Jan 26, 2012 | Passage au crible (arabe), شمال- جنوب, ﺍلطائفية
مقال: فليب هيجون Philippe Hugon
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°56
Pixabay
منذ بداية عام 2012، تعاني نيجيريا، حليفة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، من أزمتين أساسيتين: 1) المواجهة بين الشمال والجنوب التي تتميز بدوامة من التوترات العرقية والدينية، 2 ) ان الاضراب العام بسبب ارتفاع اسعار البنزين. كما تساهم تهديدات النقابتين الرئيسيتين بوقف انتاج النفط للمنتج الأفريقي الأول في تعقيد الوضع. تتحدث بعض الأصوات الموثوقة – مثل سوينكا Soyinka جائزة نوبل- على خطر اندلاع حرب أهلية. يشير آخرون إلى امكانية الانفصال، حيث يسلطون الضوء على تشابه قضية نيجيريا مع قضية تقسيم السودان بين شمال مسلم -يطبق قانون الشريعة- والجنوب المسيحي. أول بلد أفريقي من حيث عدد السكان مع 150 مليون نسمة، تعاني هذه الدولة الفدرالية – التي لا تزال تتعاقب فيها الأنظمة المدنية والعسكرية – من العنف المتفشي الذي يضعفها.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
بعد أن كانت مستعمرة بريطانية، أصبحت نيجيريا اليوم دولة فدرالية تتألف من 36 ولاية تديرها قوات مركزية محتواة من قبل سلطات عسكرية ومدنية قوية أو عن طريق النظام الفيدرالي. تساهم زيادة عدد ولاياتها الفدرالية أو القواعد المتعلقة بتداول السلطة السياسية بين الشمال والجنوب، أو حتى تقسيم الأراضي في هذا المنطق.
تختلف أنظمة السلطنات والشيوخ في شمال نيجيريا عن الأنظمة الاجتماعية والسياسية المنقسمة في الجنوب. تم الحفاظ على هذه الخلافات من قبل الإدارة الاستعمارية البريطانية تبعا لمنطق الحكم غير المباشر. ومنذ ذلك الحين، يبقى الشمال، حيث تطبق 12 ولاية الشريعة الإسلامية، محروما عموما بالمقارنة مع الجنوب.
وقد مزقت البلاد العديد من الصراعات التي لا تزال حرب البيافرا Biafra الانفصالية أعنفها (1967-1970)، حيث تواجه الايبو Ibos (بدعم من فرنسا واسرائيل والبرتغال) والاتحاد (بدعم من المملكة المتحدة والاتحاد السوفياتي). تعود أسباب هذه الحرب الى كل من هذه العوامل الاجتماعية والسياسية والدينية إضافة إلى رهانات النفط بين الدول الكبرى والشركات الكبرى، وقد أدت هذه التوترات إلى التنافس الداخلي في نيجيريا. في عام 1970، رمزت مبادئ (إعادة الإعمار وإعادة التأهيل والمصالحة) الى نهاية للصراع. لكن البلاد شهدت الكثير من التوترات بين الشمال والجنوب والصراعات في منطقة دلتا النيجر.
الإطار النظري
تكشف الأزمات في نيجيريا عن اتجاهين رئيسيين:
1. تتميز نيجيريا بعائدات النفط و آثارها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. كما أنها توفر الظروف للاستخراج والنقل من خلال الوصول إلى البحر مما يجعلها احدى مناطق الاستخراج الأكثر جاذبية بأفريقيا. وتزداد التوترات الداخلية خاصة و أن 90٪ من الثروة تتركز في منطقة دلتا النيجر.
2. تتميز نيجيريا تاريخيا بصراعات بين الشمال والجنوب في المجالين الاجتماعي و الديني على حد السواء. تبين الاشتباكات بين الطوائف المسيحية والمسلمة هذه الانقسامات التي ترتبط بالاختلافات في الحقوق وعدم المساواة فيما يتعلق بتقاسم عائدات النفط.
تحليل
يمكن تحليل النزاعات في نيجيريا تحت ضوء معيارين رئيسيين. الأول يشير إلى النفط والغاز. هذا القطاع الاستراتيجي من منظور الاقتصاد الكلي، حيث يمثل مدخول النفط ما بين 35 و 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي، 80٪ من عائدات الضرائب و 97٪ من الصادرات. في عام 2011، وصل المنتوج إلى مستوى 2.5 مليون برميل يوميا بسعر 75 دولارا للبرميل، مما يجعل من نيجيريا ثامن أكبر مصدر للنفط عالميا. تسيطر 6 شركات متعددة الجنسيات على 95٪ من الإنتاج، و أكثر من 40٪ من الانتاج يتم تصديره الى الولايات المتحدة حيث تمثل 10٪ من وارداتها. في الواقع، يؤدي النفط إلى تفاقم التوتر السياسي بسبب تركزه في جنوب شرق البلاد مما أدى إلى التمييز الحاد بين الولايات. في منطقة دلتا النيجر (9 ولايات تغطي 30 مليون نسمة)، تطورت بعض الحركات، مثل حركة تحرير دلتا النيجر، وبعض الفصائل المنشقة إلى حد كبير. كما يكمن قطاع المحروقات وأسعار البنزين في قلب الصراعات الاجتماعية لأن عائدات النفط تثير فسادا كبيرا وهروب رؤوس المال . حيث كان من المفترض أن تسمح إعادة توزيع الدخل بين الولايات والشعب تخصيص منحة لثلثي سكان نيجيريا (ذوي الدخل اليومي الأقل من 2 دولار) للوصول إلى ضروريات الحياة.
