Mar 17, 2012 | Passage au crible (arabe), البيئة, الصحة العامة العالمية
مقال: فاليري لوبران Valérie Le Brenne
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°61
Wikimédia
قررت في 13 شباط 2012 محكمة ليون العليا أن شركة مونسانتو Monsanto الأمريكية مسؤولة عن تسمم منتج حبوب بمنطقة الشارونت الفرنسية بسبب اللاسو Lasso ، أحد المبيدات الحشرية المحظورة في فرنسا منذ عام 2007. طلبت المحكمة بعد ذلك تحديد قيمة التعويضات التي يجب أن تدفعها الشركة للضحية. يمكن أن تصبح هذه الإدانة الأولى من نوعها في فرنسا بمثابة سند قانوني في حالة تسجيل قضايا أخرى مرتبطة باستخدام هذه المادة. تُضاف هذه القضية إلى العديد من الفضائح الصحية المرتبطة بالشركة الأميركية مما يثير مسألة تنظيم المبيدات الحشرية.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
استنشق المزارع في عام 2004 الأبخرة السامة الصادرة من خزان عند تحققه من عمله. كشفت الفحوص الطبية بعد هذه الحادثة عن حالة تسمم بواسطة مادة المونوكلوروبنزين monochlorobenzène، مذيب متواجد في المبيدات. أثبت صندوق التأمين التعاوني الزراعي في عام 2008 وجود علاقة سببية بين الاضطرابات العصبية واستخدام مادة حماية المحاصيل، مما أدى إلى عدم الاعتراف بها كمرض مهني. ولذلك، قام منتج الحبوب بإجراءات للحصول على تعويضات من العملاق الأمريكي، مما جعل منه المتحدث باسم ضحايا المبيدات في فرنسا.
يذكر أنه خلال الستينات، حذر الديموغرافيون من الزيادة في عدد سكان العالم و من مخاطر نقص المواد الغذائية. ولذلك أصبحت زيادة انتاجية المحاصيل الزراعية أولوية كل المجتمعات الغربية. فقام المنتجون بدافع من الحكومات الوطنية باستثمارات كبيرة من أجل تحديث نشاطهم. وهكذا، تميزت الثورة الخضراء باعتماد الآلات في الإنتاج، توحيد الأراضي، استخدام المدخلات الصناعية واختيار وتهجين الزراعات.
تأسست الشركة الأمريكية في عام 1901 في سانت لويس – ولاية الميسوري. تمثل شركة مونسانتو مثالا واضحا للشركة التي استفادت من هذا الوضع للارتقاء إلى رتبة رائد في قطاع الكيماويات الزراعية. ومع ذلك، يتم بانتظام المساس بسمعة الشركة العالمية بسبب الفضائح الصحية و البيئية.
الإطار النظري
1. التسارع التكنولوجي. طورت شركات الكيماويات الزراعية مواد لتحسين انتاجية المحاصيل الزراعية ترقبا لزيادة الطلب على المواد الغذائية . فهي تساهم بذلك في عملية “التسارع التكنولوجي”، كما ذكرت سوزان سترانج Susan Strange . كما تنشط هذه الشركات في نفس الوقت في قطاعات كانت مخصصة سابقا للدولة مما يحد بالتالي من قدرات هذا الفاعل التنظيمية.
2. تنظيم فاشل. أدى الحديث عن فضائح صحية متعددة من قبل “الجهات الفاعلة الخارجة عن السيادة” على حد تعبير جيمس روزنو Rosenau James، تدريجيا إلى ظهور وانتشار معايير للإدارة العالمية للمبيدات. ومع ذلك، يؤدي استمرار وجود تضارب في المصالح بين منطق السوق وقضايا الصحة إلى عجز في الاحتياط وعدم ملاءمة الآليات التنظيمية.
تحليل
تكشف إدانة شركة مونسانتو من قبل محكمة ليون العليا عن مدى تحول الممارسات الزراعية تحت تأثير الثورة الخضراء. في الواقع، أدت الزيادة في عدد سكان العالم الى الضغط المستمر على الإنتاج الزراعي. يلجأ المزارعون باستمرار إلى زيادة انتاجية المحاصيل الزراعية الخاصة بهم من أجل الحد من مخاطر نقص الغذاء و للحفاظ على قدرتهم التنافسية. لذلك تطور و تسوق الشركات منتوجات تهدف لتحسين مستوى الانتاجية الزراعية. يساهم الأطراف الخواص من خلال المشاركة في عملية التسارع التكنولوجي في تغيير علاقات القوة بين الدولة والسوق. كما تحد الشركات بشكل كبير من قدرات تدخل السلطة العامة من خلال التدخل في مجالات كانت خاضعة سابقا لإدارة الدولة. حيث يقتصر نطاق ممارسة السلطة التنظيمية للدولة اليوم على هامش الأسواق. تعبر إدانة شركة مونسانتو من قبل المحكمة العليا لمدينة ليون عن حدود التنظيم الفرنسية فيما يخص المبيدات. نذكر في هذا الصدد أنه إذا كانت فرنسا المنتج الزراعي الأول في أوروبا، فهي أيضا المستهلك الرئيسي للمبيدات. أدى بالتالي تشابك القضايا الاقتصادية والزراعية إلى حجب العواقب الصحية للمبيدات و إلى الحد من حذر الدول.
