May 23, 2011 | Passage au crible (arabe), الاتحاد الأوروبي, حقوق الإنساﻥ
كتبه: فرانك بتيفل Franck Petiteville
ترجمه: خالد جهيمة Kaled Jhima
Passage au crible n°41
لقد اصطف الاتحاد الأوروبي, فيما يتعلق بالأزمة الليبية التي بدأت في ربيع 2011, شيئا فشيئا إلى جانب ثوار بنغازي, المطالبين برحيل العقيد القذافي, وقام بفرض عقوبات على نظامه, في 11 مارس 2011, واقترح عملية عسكرية لأغراض إنسانية في الأول من شهر أبريل.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
اتفاقية مهمة الاتحاد الأوروبي في إدارة الصراعات الدولية قديمة قدم أول تجربة دبلوماسية من خلال التعاون السياسي الأوروبي , في السبعينيات, لكن اتفاقية ماستريخت رفعت مستوى طموحاته في إدارة الأزمات, بإنشائها البي أي إس سي (السياسة الخارجية, والأمن الجماعي), والتي بدت, من ناحية أخرى, عاجزة أمام الصراعات التي نشبت في يوغسلافيا السابقة (250000 قتيل).
إن إطلاق سياسة أوروبية دفاعية في عام 1999 قد منح الاتحاد الأوروبي شيئا فشيئا, آليات عسكرية لإدارة الأزمات, استُخدمت بخاصة في أفريقيا في سنوات العقد الأول من هذا القرن (تدخل في جمهورية الكونغو الديمقراطية في 2003, وفي تشاد في 2003, وعلى الشواطئ الصومالية في 2008 ـ2009).
كما أن تدخل الاتحاد الأوروبي في البحر الأبيض المتوسط, قديم أيضا, وقد عَرَف إطارات مختلفة في السنوات الخمس عشر الأخيرة؛ كآلية برشلونة, (1995), التي تعتمد على مجموعة من اتفاقيات التعاون الاقتصادي, ودعم التنمية, وسياسة الجوار, التي أطلقت في عام 2008.
لكن الاتحاد الأوروبي فوجئ بالربيع العربي, فكانت ردود أفعال دوله, في البداية غيرَ منسقة. ثم بدأ رؤساء الدول, والحكومات فيه, في إظهار موقف موحَّد في أثناء القمة الأوروبية الغير العادية, التي عقدت في 11 مارس 2011.والتي أكدوا فيها دعمهم الثورات العربية, وبخاصة فيما يتعلق بالتحول الديمقراطي في مصر, وفي تونس. أما فيما يتعلق بليبيا, فقد أدانوا, على العكسِ, القمع الذي أعلنه العقيد القذافي”غير الشرعي”, واعترفوا بـ “المجلس الوطني الانتقالي” الذي أسسه الثوار في بنغازي, باعتباره “محاورا شرعيا”. كما قام الاتحاد الأوروبي, دعما لقرارات مجلس الأمن, بتبني عقوبات ضد نظام القذافي (كالحصار على الأسلحة, والمنع من التأشيرة, وتجميد الأموال. إلخ.). لقد أبدى الاتحاد, بخاصة, نيته في منع النظام من جني أرباح صادرات النفط, والغاز. ثم تجاوز مرحلة جديدة في الأول من شهر أبريل, بوضع أساس قوة أوروبية خاصة بليبيا, للقيام بعملية عسكرية, في إطار البي إي إس سي (السياسة الخارجية, والأمن الجماعي), تهدف إلى تأمين المساعدات الإنسانية للنازحين بسبب النزاع, يمكن أن يطلبها مكتب الأمم المتحدة للأعمال الإنسانية.
الإطار النظري
لنمسك بِخَطي قوة اثنين
1ـ الأزمة الليبية باعتبارها اختبارا لوحدة السبع والعشرين دولة. يبدو مفهومُ سياسة خارجية أوروبية, من منظور النظرية الواقعية للعلاقات الدولية, غامضا؛ فالدول وحدها هي التي تتمتع, في الواقع, بمواصفات السياسة الخارجية, أي الاستقلال, والمصلحة الوطنية, والقوة العسكرية. لا تزال دول الاتحاد الأوروبي, في هذا السياق, مترددة في التنازل عن سيادتها فيما يتعلق بالسياسات العليا, على عكس ما هو حاصل في الجوانب الاقتصادية. لذا فإن الواقعيين لا يستغربون أن تعمل دول الاتحاد الأوروبي, كل على حدة, وأن تنظر كل منها إلى مصلحتها الوطنية أولا, في أثناء الأزمات الدولية, كما حصل عند الانقسام الأوروبي حول حرب العراق في عام 2003. يمكن للأزمة الليبية أن تعزز هذه الرؤية أيضا؛ لأن الأوروبيين لم يُظهروا موقفا موحدا, قويا جدا, وواضحا. بل على العكس تماما, إذ عملت الدبلوماسيات الأوروبية على انفراد؛ فقامت فرنسا نيكولا ساركوزي, وبريطانيا دفيد كمرون بفرض فكرة تدخل خارجي مسلح قبل الأوان. أما ألمانيا إنجيلا ميركل, فقد رفضت كل مخاطرة تقود إلى حرب, وامتنعت عن التصويت في 17 مارس ,2011 على قرار مجلس الأمن رقم 1973 المتعلق بفرض منطقة حضر جوي. كما واصلت إيطاليا برلسكوني, من جهتها, مماطلتها, منذ إعادة تأكيدها الصداقة الليبية الإيطالية, في بداية الأزمة, حتى التغيير الاضطراري مع بداية عمليات التحالف العسكرية في نهاية أبريل 2011.