اضافة إلى هذه الرهانات النفطية، تجدر الإشارة إلى عامل ثاني في الأزمة: الصراعات بين الشمال والجنوب. في عاصمة الولاية جوس، تنشب الصراعات بين الفولاني Fulaniالمسلمين و البيروم Berom المسيحيين، طائفتين ذوي حقوق مختلفة. أما بالنسبة للحركات الإسلامية في الشمال، فهي متنوعة (الصوفيون التقليديون، الحركات السلفية ، المهديون والشيعة) مع تطبيق 12 ولاية (من 36) الشريعة الإسلامية. ساهمت حالات عدم المساواة وإقصاء حقوق في بلد يتسم بتقاسم متفاوت لعائدات النفط بتعزيز قوة الشبكات الاسلامية، حيث يريد بعض السياسيون استغلال الصراعات الدينية وتوسيع نطاق تطبيق الشريعة في منطقة الدلتا.
السؤال الاهم، وذلك بسبب الاضطرابات في ليبيا الآن هو انتشار تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” . تعتمد الحركة المعادية للغرب بوكو حرام، والتي ظهرت بعد 11 سبتمبر 2001 المتمركزة في ولاية بورنو الآن الجهاد، وتقسمت إلى عدة فروع إحداها ذات علاقات وثيقة مع منظمة الشباب الصومال وتنظيم القاعدة. حيث يؤدي تطرفها وأعمال العنف إلى تعزيز الانقسام الديني توليد دوامة من العنف والانتقام والقمع.
تلعب القوى الخارجية أيضا دورا أساسيا بما في ذلك الولايات المتحدة التي توفر لها نيجيريا أكثر من 40٪ من وارداتها من النفط الخام. أما بالنسبة للصين والهند، فتسعى إلى الدفاع على مصالحها في المنطقة. وفيما يتعلق بالدول النفطية العربية وإيران، فتدعم الولايات المسلمة في الشمال أو الحركات المنتشرة في الداخل. وأخيرا، تسعى القوى الغربية و النامية لتأمين المنطقة الشمالية المهددة من قبل الشبكات المتطرفة ومناطق انتاج ونقل النفط في الجنوب.
يجعل اليوم كل من هيكل نيجيريا الفدرالي ، قوة تجار الكبار في الشمال وذكرى البيافرا من المستبعد جدا عملية فصل الشمال والجنوب، على غرار السودان. إضافة إلى أن امتداد الصراع الديني غير ممكن لان الشمال سيكون الخاسر الأكبر. ومع ذلك، تثار مسألة شرعية السلطة الحالية.
هل سيؤدي العنف إلى تسوية جديدة فيما يخص: 1) إعادة توزيع العائدات النفطية، 2) والقضاء على الفساد، و 3) إجراء مفاوضات مع الأطراف المختلفة السياسية ، النقابية والدينية؟ وعلى العكس، هل من الممكن عودة جيش نظامي ذو أغلبية علمانية في إطار حالة انتشار العنف؟
المراجع
Draper Michael I. , Shadows: Airlift and Airwar in Biafra and Nigeria, 1967-1970, Hikoki Publications, 2006
Tai Ejibunu Hassam, “Nigeria’s Delta Crisis: Root causes and Peacelessness”, EPU, research paper, Issue 07/07
Perouse de Monclos Antoine , “Le Nigeria entre deux eaux”, Ramses, 2011
Jan 20, 2012 | Passage au crible (arabe), السلام, المدرسة البنائية
مقال: توماس ليندمان Thomas Lindemann
ترجمة: بن براح مصطف Benberrah Moustafa
Passage au crible n°55
Pixabay
إن وفاة الرئيس كيم جونغ ايل وخلافته من قبل نجله الثالث كيم جونج اون تثير من جديد مسألة الخيارات المتاحة للتهدئة وتطوير النظام في كوريا الشمالية. تشير التصريحات الاولى للحكومات الغربية في المقام الأول إلى شعور القادة بالقلق و اظهار تصميمهم على مقاومة أي خطط للعدوان من طرف كوريا الشمالية. كما يخطط البعض لتشجيع ربيع كوري دون الأخذ بعين الاعتبار القوة العسكرية المعتبرة لهذه الاسبرطة الآسيوية. ورغم كل ذلك، إذا تجاهلنا البعد الأخلاقي، يبدو أن هذا النظام لا يهدد الوضع الإقليمي القائم. يدل التاريخ الحديث على أن التنازل عن أي موقف معاد لا يزال ممكنا إذا ما أخذنا في الحسبان بقدر أكبر البعد الرمزي لطموحات نظام يسعى للاعتراف به.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
دخلت كوريا الشمالية في مواجهة مسلحة في عام 1950 ضد جارتها الجنوبية. خلال هذه الحرب، فكر الجنرال الاميركي ماك آرثر في استخدام الأسلحة النووية التكتيكية. تقررت الهدنة في عام 1953 من دون معاهدة سلام على أساس التقسيم بخط عرض 38 درجة. منذ ذلك الحين، شهدت المنطقة عدة مناوشات دون وقوع مواجهة مسلحة كبرى. وفي الآونة الأخيرة، في شهر آذار 2010، اتُهمَت كوريا الشمالية بحادث غرق سفينة تشيونان الجنوب كورية. بعد هذه الحادث، تمت معاقبة الدولة ونبذها في الساحة العالمية. كما ذكٌر قصف جزيرة يونبيونج الكورية الشمالية – التي تقع غرب شبه الجزيرة وبالقرب من الحدود البحرية (المتنازع عليها منذ 23 نوفمبر 2010)- الوضع الهش بين الكوريتين. تعهد الزعيم الجديد كيم جونج اون خلال جنازة كيم جونغ ايل أنه سيتم معاقبة كوريا الجنوبية عن سلوكها غير المحترم. أما بالنسبة للطموحات النووية لكوريا الشمالية، فمنذ عام 1993 لم تتوقف عن تحدي و الطعن في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في مناسبات عديدة. أدى الاتفاق الإطاري لعام 1994 وكذلك اتفاق بكين عام 2007 إلى تخليها عن أسلحتها النووية مؤقتا مقابل تنازلات اقتصادية و نوع من الاعتراف الدبلوماسي. مع ذلك، في مايو 2009، اجرت تجربة نووية ثانية تلت تجربة عام 2006 مما أدى إلى تعثر المفاوضات اليوم.
