويتر وغيرها من تطبيقات التقاسم الفورية على تحويل الفضاء الاجتماعي على الصعيد العالمي. في الواقع، يسمح ظهور هذه الشبكات من الشبكات ببروز نقاش ديمقراطي خارج حدود الصين. تتركز ديناميكيتها التي تتمتع بدعم عابر للحدود في الاستعداد العفوي للأفراد وتنمو دون أي زعيم حقيقي أو تنظيم. ومع ذلك، فإن الجانب السلبي لهذه الميزة يكمن في أن هذه التعبئة عفوية، غير منظمة وغير مستقرة في الزمن.
تحليل
يشهد المسرح العالمي اليوم سلسلة من الثورات الشعبية. وعلى الرغم من تكوينات اجتماعية وسياسية مختلفة جدا، تساهم هذه الحركات الداعية للديمقراطية في ظهور مواطنة عبر وطنية بفضل الشبكات الاجتماعية. تبين المظاهرات – في هونغ كونغ وتايوان وفي كثير من بلدان العالم العربي –قبل كل شيء التوترات بين السلطة المركزية للدولة والديناميكيات عبر الوطنية لشبكات الفردية.
أثرت الابتكارات في مجال الاتصالات في السنوات الأخيرة في المجال العام على مستوى نقطتين رئيسيتين. 1) زادت قدرة الأفراد على تأكيد وجهات نظرهم بسبب نشر وتلقي كمية كبيرة من المعلومات والأفكار. يتمتع الأفراد المواطنون المتجمعون بسلطة كبيرة للدفاع عن المصلحة العامة. 2) تقوي الشبكات الاجتماعية من الترابط بين الأفراد والمجتمعات على مستوى العالمي. يثير أي تهديد – حتى لو جاء من الجانب الآخر من العالم – على القيم التي يدافعون عنها الرغبة في النشاط. وعلاوة على ذلك، توفر أي موافقة فورية للآخرين الذين يشاركون نفس وجهة النظر من خلال مثل، تعليق أو نشر يضفي الشرعية على هذه الإرادة.
وبالتالي، فإننا لا نشعر بالدهشة من تنظيم التعبئة الدولية بسرعة في أعقاب العنف من قبل قوات الأمن ضد طلاب هونغ كونغ. نظمت في 1 أكتوبر تجمعات الدعم في ستين مدينة حول العالم، وحشدت كل مرة مئات الآلاف من الناس. يضاف إلى كل ذلك الشواغل التي أعرب عنها العديد من السياسيين الغربيين و الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. لدرجة تذكير رئيس الدبلوماسية الصينية وانغ يي بمبدأ عدم التدخل عند انتقال إلى واشنطن.
ومع ذلك، ضعفت التعبئة مع مرور الوقت في حين حافظت حكومة بكين على الاصلاح في انتخاب الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ. وبعبارة أخرى، فرض نظام نومنكلاتورا المبهم واللينيني نفسه في هونغ كونغ. نلاحظ في هذا الصدد تزامن هذا التطبيع مع وصول الزعيم الصيني الجديد الى السلطة. في الواقع، منذ توليه منصبه في عام 2012، توجب على شي جين بينغ بسط سلطته قبل الترشح لولاية ثانية. لكن على الرغم من القرارات الجماعية التي اتخذتها السلطات المركزية الصينية، تتواجد أصوات متنافرة. في هذه الحالة، يتوجب على الرئيس الصيني فرض نفسه أمام رئيس وزرائه لي كه تشيانغ الذي يدعم المزيد من الإصلاحات. لذلك، يجب السيطرة على المطالب الديمقراطية أو حتى تدميرها في الوقت الذي يحاول فيه شي جين بينغ تأكيد سلطته.
المراجع
Cabestan Jean-Pierre, « Hong Kong : comprendre la révolution des parapluies», Le Figaro, 10 oct. 2014, disponible à la page : http://www.lefigaro.fr/vox/monde/2014/10/10/31002-20141010ARTFIG00244-hong-kong-comprendre-la-revolution-des-parapluies.php
Cabestan Jean-Pierre, Le Système politique chinois : Un nouvel équilibre autoritaire, Paris, Presses de Science Po, 2014
Musso Pierre, Télécommunications et philosophies des réseaux : La Postérité paradoxale de Saint-Simon, Paris ; PUF, 1997
Rosenau James N., Turbulence in World Politics: A Theory of Change and Continuity, Princeton, Princeton University Press, 1990