2 ـ اختبار لمصداقية سياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية بعد لشبونة. علقت كثير من الآمال, في السنوات الأخيرة, على الإمكانيات الجديدة في مجال السياسة الدفاعية الأوروبية المشتركة, وعلى آليات السياسة الخارجية الأوروبية التي أسست لها اتفاقية لشبونة, من مثل تسمية رئيس للمجلس الأوروبي, وممثل سام للسياسة الخارجية الأوروبية, والأمن, وإنشاء قسم أوروبي للعمل الخارجي. لكن لا يبدو أن إدارة الاتحاد الأوروبي الأزمةَ الليبية على هذا النحو, قد حققت هذه الآمال, فحلف شمال الأطلسي هو الذي يتولى, على المستوى العسكري, قصفَ قوات العقيد القذافي, وليس الاتحاد الأوروبي, ولم تجر تعبئة السياسة الدفاعية الأوروبية المشتركة, إلا على هامش الصراع , من أجل تنفيذ عملية ذات بعد إنساني محتملةٍ. أما على المستوى الدبلوماسي, فقد فعل هيرمان فان رومبوي, وكاثرين أشتون ما أمكنهما فعله, من أجل نقل المواقف الأوروبية إلى المسرح الدولي, لكن رؤيتها ظلت محدودة بسبب عدم تجاوز الحد أدنى من التوافق بين أعضاء الاتحاد الأوروبي. يبدو أن الأزمة الليبية قد أظهرت مرة أخرى الهوة بين الإمكانيات, والتوقعات الموجودة في الاتفاقيات الأوروبية, وفي خطاب الاتحاد الأوروبي الرسمي. أو بمعنى آخر, الهوة بين التوقعات التي يثيرها الاتحاد الأوروبي في الرأي العام, وبين إنجازاته الفعلية على المستوى الدولي.
تحليل
لقد دللت الثورات العربية, وبخاصة الليبية منها, على محدودية السياسة الأوروبية الخارجية؛ فالأوربيون تأخروا في التجاوب مع مطالب الشعب العربي الديمقراطية, واتخاذ موقف واضح يطالب الديكتاتوريين بالتنحي, كما فعل أوباما فيما يتعلق ببن على, ومبارك. أفرغت هذه الثورات المتتالية, في الواقع, سياسات التعاون التي روج لها الاتحاد الأوروبي في صالح البحر الأبيض المتوسط, منذ وقت طويل, من محتواها؛ فلم يكن نشر الديمقراطية في هذا الإقليم رهانا أساسيا من رهانات هذه السياسة, في يوم من الأيام (لم يتم تفعيل شرط الديمقراطية المدرَج في الاتفاقيات الأوروبية المتوسطية أبدا). من جهة أخرى, فقد بدا الخوف الأوروبي من الهجرة القادمة من المغرب, ومن أفريقيا الساحلية, الرهانَ الذي بنيت عليه السياسة الأوروبية دائما. كما زاد هذا الاهتمام بذلك بعد الثورات العربية, وبعد الأزمة الليبية.
لم يتوصل الأوربيون, إذن, إلى اتفاق جوهري, في ظل تدخل عسكري في ليبيا, من أجل إعطاء شكل للمبدإ الشهير “مسؤولية الحماية”. صحيح أن الاتحاد الأوروبي قد دعم قرارات مجلس الأمن الدولي المتتالية, وبخاصة ذاك المتعلق بفرض عقوبات على القذافي, وعلى إحالته إلى محكمة الجنايات الدولية, وأيضا ذاك المتعلق بفرض منطقة حضر جوي, كما اشترك, إلى جانب الجامعة العربية, والاتحاد الأفريقي, في محادثات مجموعة الاتصال حول مستقبل ليبيا . لكنه توارى, وهو يفعل ذلك كله, خلف مجلس الأمن, ونسبيا, خلف مبادرات بعض أعضائه (فرنسا, والمملكة المتحدة). أما على المستوى العسكري, فإن العرض الأوروبي بتدخل عسكري إنساني لا يمكن إهماله بالتأكيد, لكنه سيكون في النهاية عملية محدودة. ستترك إدارة الاتحاد الأوروبي الأزمةَ الليبية, إذن, ذكرى رد فعل متشبث بالحد الأدنى من القواسم المشتركة (عقوبات, عملية إنسانية) بين أعضاء منقسمين, مرة أخرى, حول شرعية اللجوء إلى القوة.
المراجع
Delcourt Barbara, Martinelli Marta, Klimis Emmanuel (Éds.), L’Union européenne et la gestion de crise, Bruxelles, éditions de l’Université de Bruxelles, 2008, 270 p
Petiteville Franck, « Les mirages de la politique étrangère européenne après Lisbonne », Critique internationale, avril-juin 2011, pp. 94-112
May 2, 2011 | Passage au crible (arabe), حقوق الإنساﻥ, ﺍلعدل الدولي
Yves Poirmeur مقال: ايف بوامور
ترجمة: مصطفى بن براح Moustafa Benberrah
Passage au crible n°40
قرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في قرار 1970 من 26 فبراير 2011 بمنح الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية حول الوضع في ليبيا. في الواقع، اشتبه نظام العقيد القذافي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ابتداء من 15 فبراير 2011 بقمعه التمرد الذي انفجر في شرق البلاد وشنه هجمات منتظمة وعلى نطاق واسع ضد المدنيين. ففتح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية , لويس مورينو اوكامبو تحقيقا ابتداء من 3 مارس . ثم أعلن يوم الجمعة 13 مايو 2011 أنه سوف يطلب من القضاة إصدار مذكرات توقيف دولية ضد “الأشخاص الثلاثة الذين يبدو أنهم يتحملون القسط الأكبر من المسؤولية”. بالإضافة إلى ذلك، نذكر بأن بعد عدم ردع القرار 1970 الحكومة الليبية عن مواصلة القمع العسكري، أذن مجلس الأمن بالتدخل العسكري الجوي (قرار 1973 (2011)).
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
تأسست المحكمة الجنائية الدولية في عام 1998 بموجب اتفاقية روما كأول محكمة جنائية دولية دائمة ومستقلة متكلفة بمقاضاة مرتكبي الجرائم الدولية الخطيرة الذين لم تحاكمهم الدول الأطراف بموجب الولاية القضائية العالمية.في حين أن 78 دولة عضوا في الأمم المتحدة لم تصادق على النظام الأساسي مما يسمح لها بإيواء هؤلاء المجرمين، الخيار المتاح أمام مجلس الأمن باغتنام هذه الشرعية، في إطار الخطوات التي يمكن اتخاذها عندما يهدد السلم والأمن الدوليين (الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة) هو وسيلة إضافية لمكافحة فعالة ضد الإفلات من العقاب. و قد اعتمدت هذه الإجراءات سابقا لأول مرة للجرائم المرتكبة في دارفور ( قرار 1593 ,1 نيسان 2005) . عند اعتمادها مرة أخرى، يؤكد مجلس الأمن شرعية المحكمة الجنائية الدولية للتعامل مع الوضع في الدول التي ترفض قدرتها وتعتبرها أداة للأمبريالية الغربية. كما يجدد أيضا أهمية هذه الآلية من خلال جعل استخدامها وقائي.