الإطار النظري
1. تعتبر المقاربات التقليدية المركزة على الخيار عقلاني غالبا أن حل الأزمات يتم سلميا عندما تفوق الفوائد المادية للسلام المنافع المادية للحرب. يؤكد المنظرون الواقعيون على أهمية التكاليف الأمنية في معادلة التكاليف / المكاسب. تبعا لهذا المنطق، كلما زادت حدة التهديدات العسكرية الموجهة من جانب الولايات المتحدة لكوريا الشمالية، كلما توجهت كوريا الشمالية الى التصرف بطريقة سلمية و التخلي عن خططها النووية. من جهة أخرى، يركز محللون آخرون ليبراليون على دور فرض عقوبات اقتصادية لمنع السلوك المنحرف للدولة.
2. في الواقع، إن سياسة الحزم ليست كافية و قد تكون مضرة إذا كانت تهدد بقاء النظام أو تؤدي إلى تهديدات حكومية يُنْظَر إليها على أنها مهينة. من وجهة نظر بنيوية، يبدو أن الأطراف الكوريين الشماليين حريصون على تأكيد صورة معينة لأنفسهم على الساحة السياسية. وبالتالي، فإن الإدراج الدبلوماسي – المكافآت الرمزية – يمكن أن يكون حاسما في التخفيف من حدة الصراع. في المقابل، فإن انتقاد الدولة قد يؤدي إلى التطرف، ذلك لأن هوية الفاعلين تتشكل وتتحول في نطاق التفاعلات.
تحليل
يثير أي تحليل للوضع في كوريا الشمالية مسألتين: هل تتوافق طموحات القادة الكوريون مع استقرار الوضع الإقليمي الراهن و ما هي أسباب التزام صانعي القرار في كوريا الشمالية بسياسة حافة الهاوية؟
قبل كل شيء، على الرغم من الخطاب المتبجح لقادة كوريا الشمالية، لا يوجد كثير من الأدلة على سياسة توسع إقليمي حيث أن شرعية سلالة كيم القائمة على أساس التقديس داخلية في المقام الأول. بالإضافة إلى ذلك، يتضح منذ عام 1953 أن كوريا الشمالية اتجهت نحو نوع من الحكم المطلق أكثر من التهديدات الحربية. فافتراضية احتلالها لكوريا الجنوبية غير مفيدة لزعماء كوريا الشمالية. كيف يمكنهم فرض على الكوريين الجنوبيين الذين يتمتعون بمستوى معيشة مماثل لإسبانيا نظاما توتاليتريا؟
كل المؤشرات تدفع لملاحظة أن النظام في كوريا الشمالية يعتمد القضية النووية من أجل الحصول على اعتراف أفضل. كما تثار مشكلة شرعية النظام الذي لا يتمكن من توفير الاحتياجات الأساسية لمواطنيه. وعلاوة على ذلك، فمن المعروف أن السلطات الكورية الشمالية لم تتقبل ادراجها في محور الشر في عام 2002. حيث وصف جورج بوش النظام في كوريا الشمالية “بقزم كريه” في إشارة إلى صغر طول كيم جونغ ايل. عندما يطلق زعيم كوريا الشمالية قمرا صناعيا في الغلاف الجوي مع الاناشيد الثورية في يوم الاستقلال الأميركي عام 2009، تبدو الرسالة واضحة: ” سوف نجبركم على الاعتراف بواسطة السلاح”.
أمام هؤلاء الفاعلين، تساهم التهديدات والعقوبات وعدم الاحترام في تصلب النظام. فإنها يمكن أن تعزز الشرعية الداخلية للنظام الكوري الشمالي عن طريق إظهار المعارضين بأنهم خونة يعملون لحساب الاميركيين. يمكن أن تؤدي أيضا إلى التصعيد العسكري. فتظهر نتائج سياسة الحزم سلبية. وضع رئيس كوريا الجنوبية لي ميونغ باك حدا “لسياسة الشمس” لسلفه عن طريق الشروع في مناورات عسكرية على مقربة من خط الفصل. لكن هذه العزلة الدبلوماسية لم تنته مع وصول إدارة أوباما الى السلطة. وقد اعتمد هذا الأخير بدلا من ذلك “الصبر الاستراتيجي”، ودافع عن سياسة الانفتاح المرتبطة بتقديم أدلة على حسن نية كوريا الشمالية. الأسوأ من ذلك، أعلن الرئيس الكوري الجنوبي لي ضمنيا في 15 أغسطس 2010 بزوال وشيك للنظام الكوري الشمالي من خلال تقديمه لمواطنيه فرض ضريبة جديدة بهدف التحضير لتوحيد البلدين.
في هذا السياق، من الضروري تحليل قصف كوريا الشمالية لجزيرة يونبيونغ في ديسمبر 2010 كنتيجة لمخاوف وجودية بدلا من أن تكون مظهر من مظاهر سياسة أمبريالية.