الإطار النظري
1. تقنين و جنائية الصراعات الدولية.إن فرض سلطة المحكمة الجنائية الدولية لا يقتص فقط على الدول التي قبلت ولايتها من خلال المصادقة على نظامها الأساسي. في الواقع ، على الرغم من أنها بطبعها نادرة و الفوري ، فإن قرارات مجلس الأمن التي تدرجها, فيما يخص الحالات المستهدفة، تعطي لها سلطتها العالمية . عن طريق الرجوع إليها في القضية الليبية، فإن مجلس الأمن لا يكرس فقط شرعية المحكمة الجنائية الدولية كقاض جنائي عالمي مسؤول عن مراقبة التزام الدول بحماية سكانها. بل ينقل أيضا الصراع إلى المجال الجنائي، ويكمل بذلك مجموعة التدابير التي يتعامل بها مع الصراع.
2. توسيع اقتصاد عقوبات دولية للتهديد الجنائي. إن إحالة الوضع الليبي إلى المحكمة الجنائية الدولية يجسد الفكرة القائلة بأن خطر المقاضاة الجنائية الدولية قد يلعب دورا هاما في الوقاية من الجرائم الدولية من خلال الردع عن الانتقال الى الفعل. كما أن هذه الإحالة يثري ترسانة من التدابير لمنع الصراع والرجوع إلى السلام. فهي بذلك تشارك في اقتصاد جديد من التهديد الدولي المؤثر على القادة السياسيين. يستند هذا على ما يلي: 1) تسليط الضوء على خطورة العقوبات الجنائية المفروضة، 2) التيقن من ان المتابعات ستتخذ ضد مرتكبي الجرائم، 3) وجود سلطة قضائية مختصة لمحاكمتهم. ومع ذلك، إذا ثبت بوضوح مبدأ استخدام هذا التهديد، فإن قوة ردعه لا تزال محدودة للغاية.
تحليل
رغم عدم مصادقة ستة من أعضاء مجلس الأمن – بما في ذلك الدائمين الثلاثة (الولايات المتحدة وروسيا والصين) – على نظام روما الأساسي ، صودق بالإجماع على قرار 1970 مما يؤكد شرعية المحكمة الجنائية الدولية التي عززت من جهة أخرى بدعم الجامعة العربية والمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان. حيث تم الاعتراف بوظيفتها المتمثلة في اعتمادها من قبل مجلس الأمن في حالة عدم تحمل دولة مسؤوليتها في حماية سكانها من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية (القمة العالمية لعام 2005 (60 / 1)) . تقف المحكمة الجنائية الدولية رمزيا في صف الشعب ضد الطغاة ، وتقدَم كقادرة على إيقافهم في عملياتهم الاجرامية. كما تم إدراجها في شبكة مؤسسية متماسكة لحماية حقوق الإنسان ومكافحة الإفلات من العقاب، والتي تضم المنظمات غير الحكومية للدفاع عن حقوق الإنسان، لجنة حقوق الإنسان، والمنظمات الإقليمية مما يجعلها تبدو جزءا لا يتجزأ من هذه الشبكة ، وعلى هذا النحو تكسب الكثير من التعاطف. عموما، يساعد سياق الثورات العربية على انتشار صورة المحكمة الجنائية الدولية كحامي للشعوب، كما ساعدت على محو فكرة أن المحكمة يمكن أن تكون مجرد أداة للإمبريالية الغربية. رغم قوة المطالبة بتدخلها من طرف المتمردين الذين يدينون جرائم الدكتاتورية، إلا أن قادة الأنظمة الاستبدادية لا يكادون يدينونها في محاولة للبقاء في السلطة عن طريق ترك فتحات ديمقراطية محدودة (المغرب، الجزائر).
إذا كان يتعلق التحقيق المفتوح مباشرة بالسلطات الليبية ، وإذا ذكر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أنها ستتناول أيضا الجرائم المحتملة التي ارتكبها المتمردون ، فقد كان قرار 1970 حريصا على تحديد صارم لموضوع الإحالة – الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبت منذ 14 فبراير 2011 – واستبعاد مواطني الدول التي لم تصادق على النظام الأساسي للمحكمة. هذا الحكم يبين كيف أن مكافحة الإفلات من العقاب لا يزال مرتبطا بشكل وثيق بمصالح الدول. بالطبع ، قد تخدم شرعية المحكمة الجنائية الدولية على نحو أفضل دون استثناءات مثل هذه ،و التي تعرضها لانتقاد الانتقاء. ولكن بدونها، فإن الوضع ربما لم يكن ليحل، ومشاركة الولايات المتحدة في التدخل الجوي العسكري المقرر فيما بعد قد يبطل.
في حين أن ترسانة من التدابير التقليدية التي لا تتضمن استخدام القوة (من ميثاق الأمم المتحدة، المادة 21 و 41) المطبقة على الاشخاص – حظر السفر ، وتجميد الأموال – تؤثر مباشرة على المتلقين لها ، بحيث يجب أن نعطي لملاحقة واعتقال وإدانة المسؤولين عن الجرائم الدولية وجود احتمال كبير لتتمكن العدالة الدولية من أداء دور رادع. حتى لو كانت مصداقية العدالة الجنائية الدولية يمكن أن تنتج من الادانات والتحقيقات الجارية منذ إنشاء المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة جرائم يوغوسلافيا TPIY ،فإنها لا تزال قليلة جدا لأخذ بعين الاعتبار الخطر الجنائي في حسابات طغاة كمعمر القذافي، ومتخصصون في الشؤون العسكرية والشرطيون المتخصصون في القمع أو زعماء الفصائل المسلحة الجاهزون لكل شيء للوصول للسلطة. وأكد استمرار القمع أن الدليل الليبي ومعظم الزعماء الليبيين غير قابلين لهذه الحجة. يجب وضع إحالات منهجية تتدخل عند الإنذار الأول وتوفير أموال كافية لإجراء تحقيقات (القرار 1970 يترك التمويل على حساب الدول الأطراف في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية)، من أجل تحويل هذه الاحتمالات إلى واقع وبالتالي التأثير المحتمل على الأنشطة الإجرامية للقادة الأقل تصميما. إن البطء و الانتظار اللذان -لأسباب ومصالح خاصة بالمنطقة – كرسا تعامل مجلس الأمن مع الوضع في ليبيا و التأخير في ارسال المحكمة الجنائية الدولية (في حال القيام بذلك في نهاية المطاف) يتناقض مع سرعته – بعد 10 أيام من بدء النزاع في ضوء المعلومات الأولية التي جمعتها لجنة حقوق الإنسان – إلى إحالة الوضع الليبي. يمكن أن يؤكد أن مثل هذا التأخير سوف يتطلب وقتا طويلا لكي يؤدي اليقين من العقاب إلى الفضائل الوقائية المنسوبة لهذه المحكمة. ومع ذلك، فإنه يبدو أن انتقاد الزعماء الرئيسيين للنظام كمجرمين دوليين عزز التفرق، أو التراجع، أو التجمع مع المتمردين للزعماء السياسيين والعسكريين الأقل التزاما، الباقين حتى الآن على ولائهم للنظام. ولكن أبعد من هذا التأثير الوقائي غير المؤكد، فإن مثل هذه الإحالة لها مزايا أخرى قمعية. وبالتالي ، فإنه يسمح بفتح تحقيق وجمع الأدلة على الفور التي من شأنها أن يكون جمعها أكثر صعوبة بعد ذلك – إذا كانت الأدلة كافية – و الاصدار السريع لمذكرات توقيف دولية، على الرغم من أن الصراع لم تكتمل بعد.إن إصدار أوامر من هذا القبيل تجعل من المستحيل – أو على الأقل صعبة للغاية – أي تسوية سياسية مع أولئك المستهدفين، لضمان إفلاتهم من العقاب بالعثور لهم على أرض جديدة.