المراجع
Bourmaud Daniel, « Le complexe obsidional de la Corée du Nord », in : Josepha Laroche (Éd.), Passage au crible de la scène mondiale, Analyse de la scène mondiale 2009-2010, Paris, 2011, L’Harmattan. Collection Chaos International, pp. 89-92
Braud Philippe, L’Émotion en politique, Paris, Presses de Sciences Po, 2006
Laroche Josepha, La Brutalisation du monde, du retrait des États à la décivilisation, Montréal, Liber, 2012
Lindemann Thomas, Sauver la face, sauver la paix, sociologie constructiviste des crises internationales, Paris, L’Harmattan, 2010. Collection Chaos International
Wendt Alexander, Social Theory of International Politics, Cambridge University Press, 1999
Jan 16, 2012 | Passage au crible (arabe), حقوق الإنساﻥ
مقال: أرميل لوبرا شوبارد Armelle Le bras-Chopard
ترجمة: ليديا علي Lydia Aly
Passage au crible n °54
Flick
يبدو الحكم بالإعدام على سكينة محمدي اشستياني Sakineh Mohammadi Ashstiani بتهمة الزنا رمزا لانتهاك حقوق الإنسان ولوضع المرأة تحت حكم الشريعة المطبق في إيران. وقد أدت هذه القضية إلى تحرك الرأي العام الدولي منذ عام 2010 مما أدى إلى تعليق تنفيذ حكم الرجم. بيد أنه في أواخر شهر ديسمبر 2011 تم إعلان تبديل العقوبة بالرجم بعقوبة الشنق ، فاستعادت الحملة الدولية للاحتجاج نشاطها بهدف الإفراج عن سكينة.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
ولدت سكينة عام 1967 في اذربيدجان الإيرانية في شمال غرب البلاد. كانت معلمة في إحدى الحضانات في بلدتها ولكنها تتقن فقط اللغة الاذرية ولا تفهم الفارسية، اللغة الرسمية في إيران. في 2006، حكم عليها بالإعدام بتهمة المشاركة في قتل زوجها بالإضافة إلى علاقة غير شرعية مع رجل آخر. إلا أن هذه الاتهامات لم يتم إثباتها، بل اعتُبرت التهمة الاولى ثانوية بينما تم التركيز على جريمة الزنا والتي تُعاقب بالرجم حتى الموت. وقد تم إعلان تنفيذ هذه العقوبة في يونيو 2010. على الرغم من خضوعها مسبقا لعقوبة 99 جلدة على الرغم من إيمانها ببراءتها، وقٌّعت سكينة على المذكرة الخاصة بصدور حكم الإعدام ضدها الصادر بلغة لا تفهمها. بعد ذلك، تم إجبارها على تقديم اعترافات تليفزيونية قبل أن يتم القبض على ابنها و محاميها برفقة صحفيان ألمان أجرا حوارا معهما. أما بالنسبة للمحامي السابق، فقد أجبر على الهروب من البلد بعد أن امتد قمع النظام إلى زوجته.
تكونت على الفور موجة من السخط على النطاق العالمي مجسدة في تنظيم مظاهرات في أكثر من 100 مدينة في جميع أنحاء العالم. كما تضاعفت العرائض والإدانات الموجهة ضد إيران من قبل المنظمات الدولية بسبب عدم إحترامها لحقوق الإنسان. كما انبثقت أيضا احتجاجات من الخلفيات الثقافية ومن قادة سياسيين (الرئيس لولا اقترح في فترة ولايته منح سكينة اللجوء السياسي إلى البرازيل وهو العرض الذي رفضته طهران). هذه المجموعة من التدخلات أدت في النهاية إلى تعليق تنفيذ الحكم الموصوف “بالوحشي”. ولكن في نهاية عام 2011، نوه مالك ادجر شاريفي، وزير العدل في اذربيدجان الشرقية حيث تعتقل سكينة منذ سبع سنوات، بأن تنفيذ حكم الإعدام بالشنق يمكن أن يحل محل الرجم مما أدى مباشرة إلى تكون موجة جديدة من التنديد. وبعد مرور بضعة أيام، تراجع وزير العدل عن تصريحاته، مشيرا إلى أنه تم تحريفها. لذا يظل مصير سكينة غير محدد ومن هنا يستوجب حذرا دوليا في كل الأوقات.
الإطار النظري
1. احترام حقوق الإنسان. ترفض ايران المفهوم الدولي لحقوق الإنسان معتبرة إياه مجرد اختراع غربي. و تنادي الحكومة الحالية بمبدأ النسبية الثقافية والذي من خلاله تنفي فكرة القيم العالمية، حيث ترى فيها سلاحا ضد الإسلام والقرآن، وفقا للقادة الإيرانيين فإن كل الحقوق الأساسية ترجع إلى اربعة عشر قرنا أي قبل التطور الزائف في الغرب. وفقا للمبدأ رقم 20 في الدستور “فان كل أعضاء الأمة نساء ورجال تحت حماية القانون ويتمتعون جميعا بكل الحقوق الإنسانية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية” ولكن مع تحديد “في ظل احترام مبادئ الإسلام” أي هناك تفسير معين للشريعة. من هنا، فان الرجم، مثل انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان في هذا البلد (الرقابة، التعذيب، البتر…) مشرعة في البندين 102 و104 من القانون الجنائي الإيراني والذي يصف بدقة كيفية تطبيقه: الحجارة لا يجب أن تكون كبيرة لدرجة تؤدي إلى وفاة المتهم بعد رجمه بواحدة أو اثنين منها، كما لا يجب أيضا ألا تكون صغيرة لدرجة يصعب تسميتها بالحجارة. ويجب أن تكون حادة بحيث تؤدي إلى إراقة الدماء. بالإضافة إلى المعاناة التي يسببها هذا العمل الوحشي، تُضاف الإهانة حيث أن الموت يجب أن يتم في مكان عام مثل الضرب بالسوط، أو في حالة سكينة، يشترط أن يحضر عملية جلدها ابنها البالغ من العمر آنذاك 16 عاما.