المراجع
Sur le conflit : Marzouki Moncef, Dictateurs en sursis. Une voie démocratique pour le monde arabe (entretien avec Vincent Geiser), Paris, Éd. de l’atelier, 2011
Conseil de sécurité : Résolutions 1970 (2011) et 1973 (2011) sur la situation en Libye
May 1, 2011 | Passage au crible (arabe), الأمن, البيئة
Clément Paule بول مقال: كليمون
ترجمة: مصطفى بن براح Moustafa Benberrah
Passage au crible n°39
Source : Flickr
وفقا لطبعة 3 مايو ليومية اساهي شيمبون ، قيمت الحكومة اليابانية مبلغ التعويض الواجب دفعه من قبل شركة تيبكو TEPCO (شركة طوكيو للطاقة الكهربائية) بحوالي 50 مليار دولار. قرابة ثلاثة أشهر بعد زلزال 11 مارس 2011 ، يبدو أن الشركة الكهربائية الآسيوية الأولى لا تزال غير قادرة على السيطرة على الحادث الذي وقع في محطة فوكوشيما- دايشي. ومع ذلك، فقد كانت مسألة تعويض الضحايا – الأفراد والمجتمعات المحلية – مصدرا للجدل في حين بقيت السلطات وكذلك الصناعة مصدر انتقادات شديدة لإدارتها للأزمة. وبالتالي ، فقد ركز رئيس شركة أرباب العمل القوية نيبون كيدانرين (الاتحاد الياباني للمنظمات الاقتصادية) ، هيروماسا يونيكورا ، على مسؤولية الدولة الواجب عليها ضمان التعويض الكامل. في الحين ، قدرت مجموعة جيه بي مورغان تشيس التكلفة المالية لهذه الكارثة بحوالي 24 مليار دولار لتيبكو ، في حين أشار بنك أوف أميركا ميريل لينش إلى خمسة أضعاف هذا الرقم.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
يعتبر اليابان ثالث أكبر منتج للطاقة النووية – وراء الولايات المتحدة وفرنسا – حيث يملك الآن حوالي خمسين مفاعلا نشطا يولدون ما يقرب من 30 ٪ من كهرباء البلاد. للحد من تبعيتها الكبيرة في مجال وقود الحفريات ، اختارت الحكومة اليابانية منذ السبعينات استراتيجية تركز على الصناعة النووية. مدعوما من طرف الاستثمارات الضخمة والتعاون الأميركي ، نمى هذا القطاع بشكل كبير حول توشيبا , هيتاشي وميتسوبيتشي للصناعات الثقيلة. في عام 2006 ، أكدت وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة METI على هدف انتاج 50 ٪ من احتياجاتها من الكهرباء من هذه التكنولوجيا بحلول عام 2030 . حيث يتم استمرار أو التخطيط لبناء حوالي اثني عشرة هيكلا جديدا على مدى العقود المقبلة.
نتذكر أيضا أن تيبكو أكبر شركة في السوق اليابانية ورابع شركة في العالم- بعد RWE ، EDF (كهرباء فرنسا) و E. ON – أنشئت في عام 1951 في اطار نهاية احتكار الدولة للطاقة. منذ الستينات ، عرفت الشركة نموا كبيرا واستثمرت في الطاقة النووية: بدأ مجمع فوكوشيما دايشي العمل في مارس 1970. في وقت قصير، فرضت تيبكو نفسها كأول شركة متعددة الجنسيات منتجة للكهرباء في آسيا. ومع ذلك ، تعكر هذا التصاعد المفاجئ بفضائح عديدة : في أغسطس 2002 ، كشفت السلطات التزوير من قبل الشركة لعشرات من الوثائق لإخفاء الحوادث التي وقعت في مرافقها منذ السبعينات. بصفة عامة ، الجدالات المورطة للصناعة تضاعفت مع حوادث توكايمورا في عام 1999 أو ميهاما في 2004. فيما يتعلق بشركة تيبكو ، أدى زلزال شيوتسو الذي وقع في عام 2007 الى اغلاق أكبر محطة لها – كاشيوازاكي- كاريوا ، والتي تقع على بعد 250 كم شمال طوكيو – لمدة 21 شهرا. حيث سجلت الشركة خسائرها الأولى منذ 28 سنة، و التي قدرت بحوالي 4.4 مليار دولار.
الإطار النظري
1 .شبكة من الولاءات في القطاع النووي. نددت جماعات الدفاع عن البيئية معتمدة مصطلح الأوليغاكية للتعبير عن التواطؤ الذي يجمع هيكلة القطاعين العام والخاص للطاقة النووية، و الذي ينظم مسار الأزمة. يتميز صناع القرار باللامسوؤلية السياسية والقضائية ، و يحاولون الحفاظ على تضامن فعلي في مواجهة صعود الانتقادات.
2 .استراتيجيات التجنب (تجنب اللوم blame avoidance). مع ذلك، أصبحت إدارة الكوارث في نفس الوقت مجال توتر بين هذه الأطراف بشأن اسناد المسؤولية. في هذه الحالة ، حاولت الحكومة -الضعيفة حتى قبل وقوع الزلزال- تحميل مسؤولية الحادث لتيبكو.