2. غياب المساواة بين الجنسين. فيما يتعلق بالمساواة، فانها تأتي في صورة مؤسسية. حيث ينص البند رقم 21 من الدستور على أن “يتوجب على الدولة ضمان حقوق المرأة من حيث كافة وجهات النظر”…مع نفس التحديد: “في ظل احترام مبادئ الإسلام”، والذي يضع المرأة تحت وصاية. فعلى سبيل المثال، من بين هذه الالتزامات، أنه على الزوجة أن تطلب الاذن من زوجها من أجل الخروج من المنزل، السفر أو العمل. كما أنها مقيدة بالتزامات من ناحية الملبس وتخضع للتفرقة من ناحية الحقوق المدنية وحقوق الأسرة (غياب المساواة فيما يتعلق بإجراءات الطلاق والحصول على الميراث…الخ.) كما أن الحق في الإجهاض ممنوع.
يظل وضع المرأة في إيران محل تناقض. فهن يحظين بقدر أكبر من الحريات مقارنة بدول أخرى كدول الخليج العربي (السعودية، قطر، البحرين…)، خاصة فيما يتعلق بالدراسات العليا (60% من الإناث في الجامعة)، العمل والرياضة… من ناحية أخرى، فهن ناشطات في إطار منظمات وجمعيات. من هذا المنظور، تظل المحامية شيرين عبادي الحاصلة على جائزة نوبل للسلام في 2003 رمزا للنضال من أجل الحقوق الإنسانية.
تحليل
بطلة رغما عنها، تظهر سكينة كرمز لهؤلاء النساء اللاتي في إيران هن ضحية الرجم. ولكن خارج حدود هذا البلد، تشهد المرأة على قمع تحت وطأة امبراطورية الشريعة. من هنا، تم في نهاية عام 2011 الحكم بإعدام احداهن في السعودية بسبب أعمال السحر وفقا لحكم “اسلامي صحيح”. بالإضافة لهذا، فإن النشوة والأمال التي انبثقت عن الربيع العربي تثير القلق حول الانتخابات التي أعطت الأغلبية للأحزاب الإسلامية، حتى وإن كانت تلك الأحزاب تروج لنفسها على أنها “متفتحة” (تونس، مصر أو المغرب). كما أن المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا سارع في اليوم التالي لتحرير بلاده بالإعلان عن رغبته في عودة تطبيق الشريعة في البلاد.
إن الإسلام المتشدد لا يعد هو المحتكر الوحيد لسيادة الرجال، بل نجد هذا أيضا في صور أخرى للتطرف الديني. اليهود الأرثوذكس المتشددون “الرجال السود” ألم يقوموا بالتظاهر ضد اسرائيل من أجل تطبيق الفصل بين الجنسين في المجال العام؟ وهناك بعض الجماعات البروتستانت والكاثوليك يقومون بالهجوم على العيادات التي تقوم بعمليات اجهاض. في النهاية، فإن المجتمعات الراهنة حتى العلمانية منها تعرف حتى يومنا هذا غياب المساواة المعترف بها نسبيا فيما يتعلق بالتفرقة بين الجنسين. بعبارة أخرى. بعبارة أخرى، فان غياب تكافؤ الفرص النسبي بين الجنسين لصالح الرجل والذي شخصه الانتروبولوج فرونسواز هيريتييه Françoise Héritier في كل الأزمنة وفي كل الأماكن يشمل أيضا الغرب.
كما هو الحال في الثورات العربية وبعض الأوضاع الراهنة، فان دور الإعلام وخاصة الانترنت يعد أساسي في قضية سكينة. فرد الفعل اللحظي وصدى الرأي العام الدولي سمحوا بالضغط على القادة السياسيين لعدد من الدول وأيضا تجاه عدد من المنظمات الدولية والتي وجدت أنفسها مجبرة على اتخاذ موقف والضغط على طهران. واليوم، فان التضامن الدولي لا يضعف والذي يطالب به “مواطني العالم” ليس فقط إيقاف تنفيذ حكم الإعدام ضد سكينة، ولكن أيضا اطلاق سراحها. وبعيدا عن قضيتها، فهم يطالبون بكل بساطة بإلغاء حكم الرجم والذي غالبا ما يذهب ضحايا له أشخاص اخرون، والذي أعلنت ايران تعليق العمل به في 2002.
المراجع
http://laregledujeu.org/2011/12/29/8385/sakineh%C2%A0-les-dernieres-et-tristes-nouvelles-de-l%E2%80%99iranienne/
Stengers Lauriane, Pierres non seulement – Conversations avec Sakineh Mohammadi Ashstiani, Editions BoD, 2010
Voir les sites d’Amnesty International et Human Rights Watch
Jan 11, 2012 | Passage au crible (arabe), الصحة العامة العالمية
مقال: أرماند سويسميز Armand Suicmez
ترجمة: ليديا علي
Lydia Aly
Passage au crible n°53
في يوم الأربعاء الرابع من يناير 2012، قاد قاضي التحقيق لمدينة مارسيليا حملة تفتيش لمقر شركة PIP (Poly Implant Prothèses) وذلك في أعقاب فضيحة زراعات الثدي التي تصنعها هذه الشركة. وتتكون منتجات PIP من سيليكون غير مطابق للمعايير وهو ما تسبب في حالات مرض السرطان حتى وإن كانت الصلة بين تلك المنتجات والحالات المرضية لم يتم إثباتها بعد.
تتجاوز هذه القضية الإطار القانوني الفرنسي لأن الشركة صدرت منتجاتها إلى أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية، حيث تسلط الضوء على غياب قواعد وطنية ودولية الخاصة بالتعامل مع الأجهزة الطبية.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
أسس جون كلود ماس في 1991 شركة PIP الفرنسية والتي تصدر منتجاتها إلى 65 دولة ومررت على المستوى العالمي نحو 400000 دعامة اصطناعية. بيد ان نشاطها المزدهر تدهور بسبب المنافسة الأسيوية خلال سنوات 2000 وانخفاض قيمة الدولار. لذا، قرر مديرها رفع الأرباح من خلال اللجوء إلى السيليكون الصناعي والذي يعد سعره أقل بحوالي سبع مرات مقارنة بنظيره الطبي. وبفضل هذه الحيلة، استطاعت PIP أن تصبح رائدة في هذا المجال سواء فيما يتعلق بالإنتاج أو التوزيع.