تحليل
في البداية ، ينبغي تسليط الضوء على أوجه التشابه لهذا الحدث مع تورط شركة بريتيش بتروليوم (بي بي) في تسرب النفط في خليج المكسيك في عام 2010. في الواقع، يظهر كل من انتقاد شركة متعددة الجنسيات منحرفة، والتشكيك في الاستعانة بمصادر خارجية أو هبوط قيمة البورصة للشركة كعناصر مشتركة لظروف مرحلة ما بعد الحادث. بالإضافة إلى ذلك ، لا يبدو أن تيبكو قادرة على السيطرة على الوضع لان خطتها الاولى لإنهاء الازمة لم تعرَض إلا في 18 أبريل 2011. أما مسؤوليها ، فبرزوا كمجرد لاجئين في مظاهرات عامة من الندم. خصوصا وقد ثبت ان اتصالات الشركة غير كافية أو غير صحيحة. وحفزت هذه الاخفاقات المتعددة التي أنهت تدمير سمعة هذا الفاعل المنتقد من قبل الدولة على تطور الخلافات الاجتماعية والتقنية و الخبرات البديلة. ولكن ، على عكس شركة بي بي في عام 2010 ، من المهم أن نلاحظ افلاس الوكالات التنظيمية الوطنية ، وخاصة وكالة السلامة النووية والصناعية NISA ، المسؤولة عن عمليات التفتيش في METI ، و لجنة السلامة النووية. على الرغم من عمل –المبلغين- أو –المخبرين whistleblowers – كعلماء الزلازل كوتسوهيكو إيشيباشي و كييو موجي الذين أدانوا أيضا تضارب المصالح ، لم تتم مراجعة المعايير. علما بأن بعض التوصيات للوكالة الدولية للطاقة الذرية تم تجاهلها ، بما في ذلك التوقف لمدة خمس سنوات عن تخصيب واعادة معالجة اليورانيوم ، على الرغم من مطالبة المدير السابق محمد البرادعي بذلك.
ومن جهة أخرى نلاحظ الموقف الغامض للحكومة اتجاه تيبكو التي هددت بالتأميم و في نفس الوقت أيدت من قبل الدولة. على هذا النحو ، فإن استبعاد المنظمة غير الحكومية غرين بيس – لإجراء قياس الإشعاع أو وضع صندوق للتعويضات يهدف لتجنب افلاس الشركة – يمكن أن يترجم هذا الدعم. نذكر أن السلطات في الماضي قد غطت الحوادث التي تعرض الشركة للخطر، مما جعل لفضيحة عام 2002 أثرا محدودا على المجموعة. كما نشير إلى الآثار المترتبة على تدويل أطراف الطاقة النووية اليابانية التي رافقت زيادة عدم التنظيم في التسعينيات. نذكر على سبيل المثال اتفاق JINED ( التنمية الدولية للطاقة النووية لليابان) المبرم في أكتوبر 2010 بين الحكومة والصناعة لتصدير التكنولوجيا الى الخارج. إضافة إلى هذا ، نذكر الدور المركزي للتيبكو في بروتوكول كيوتو ، لتحقيق أهداف البلاد في التقليل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون CO2. نلاحظ هنا تعزيز التقارب المؤسساتي و الاستراتيجي من خلال شبكة من الولاءات تجمع الإدارة العليا و شركات الكهرباء المتبلورة في إطار وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة ، المسؤولة عن تشجيع كل من الطاقة النووية و المراقبة الأمنية.
حاليا ، نتج عن هذه الحالة غلق مجال مديري الكارثة ، وخصوصا في إنتاج تقييمات التسربات الإشعاعية. يستدل على ذلك من استقالة الأستاذ الراحل طوشيزو كازاكو في نهاية نيسان -المستشار العلمي لرئيس الوزراء – لاعتراضه مع الإجراءات التي اتخذها مجلس الوزراء. علاوة على ذلك، انتقد النقاد والمعلقين تدفقا دائريا من المعلومات – على حد تعبير ب. بورديو – المنظم من طرف المسؤولين الموالين للقطاع النووي. خلافا لموقف الولايات المتحدة ضد شركة بريتيش بتروليوم ، تفاوت موقف السلطات اليابانية بين نوع من التضامن مع تيبكو واستراتيجية تجنب عبر انتقاد الفاعل المنحرف. في جميع الأحوال لم يتم انتقاد التواطؤ و التداخل بين القطاعين العام والخاص كمبدأ. تبدو إذا مخاطر الخيٌال المنفرد – free riding- بمشاركة دولة في السيطرة ، أو إخفاء المعلومات باسم أولوياتها الاستراتيجية. هذا التنظيم للسر – الذي لا يمكن أن يعزى إلى انفراد ياباني مزعوم – وهو خطر ليس فقط للسكان ، ولكن في هذه الحالة أيضا بالنسبة للصالح العام العالمي. و يطرح كل هذا إشكالا لاهتمام الهيئات التنظيمية الدولية – بما في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية- بالجانب العسكري لتكنولوجيا ذات الاستخدام المدني المحفوف بالمخاطر.
المراجع
Chateauraynaud Francis, Torny Didier, Les Sombres précurseurs : une sociologie pragmatique de l’alerte et du risque, Paris, Éds. de l’EHESS, 1999
Ishibashi Katsuhiko, “Why Worry? Japan’s Nuclear Plants at Grave Risk from Quake Damage”, International Herald Tribune, 11 août 2007
McCormack Gavan, « Le Japon nucléaire ou l’hubris puni », Le Monde diplomatique, avril 2011
Poirmeur Yves, « Qu’est-ce qu’une information loyale ? », in: Josepha Laroche (Éd.), La Loyauté dans les relations internationales, 2e éd., Paris, L’Harmattan, 2011. Col. Chaos International
Weaver Kent R., « The Politics of Blame Avoidance », Journal of Public Policy, 6 (4), 1986, pp. 371-398
Apr 26, 2011 | Passage au crible (arabe), الديبلوماسية, الهجرة الدولية, شمال- جنوب
كتبه: كاثرين دي ويندن Catherine Wihtol de Wenden
ترجمه: خالد جهيمة Kaled Jhima
Passage au crible n°38
موضوع اللقاء الذي يجمع بين نيكولا ساركوزي, وسيلفيو برلسكوني, في 26 أبريل 2011 , هو الهجرات المترتبة على الثورات العربية؛ فقد أعلنت فرنسا تطبيق شرط الحماية الموجود في اتفاقية شنغن ضد المهاجرين الذين يصلون عبر الحدود الفرنسية الإيطالية.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
أثارت الثورات التي حصلت على ضفة البحر الأبيض المتوسط الجنوبية, خطابات تحذر من خطر الهجرة, التي قد تتسبب فيها, على أوروبا. هكذا نبه الرئيس ساركوزي في خطابه بتاريخ 27 فبراير 2011 من الأخطار التي قد تترتب على هذه الثورات, التي حياها, ورحب بها, في موضوعي الهجرة, والإسلام السياسي. لقد أشار إلى الآثار الخطيرة التي قد تتركها على “تدفق الهجرات التي أصبحت السيطرة عليها صعبة, وعلى الإرهاب”, وأضاف أن ” أوربا كلها ستكون في الطليعة”. لم تكف وسائل الإعلام, منذ ذلك الحين, عن التساؤل عن الروابط التي تجمع بين الثورات داخل هذه البلاد, وحركة الهجرات التي قد تنشأ عنها, على الرغم أنه من الناذر رؤية ثوار يهجرون أوطانهم, دون انتظار فوائد النصر الذي حققوه, في مجال الحريات, والعدالة. لقد تسبب وصول 28000 تونسي, وليبي, بعد شهر من ذلك, إلى الجزيرة الإيطالية لامبيدوزا, في خلاف بين رئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو برلسكوني¸ الذي قرر منح بطاقات إقامة مدتها ثلاثة أشهر, لطالبي اللجوء ـ وفرنسا التي رفضت السماح لهؤلاء المهاجرين بعبور الحدود الفرنسية الإيطالية, التي تخضع لاتفاقيات شنغن (حرية التنقل داخل الدول المنضمة لهذه الاتفاقية, وهي 28 دولة أوروبية). لذا فقد أعلنت السلطات الفرنسية , في 20 أبريل 2011, إيقافَ تطبيق هذه الاتفاقية مؤقتا, وتطبيقَ شرط المحافظة الذي نصت عليه الاتفاقية “في حالة وجود تهديد للأمن العام”, والعودة إلى سيطرة الدولة على حدودها.
الإطار النظري
لِنَبقَ على خَطَّي قُوَّة
1ـ اتفاقيات ضبط الحدود الثنائية, ومتعددة الأطراف, دبلوماسية جديدة للهجرات. الهدف من هذه الاتفاقيات الموقَّعة بين دولة من الاتحاد الأوروبي, ودولة مجاورة لها, أو بين دولة من خارج الاتحاد الأوروبي, والاتحاد الأوروبي, هو الحدُّ من تدفق الهجرات, من خلال تطبيق سياسة ضبط عملية الذهاب, وترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى الحدود, في مقابل سياسات تنموية, واتفاقات تجارية, أو منح النخبة كروتَ إقامة. المثال الأكثر شهرة في هذا السياق, يتمثل في اتفاقات إعادة القبول بموجب الاتفاق الأوروبي حول الهجرة, واللجوء لعام 2008., الذي طبقته مجموعة من الدول بطريقة ثنائية؛ كما هو حال النصوص التي وقعتها إيطاليا, وليبيا في هذا السياق, والتي تجعل من هذه الأخيرة حارسا لحدود أوروبا من المهاجرين الغير شرعيين, وطالبي اللجوء, الذين تعهدت بتصفيتهم, دون أن تكون من ضمن الدول الموقِّعة على اتفاقية جنيف الخاصة باللجوء (1951). وقد طلبت طرابلس, في ذلك الوقت, من حكومة سيلفيو برلسكوني 5 مليار دولار مقابل ذلك. كما وقعت تونس اتفاقيات ثنائية مع إيطاليا, وفرنسا تتعهد بموجبها بضبط حدودها, واسترجاع المهاجرين الغير شرعيين.
2 ـ سياسة تصدير الحدود الأوروبية إلى الخارج. يثير فقدان السيطرة على اتفاقيات إعادة القبول, بسبب نهاية الديكتاتوريين الذين وقعت معهم, التساؤل حول فعالية الآليات الأخرى لضبط الحدود الأوروبية. يتعلق الأمر, من جهة, باتفاقيات شنغن حول مراقبة, وضبط حدود أوروبا الخارجية, ومن جهة أخرى باتفاقات دبلن حول حق اللجوء لأوروبا؛ وفي النهاية إنشاء شرطة أوروبية مشتركة لضبط الحدود الأوروبية (فرونتيكس). لكن يمكن للمرء أن يتساءل,نظرا لضعف تنفيذ اتفاقات إعادة القبول, وضبط الحدود الثنائية الموقعة مع ليبيا, وتونس, عن قدرة الوسائل المتخَّذة لضبط الحدود الأوروبية الخارجية, التي تعد رأس حربة السياسة الأوروبية بشأن الهجرة, واللجوءِ منذ انطلاق الميثاق الأوروبي في عام 2008. ما هو الدور الذي تقوم به فرونتيكس؟ ستقوم بإنقاذ غرقى البحر الأبيض المتوسط, ونقلهم إلى السواحل الأوروبية, لكنها تشكو نقصا في مواردها, على الرغم من أن ميزانيتها قد رفعت في عام 2010 لتصل إلى 88 مليون يورو. نشير أيضا إلى أن الوسائل الأوروبية تبدو ضعيفة الأثر عندما يتم توقيع اتفاقيات ثنائية مع مستبدين؛ إذ ليس لمصر, وتونس, وليبيا, في الواقع, اتفاقا متعدد الأطراف مع الاتحاد الأوروبي, بشأن إعادة القبول. أما اتفاقيات ضبط الحدود الثنائية الموقعة بين رؤساء الدول, والتي أنجزت بمساومات بين هؤلاء, فإنها تبدو ضعيفة القدرة؛ لأن الأنظمة التي خَلَفت الديكتاتوريين لا ترى نفسها مُلزَمة باحترامها. يبقى في النهاية الإشارة إلى أن من أسباب المشاكل الحالية التي تعانيها إدارة تدفق الهجرات, أيضا, عدم ظهور الدول الأوروبية موحدة من أجل “تقاسم العبء” الإيطالي.