وعلى الرغم من خطورتها على الصحة، حصلت منتجات PIP على شهادة من المؤسسة الخاصة TÜV Rheinland، حيث اعتبرت المؤسسة مصل PIP كتكنولوجيا فيسيولوجية خالية من المخاطر، علما بأن جون كلود ماس قام بتقديم عينة من الدعامة مطابقة للمواصفات في وقت إجراء الاختبارات العلمية. وقد أعلن خلال التحقيقات للمفتشين:” كنت اعلم أن هذا الهرم غير مطابق للمعايير ، ولكنني قمت بهذا عن عمد لأن سيليكون PIP كان أقل تكلفة”. كما أخفى حقيقة مكونات هذه المواد عن عملائه مورديه بل وأيضا العاملين بالشركة من خلال تقديم فواتير المزورة.
تأثر 500.000 شخص في جميع أنحاء العالم بهذا الوضع. خلال عامي 2005 و2006، أدت أول شكاوى من المرضى إلى إدانةPIP بالولايات المتحدة وذلك قبل تضاغف حالات تمزق الدعامات في المملكة المتحدة وأسبانيا وأمريكا الجنوبية. ومنذ عام ونصف، تم تطبيق حظر التسويق وأجبرت الشركة على دفع غرامة 1.4 مليار دولار. كما سببت تغطية وسائل الإعلام لحالة امرأة توفيت بسرطان الغدد الليمفاوية حالة من الهلع الجماعي. في عام 2011، استقبل المدعي العام لمارسيليا نحو 2400 شكوى مما أدى إلى فتح تحقيق قضائي بتهمة “الإصابة والقتل غير العمد”. من المنتظر إجراء حوالي 30000 عملية استئصال للحد من المخاطر. أما المتهم الرئيسي في هذه القضية جون كلود ماس فيواجه خطر السجن 4 أعوام.
الإطار النظري
1. تسمية بالاستعانة بمصادر خارجية. أصبحت التسمية ضمانة للأمن الصحي. وقد تم تعميم هذه الآلية من أجل توفير حماية أفضل للمستهلك والذي بات ضعيفا أمام كثرة المعلومات والغير الآمنة أحيانا. بيد أن هذه المصادقة العامة على المعايير الوطنية والأوروبية والعالمية تقوم بها شركات خاصة.
2. الخبرات الطبية في خدمة المصالح الخاصة. حيث أنه غالبا ما تواجه الخبرة تحديات من المعلقين، إلا أنها تعد مصدر ثقة حين يستدعي الأمر تقييم جودة منتج ما. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن عملية التحقق من مسألة الصحة العلمية لا تزال تعتمد في كثير من الأحيان على المنطق السياسي والاقتصادي ولذلك، فإن حيادها تعد مسألة تخضع للحذر ويجب التأكد منها.
تحليل
في عصرنا هذا، فان قيمة الخبرة أصبحت في تزايد مستمر: فهي مقدسة خاصة حينما يتعلق الأمر بمنتج طبي، وهو ما يعد طبيعيا له صلة مباشرة بموضوعات الصحة العامة. في هذا الإطار، فان دعامات PIP اتسمت- حتى من قبل منعها- بخاصيتين: حيث أنها كانت الأقل تكلفة في السوق العالمي مع احتفاظها بمميزات طبية حسب تقييم وتأكيد مكاتب مستقلة. تجدر الإشارة إلى تزويد المساعدة العامة,المستشفيات العامة: AP- HP (Assistance publique- Hopitaux Publiques) ثلاث مراكز لعلاج السرطان في باريس بمعدات PIP.
تبدو فضيحة PIP أنها حالة خطأ معزولة راجعة لتجاوزات شخص واحد: جون كلود ماس. ولكن في الواقع، تجدر الإشارة إلى عدم كفاية القواعد الدولية والذي أشارت له الحكومات الأوروبية والفاعلين غير الدوليين أو شبكات الأفراد، مجموعات الأطباء أو جمعيات رعاية الضحايا مثل جمعية حاملي دعامة PIP. وفي حالة ما إذا كانت دعامات السيليكون تعد مجرد أدوات طبية بمعنى أن درجة خطورتها قليلة أو ليست ذات أهمية، فإنها تخضع لقاعدة ISO 14607 :2007 والتي تحدد الشروط الخاصة بدعامات الصدر المستخدمة في أغراض طبية. بيد أن هذه القاعدة غير الملزمة تسمح للقائمين على الصناعة بتسمية تقييم الأداء الخاص بإنتاجها.
في أوروبا، فإن معايير الأمان الصحي تقيد المصنع بإجراء التحقق عن طريق احدى 70 منظمة للتصديق من ضمنها TÜV Rheinland وهو معمل مستقل يلعب دور المتخصص وهو ما يكرس الأخلاقيات الطبية. بيد أنه لا يضمن في حقيقة الأمر اختبارات متعمقة. فهو متخصص في إقامة شركات المنتجات الطبية، ويسعى إلى أن يقوم عملائه بتحقيق أقصى ربح مالي.
التزمت الحكومات بسحب المنتج كإجراء وقائي احتراما لمبدأ الأمان. ومن هنا، نرى أن مسؤوليتها الاقتصادية تعد طرفا في هذه الفضيحة. فإذا كان القضاء الأمريكي اشترط على الشركة الفرنسية تقديم تعويض، فإن الضمان الاجتماعي بفرنسا يساهم ماليا. في المقابل، فقد قام التأمين الصحي بتقديم شكوى بسبب ’الخداع والاحتيال’ وذلك من أجل الحصول على تعويض يصل إلى 60 مليون يورو يتم تقديمه للضحايا. عالمية هذا المنتج (Prothese PIP) يوضح عدم تجانس التشريعات الحكومية والتي تبدو ضعيفة أمام مشكلة صحية تتخطى الإطار الخاص بسيادة الدول.