تحليل
إن إلقاء لمحة سريعة على سياقات الهجرة, ذهابا, واستقبالا, على شاطئ البحر الأبيض المتوسط الجنوبي, لتقود إلى تحديد حالات متعدد من الهجرة. فتونس البلد المصدر للهجرة, والذي تقل أعمار 50% من سكانه عن الخامسة والعشرين عاما, وهو بلد متمدن, وسكانه متعلمون, ويعاني من البطالة, كما أنه أيضا مَعبر للهجرة يستقله مهاجرون من جنوب الصحراء, بسبب قربه من أوروبا. من معابر الهجرة الأخرى , هناك ليبيا التي ضَمَت في عام 2009 780000 أجنبيا, بحسب تقرير الأمم المتحدة عن السكان, والتي تعد بلدا مستقبلا للهجرة, بفضل عائداتها النفطية. يَجذب هذا البلد المهاجرين من الجنوب (المسمى جنوب الجنوب), وبخاصة من الدول المجاورة (مصر, والنيجر, وتونس, والمغرب, والجزائر), والذين رجع أغلبهم اليوم إلى بلدانهم الأصلية, التي قامت, أحيانا, بتنظيم رجوعهم من غربتهم, كما فعلت المغرب مثلا. كما رجع بعضُهم إلى أوطانهم بوسائل مختلفة, بسبب خوفهم من العنف هناك. أما مصر, فهي دولة مُغَادرة نحو الخليج العربي, وإيطاليا, وليبيا, وبدرجة أقل نحو مدن أوروبية أخرى (فرنسا, وإسبانيا).
وقعت هذه الدول اتفاقات ثنائية, وأخرى متعددةَ الأطراف مع جاراتها الأوروبيات, التزمت فيها باسترجاع المهاجرين غير الشرعيين الذين يتم اقتيادهم إلى الحدود من قبل الدول الأوروبية, سواء تعلق الأمر بمواطنيها أو بمهاجرين عبروا عن طريقها ثم أوقفوا بعد ذلك في أوروبا. على الرغم من أن هذه الاتفاقيات قد وقعت بين دولة, ودولة أو مع الاتحاد الأوروبي, فإنها قد نوقشت مباشرة بين الرؤساء بيرلسكوني, وابن علي, والقذافي, مقابلَ خدمات, كتقديم ك بطاقات إقامة لمن يريدون الهجرة من المتميزين جدا, ومساعدات للتنمية, أو هدايا, كبناء طريق سريع من الشرق إلى الغرب, من ليبيا إلى مصر. لكن هل سيقود ذهاب هذه الأنظمة المستبدة إلى نهاية التزاماتها بأن تكون دروعا لأوروبا؟
لقد انتهز الذين كانوا يخططون للهجرة في تونس, قبل ثورة الياسمين, فرصةَ تراخي الشرطة في ضبط الحدود آنذاك, فحاولوا الانطلاق من نقاط عبور قل ما يسلكها المهاجرون, كجرجيس القريبة من جزيرة جربة. لقد دعتهم أسباب عديدة, كالبطالة, والفقر, وغياب الأمل في المستقبل القريب, في التعامل مع تداعيات الثورة على فرص العمل, وعلى مستوى الحياة, إلى الهجرة. إنهم ليسوا, في أغلبهم, طلابَ لجوء, بل هم بالأحرى مهاجرون يبحثون عن تحسين أوضاعهم الاقتصادية, ويحلمون بأوروبا, وبخاصة بفرنسا. لقد وجَدت غالبيتهم نفسها على جزيرة لمبيدوزا. من ناحية أخرى فإن المهاجرين الذين اتخذوا من تونس نقطة عبور, قد سلكوا طرقا أخرى أو عادوا إلى أفريقيا جنوب الصحراء. أما المهاجرون الليبيون, فقد اعتبرتهم الدولة الإيطالية دائما طُلابَ لجوء. لقد عاد المهاجرون العمال, عموما, إلى أوطانهم, التي أعادتهم بنفسها أحيانا, أو تجمعوا على حدود الدول المجاورة لليبيا؛ التي هرب منها 336658 شخصا, منهم 165000 عن طريق تونس؛ فقد طلبت الأمم المتحدة من الدول إبقاء حدودها مفتوحة؛ لأنها, بحسب ويليام سوينج المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة “واحدة من أهم أكبر عمليات الترحيل في التاريخ”.
المراجع
Cassarino Jean-Pierre, Unbalanced Reciprocities: Cooperation on readmission in the Euro-Mediterranean Area, Washington D.C., Middle East Institute, September 2010, 93 p
Wihtol de Wenden Catherine, La Question migratoire au XXIe siècle. Migrants, réfugiés et relations internationales, Paris, Presses de sciences-Po, 2010
Apr 13, 2011 | Passage au crible (arabe), أفريقيا, منظمة الأمم المتحدة
Philippe Hugon فيليب هوغون
ترجمة: فؤاد القيسي Fu’ad Al Qasi
Passage au crible n°37
انتهى الأمر بالرئيس العاجي السابق لورون غباغبو يوم الأثنين 11 نيسان 2011 عندما تم إلقاء القبض عليه؛ بذلك أسدل الستار على أربعة أشهر من المعارك والصراع في مدينة أبيدجان. أما عن الرئيس المنتحب الحسن واتارا فقد بدأ بمارسة صلاحياته بمساندة قوات الأمم المتحدة والجيش الفرنسي.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
لم تنجح الانتخابات الرئاسية التي أقيمت في 28 تشرين الثاني 2010-التي أجلت لخمس سنوات- في حل الأزمة التي تمر بها دولة ساحل العاج. فقد قام المجلس الدستوري بتغيير نتائج الهيئة الانتخابية، التي تقضي بفوز الحسن واتارا، التي أقرتها الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وفرنسا، والولايات المتحدة، والاتحاد الأفريقي. لذا تم فرض عقوبات على غباغبو نذكر منها عقوبات قضائية (تهديد محكمة الجزاء الدولية وتجميد الأموال أوروبيا)، وعقوبات اقتصادية (البنك الدولي، الاتحاد الأوروبي، صندوق النقد الدولي). كما تمت تقوية قوات واتارا ودعمها من قبل قوات الأمم المتحدة في ساحل العاج، وقوة ليكورن الفرنسية. فبدأت قوات واتارا عملا عسكريا بعد فشل مساعي الرؤساء الخمسة – المكلفين من قبل الاتحاد الأفريقي يوم 28 كانون الثاني 2011 – حتى وصلت مدينة أبيدجان يوم 31 آذار. كذلك التحقت قوات الأمم المتحدة في ساحل العاج وقوة ليكورن الفرنسية بالمعركة بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 1975 (30 آذار) الذي هدف إلى “منع استخدام الأسلحة الثقيلة التي تهدد المدنيين”.