شدد زافييه برتران Xavier Bertrand ، وزير الصحة الفرنسي على تطبيق آلية للمتابعة الكاملة للأجهزة الطبية. بيد أن هذه المراقبة المعيارية تحت رقابة عامة تظل مؤمنة من قبل مجموعات خاصة. فالصحة أصبحت ’مرتبطة بصورة كاملة بنظام اقتصاد السوق القائم على قوى عفوية لفاعلين اقتصاديين وسياسيين يتدخلون فيه’. بعبارة أخرى، تخفي موضوعية البحث العلمي منطق قائم على الأرباح. ان استغلال المنصب القوي في مجال الصحة، وهو ما تم التنديد به في قضية دواء ميدياتور mediator، يعد استمرارا للخطر، خاصة حين نعلم أن 60% من أعضاء الوكالة الفرنسية للأمن الصحي للمنتجات الصحية AFSSAPS (Agence Française de Sécurité Sanitaire des produits de Santé) تمتلك مصالح في شركات صناعة الأدوية.
المراجع
Behar-Touchais Martine, « Le Conseil de la concurrence et la santé », Les Tribunes de la santé, (15), fev.2007, pp. 63-77
Demme Géraldine, « Le secteur de la santé face au droit de la concurrence », Regards sur l’économie allemande, (95), mars 2012, pp.27-32
Paule Clément, « La Marchandisation mondiale de la santé publique, La stratégie entrepreneuriale des firmes pharmaceutiques », Passage au crible, Chaos International, (11), janv..2010, pp. 1-2
Guelfi Marie-Claude, « Les dangers des lits médicalisés », Gérontologie et société, (116) jan.2006, pp. 77-83
Kerouedan Dominique, Santé internationale. Paris, Presses de Sciences Po, 2011
20min.fr, Santé ; « Prothèses mammaires PIP : Jean-Claude Mas admet la tromperie sans regrets »: http://www.20minutes.fr/sante/853770-protheses-mammaires-pip-jean-claude-mas-admet-tromperie-aucun-regret, dernière consultation : 8 janvier 2011
Jan 9, 2012 | Passage au crible (arabe), ﺍلتجاﺭة الدولية, ﺍلصين
مقال: الكسندر بوهاس Alexandre Bohas
ترجمة: ليديا علي Lydia Aly
Passage au crible n°52
يهتم العديد من المراقبين بمسائل إعادة شراء الشركات التي تعمل في القارة القديمة من جانب الصينيين، على الرغم من هذا يبدون أسفهم إزاء مسألة نقل تلك الشركات و كذلك استثماراتها المباشرة خارج أوروبا. في كلتا الحالتين، يحزن هؤلاء الكبار من التراجع، وهو ما يقودنا إلى تحديد مفهوم القوة من أجل فهم أفضل للعلاقات متعددة الجوانب للسلطة والتي تحدث على الساحة الدولية.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
خلال السنوات الأخيرة، استثمرت الشركات الصينية بكثافة في أوروبا، مستفيدة من انخفاض التداول في البورصة. وقد احتلت تلك الشركات صدارة الأخبار في الصحف، بسبب دخولها – بأغلبية أو بأقلية- في شركات معروفة مثل فولفو (السويد)، شاتو دي فيو (فرنسا)، كلوب ميد (فرنسا) ، روفر (المملكة المتحدة)، بل وأيضا مؤسسات متخصصة وجديدة مثل ميديون (ألمانيا)، الكيم (النرويج) أو بورسودشيم (المجر) وأيضا شركات لوجيستية وأخرى موزعة مثل ماريوني (فرنسا) ، بور بيري (اليونان) ، و لوكسيتان (فرنسا).
في المجموع، منذ 2007 وحتى 2010، ارتفعت الاستثمارات الخارجية المباشرة للصين لتصل إلى 339% مقابل 133 % في امريكا الشمالية و115% في امريكا الجنوبية. وقد مثلت هذه الاستثمارات حوالي 64 مليار يورو خلال الفترة المتراوحة بين اكتوبر 2010 إلى مارس 2011، ومن المنتظر ان تستمر لأن احتياطي النقد في الصين ارتفع إلى 3620 مليار يورو. و هذا ما يمهد الفرصة إلى شراء أكبر 80 شركة في منطقة اليورو. ومن المهم الاشارة إلى أن الاستثمارات الصينية حاليا لا تمثل سوى 2% من اجمالي الاستثمارات ذات أصول غير أوروبية.
تؤكد هذه المعطيات بلا شك، أن ثمة إعتماد على الشركات الصينية وأن هناك نقل للتكنولوجيا لصالحها وهو ما يعني ارتقاء في مستواها. يفسر البعض هذا الصعود بسياسة بيكين : “روح الغزو” التي تدعم الطموحات التجارية لهذه الشركات بسبب بنك إكسيم Eximbank وهو مؤسسة خاصة بالقروض. و قد ولدت كل هذه الرهانات ردود أفعال معادية في أوروبا، القارة المتورطة في أزمة مالية والتي من المتوقع أن تسبب كساد اقتصاديا.
الإطار النظري
1. عدم تحديد القوة في مجموعة من الفاعلين. يمكن تعريف القوة بطريقة بنائية كنتيجة عن ترتيبات سياسية، ثقافية، اجتماعية واقتصادية، حيث لا يجب فهمها وفقا لنهج موضوعي فهي لا تُملَكْ. بمعنى اخر، فاننا لا يمكن أن نمتلك القوة ولكن فقط أن نكون أقوياء. لذلك، فمن المهم التخلي عن المنهج الواقعي الجديد والذي يقوم بقياسها استنادا لعدد وحداتها العسكرية أو الاقتصادية.
2. التنافس بين الفاعلين في نطاق الاعتماد المتبادل. بعيدا عن النزعة التجارية الجديدة السائدة، فانه يتعين النظر إلى التنافس على أساس أنه قائم على علاقات اعتماد متبادل معقدة: حيث أن الأقاليم تستفيد من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة في الخارج من طرف منظمات غير حكومية، بينما تلك المنظمات تزدهر بسبب مواقع استراتيجية في اقطاب مميزة والتي تتم تنميتها في نطاق شراكات مع القطاعين العام والخاص. في أعقاب دراسات هيكشير- أوهلين- صامويلسون Heckscher-Ohlin-Samuelson أو مايكل بورتر Michael Porter، فان الاقتصاديين النيو كلاسيكيين يعتمدون على فكرة توافر مواد الانتاج وذلك لشرح التجارة الدولية. هذه النظريات يجب أن تأخذ في اعتبارها العولمة الحديثة والتي تترجم من خلال تعد للحدود ثلاثي الأبعاد: التبادل، الشركات والاستثمارات.
تحليل
على غرار الشركات الغربية، تسعى الشركات الصينية المتعددة الجنسيات من خلال شراء الأسهم ذات طبيعة غير مادية مثل التكنولوجيا الجديدة إلى الحصول على الشهرة الراسخة في فكر مستهلكي العلامات التجارية ورمزية المنتجات الأوروبية الراقية. و قد زادت قيمة هذه المنتجات في إطار سوق متميز بتجانس المنتجات الموجهة للمستهلكين. منذاك، فان تجربة الاستهلاك وليس فقط مجرد شراء المنتجات تخلق القيمة الذي يتطلع الصينيون إليها وبسعون إلى اكتسابها. نؤكد إلى أي مدى تبقى هذه الرويات التجارية متأصلة لدى المنتجين والعاملين في مجال التكنولوجيا عالية الجودة في مراكز الأبحاث بالقارة القديمة، فإن كلها نابعة من مكان محدد وثقافة منفردة. على الرغم من هذا، فإنها تنمو بسبب التمركز المؤسسي والطبيعة الإجتماعية الصناعية والتي سيدمرها النقل إلى مواقع أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التجديد وإدارة الأنشطة التي تمٌ شرائها من قبل الصينيين تظل ثمار متلاعبين بالرموز (رايش) (R. Reich) ذوي الوظائف التي يصعب تغييرها. في الواقع، فإن المراحل المختلفة للإنتاج تتطلب عاملين ذوي درجة عالية من الكفاءة و أجور عالية. من هنا، فاننا نفهم بصورة أفضل رهانات المعلومات والخبرات والمكان المهم المخصص للبحث. ويكفي القول أن عدم تقليد العمل لايزال يعد الأساس الرئيسي للقوة الأوروبية ولقيمتها على المستوى العالمي. إن الاستثمارات المباشرة الصينية تمثل مصدرا للتواجد المستقبلي في اسيا وزيادة في النشاط في أوروبا. وعلى الرغم من الدعم الذي تحظى به من حكومة بكين، فان هذه الاستثمارات تقوم على استراتيجيات الشركات التي تقيم احتمالات النمو الاكثر تطورا بالنسبة للأسهم الموجودة في الولايات المتحدة، في اليابان أو حتى في الصين.
أخيرا، فان هذه الموارد المستثمرة في المجالات الاجتماعية والثقافية والرمزية والتي تخصص مساحة واسعة لنمط حياة غربي حيث يظهر فيه المستهلك الأوروبي والأمريكي كعميل رئيسي بينما تبدو الشركات الغربية كمرجعية. بينما ينظر للمستهلك الصيني على أنه مصدر لنمو امبراطورية الوسط فمن الواضح أن الأمر ليس كذلك. تظل هذه الشركات تركز على الغرب، معترفة بصورة غير مباشرة باقتصادها العالمي، على الرغم من الأزمات الممنهجة والتهديد الذي يتعرض له هذا النموذج حاليا.
في حالة الاهتمام بتعدي هذه الرؤية الخاطئة للقوة، فانه من المستحيل استنتاج على عجل ان اعادة الشراء من قبل الصينيين تعني تغيير النظام صالح القارة الاسيوية.
المراجع
Baldwin Robert, The Development and Testing of Heckscher-Ohlin Trade Models: A Review, Cambridge (Mass.), MIT Press, 2008
Cerny Philip, Rethinking World Politics. A Theory of Transnational Neopluralism, Oxford University Press, Oxford, 2010
Fromm Erich, Avoir ou être ? Un choix dont dépend l’avenir de l’homme, trad., Paris, Editions R. Laffont, 1978
Julian Sébastien, « La carte des investissements chinois en Europe », L’Expansion, 25 Nov. 2011, disponible sur le site web :
http://lexpansion.lexpress.fr/economie/la-carte-des-investissements-chinois-en-europe_272330.html
Juvin Hervé, « Union européenne – Ce libre-échange qui nous ruine », L’Expansion, 19 déc. 2011, disponible sur le site web : www.lexpansion.fr
Nueno Pedro, Liu Gary, « How Geely Watched and Waited for Volvo », Financial Times, 19 Dec. 2011.
Porter Michael, L’Avantage concurrentiel des nations, Paris, Dunod, 1993
Reich Robert, L’Economie mondialisée, Paris, Dunod, 1993
« Volvo Cars ne regrette pas son passage sous pavillons chinois », Les Echos, 21 nov. 2011, p. 22.
Walt Vivienne, « Feasting On Europe », Time, 19 Dec. 2011, pp. 51-54