عميقة هي أسباب هذا الوضع العاجي الذي لن تطوى صفحته بإقامة انتخابات رئاسية. فقد تم انتخاب غباغبو رئيسا عام 2000 في “ظروف مأساوية” كما يقول الرئيس نفسه؛ غير أنه لم يسمح لواتارا ترشيح نفسه آنذاك. كذلك انقسمت الدولة إلى قسمين عندما توقف زحف جيش جيوم سورو قبل مدينة أبيدجان. اندلعت المواجهات من جديد بعد فشل اتفاقيات ماركوسيس (كانون الثاني 2003) في شهر تشرين الثاني 2004 بين قوات غباغبو والقوات الفرنسية. غير أن توقيع اتفاقية واغادوجو في 4 آذار 2004 يعد تقدما بغض النظر عن التقسيم الذي شهدته البلاد. يعد وجود قوات حفظ السلام (11000 في آذار 2011) والقوات الفرنسية (1650 في نيسان 2011) حال دون اندلاع مواجهات رغم عدم نزع سلاح الميليشيات قبل الانتخابات. لكن غباغبو رفض التخلي عن السلطة بعد الهزيمة التي مني بها عبر ممارسته لسياسة متشددة حتى الرمق الأخير.
الإطار النظري
تسلط الأزمة العاجية على نقطتي قوة:
1. تقابل بين نظرتين للعلاقات الدولية والعابرة للدول: الأولى هي نظرة السيادة العرقية-القومية المناهضة للاستعمار التي عزف غباغبو على وترها، وقامت بعض الدول بمساندته فيها مثل أنغولا وجنوب أفريقيا؛ يجدر ذكر موقف هذه الدولة من الأمم المتحدة فهي قوة تدخل في الشؤون الداخلية. أما النظرة الثانية فهي نظرة دولية وقانونية التي تتبناها الولايات المتحدة، والقوى الغربية وأغلب الدول الأفريقية المساندة لواتارا.
2. تظهر الغموض والعجز النسبي الذي يلف التحركات والإجراءات الدولية والعابرة للدول. فقد فشل الاتحاد الأفريقي دبلوماسيا. كما فشل المجلس دول غرب أفريقيا من إرسال القوات لمساندة واتارا. كذلك لم نلحظ دور الاتحاد الأوروبي: لقد كان غائبا. تم استخدام تضييق الخناق ماليا من قبل فرنسا والولايات المتحدة والبنك الأفريقي المركزي بينما قامت الأمم المتحدة بتثوية القوات العسكرية. لقد فضلت فرنسا التدخل متهدد الأطراف، وانخرطت عسكريا بتفويض من الأمم المتحدة، ففضلت التدخل مخاطرة بذلك أن يتم اعتبارها كقوة استعمارية قديمة.
تحليل
تعد عدم الشرعية للسياسيين لما بعد هوبويه (توفي عام 1993) سبب الأزمة السياسية. كما تعد نهاية المعجزة العاجية (التي قامت على استعمار الأرض وإعادة توزيع عائدات بيع الكاكاو، توفير فرص العمل) سبب الأزمة الاقتصادية. لكن لم يكتب لهذا الاقتصاد أن يزدهر من جديد بعد الحرب الأهلية عام 2002-2003 وبعد سنوات من انعدام استقرار تلتها. نشير أيضا إلى تراجع العوائد السنوية بنسبة 50% للفرد بين عامي 1990 و2010، كما نشير إلى الانفجار السكاني الذي يعد الأعلى عالميا، ونشير في النهاية إلى نسبة الهجرة العالية التي ساعدت إلى جانب الأمور التي سقناها على تحفيز تبني سياسية عرقية.
تدلل الأزمة الاجتماعية على اختلاف بين (البروليتاريين الحضريين والعاطلين من أصحاب الشهادات) الذين يهتمون بالخطاب العرقي القومي، وبين الأغنياء الذين ينهجون منهج وتارا. غير أن اختلاط الشعب قديم وقد أثبتت الانتخابات أن التصويت لا يتبع النظرة الدينية أو العرقية. لكن سبب مشاعر الحقد والعنف السائد أو ما أشعلهما قضية انعدام العمل الوظيفي والرواتب. لقد وجدت كل من العدالة الداخلية والشرعية الدولية نفسها في صف واتارا بعد المساس بالنتائج الانتخابية. غير أن غباغبو اعتمد على تحرك الشباب الوطنيين، وعلى قدرة عسكرية (قوات خاصة، ومرتزقة، وقادة الجيش) واعتمد على شرعيته لدى بعض سكان الجنوب الذين يعتقدون حقا بفوز غباغبو بالانتخابات مما حدا بهم إلى محاربة التدخل الخارجي، وإعادة الاستعمار.
تشهد هذه الأزمة على التغييرات المهمة في ميزان القوى بين العاجيين، والأفارقة، والأطراف الدولية. ففرنسا التي أدعت رسميا عدم رغبتها في ممارسة دور شرطي أفريقيا كان لضلوعها الدور الكبير في الإطاحة بلورون غباغبو. لا يغيب عنا أن فرنسا تريد المحافظة على مصالحها الكبيرة في ساحل العاج؛ فباريس تحتاج إلى مواصلة بقائها الاقتصادي لمجموعاتها الصناعية الكبيرة وللعديد من الفرنسيين، وهي تريد الدفاع عن الفرانكفونية. كذلك لا شك أن هناك من ساند غباغبو من المسؤولين مثل جاكوب زوما ودوس سانتوس اللذان يتذكران موقفه من نظام الفصل العنصري. كما أن هناك عدة أنظمة أفريقية –وصلت إلى الحكم بالسلاح- رفضت نتائج الانتخابات. كذلك عبرت بعض القوى الخارجية –جنوب أفريقيا، والصين وروسيا- رغبتها بالدخول في اللعبة الأفريقية. لكن عدالة الأمم المتحدة كانت الرابح في النهاية.
ثمة رهانات كبيرة بعد الإطاحة بغباغبو؛ فلا بد من تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتشكيل لجنة عدالة، ومصالحة، وعفو. كذلك يقع على كاهل الرئيس الجديد القيام بالمهمة الأساسية: تشكيل جيش وطني، ونزع السلاح، وانعاش الاقتصاد دون إغفال العمل على توحيد الدولة، والعيش المشترك.
المراجع
Bouquet Christian, Géopolitique de la Côte d’Ivoire, Paris, A Colin, 2005
Hugon Philippe, « La Côte d’Ivoire plusieurs lectures pour une crise annoncée » Afrique contemporaine, (206), été 2003
International Crisis group, « Côte d’Ivoire ; faut il se résoudre à la guerre ? Synthèse et recommandations », Rapport (171), 3 mars 2011
Tapinos Georges, Hugon Philippe, Patrice Vimard, La Côte d’Ivoire à l’aube du XXIe siècle, Paris, Karthala, 2002