مع ذلك، أدت انتقادات شركات الكيماويات الزراعية من قبل الجهات الفاعلة في المجتمع المدني تدريجيا إلى تشكيل ونشر معايير لاستعمال المبيدات. حيث تم إنشاء عدة وكالات للصحة في فرنسا خلال عقد التسعينيات للحد من المخاطر المرتبطة باستخدام المواد الكيماوية في الزراعة. وقد انعكس هذا على الصعيد الأوروبي من خلال اعتماد مبادئ توجيهية لتنسيق شروط تسويق المبيدات في الدول الأعضاء. تُبنى هذه الإطارات التنظيمية على أساس تراكم المعرفة ولا تدخل حيز التنفيذ غالبا إلا بعد الاتفاق على تسويق المنتوج. تجدر الإشارة إلى أن آليات التنظيم غير كافية للحد من المشاكل التي يتعرض لها منذ البداية المزارعون والعمال في هذا القطاع. تبقى زيادة وتضاعف الاضطرابات العصبية و حالات المرض بالسرطان الأمراض المهنية المتصلة باستخدام المبيدات الأكثر انتشارا. لكن الاعتراف التدريجي بهذه الأمراض من قبل صندوق التأمين التعاوني الزراعي يساهم في ظهور مطالبة مهنية. على الرغم من انتشار ظاهرة الرقابة الذاتية، يعتمد المزارعون الآن بعض أساليب عمل الأطراف الفاعلة في المنظمات البيئية غير الحكومية لإيصال قضاياهم إلى السلطات العامة.
في النهاية، تشكل الأضرار الناجمة عن الاستخدام غير الرشيد للمبيدات الآن سابقا لتنظيم التكنولوجيا الحيوية، وخصوصا في وقت تعرض فيه شركات الكيماويات الزراعية تكنولوجيا البذور المعدلة وراثيا كبديل لاستخدام المبيدات. في هذا المنظور، تتردد بعض الدول الاوروبية في السماح باستيراد هذه البذور في أراضيها. تجدر الاشارة إلى أن منطق السوق يدفع هذه الشركات إلى اللجوء إلى البلدان النامية لتصدير المبيدات المحظورة والبذور المعدلة وراثيا .
المراجع
Champion Emmanuelle, Gendron Corinne, « Le ‘développement durable’ selon Monsanto », Écologie et politique, 29 (2), 2004, pp.121-133
Parmentier Bruno, Nourrir l’humanité. Les grands problèmes de l’agriculture mondiale au XXIe siècle, Paris, La Découverte, 2009
Rosenau James, Turbulence in World Politics: a Theory of Change and Continuity, Princeton, Princeton University Press, 1990
Strange Susan, Le Retrait de l’État. La dispersion du pouvoir dans l’économie mondiale, [1996], trad., Paris, Temps Présent, 2011
lemonde.fr, Planète, « Monsanto, un demi-siècle de scandales sanitaires », disponible à la page: http://www.lemonde.fr/planete/article/2012/02/16/monsanto-un-demi-siecle-de-scandales-sanitaires_1643081_3244.html , dernière consultation: 8 mars 2012
Mar 11, 2012 | Passage au crible (arabe), الإنترنت, التضامن الدولي, حقوق الإنساﻥ, ﺍلصين
مقال: جوستين تشيو Justin Chiu
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°60
Pixabay
اعترض في 4 فبراير 2012 كل من الصين وروسيا باستعمال حق الفيتو على مشروع قرار مجلس الأمن الذي يدين القمع في سوريا. تسببت الثورة السورية منذ بدايتها في مارس 2011 بمدينة درة بمقتل أكثر من 8000 من المدنيين. حيث أثرت الفيديوهات التي تُظهر القمع الدموي – خاصة في مدينة حمص – المُذاعة في جميع أنحاء العالم عبر شبكة الانترنت في العديد من المفكرين الصينين الذين تساءلوا حول مدى صحة قرار حكومتهم. فقدت الحجج الرسمية – حجة الدولة ومبدأ عدم التدخل – شرعيتها كما يبدو من خلال التعليقات في الشبكات الاجتماعية مما أجبر السلطات على التأقلم مع ظهور رأي عام في الصين. وهكذا في 14 فبراير، قال رئيس مجلس الدولة ون جيا باو Wen Jiabao انه مستعد لمناقشة الوضع في سوريا.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
أيقظ الربيع العربي مشاعر وعواطف الشعب الصيني. نذكر قيام النظام في عام 1989 بقمع عنيف للطلاب الذين طالبوا بمزيد من الديمقراطية والحرية. ساهم منذ أواخر الستينات كل من الإصلاح الاقتصادي وسياسة الانفتاح لدنغ شياو بينغ Deng Xiaoping في خلق حد الأدنى من الفضاء العمومي خلال الثمانينات لدرجة اتسام هذا العقد بنوع استثنائي من المناقشات السياسية و الثقافية. لكن بعد حملة القمع في ساحة تيانان مين Tiananmen ، اختفت المطالب السياسية من الحركات الاجتماعية. دفع كل من سيطرة الدولة الصارمة، تحسين مستوى المعيشة وضعف الدعم الخارجي ورثة الحركة الديمقراطية لتعزيز ظهور مجتمع مدني يقوم على حماية الحقوق المدنية.
وفقا للحكومة الصينية، ارتفع عدد الحوادث الجماعية من 8700 في عام 1993 إلى 74000 في عام 2004. تجدر الإشارة إلى أن الحركات الاجتماعية تمثل جميع الطبقات الاجتماعية. هذا راجع لتأثر حياة الصينيين بسبب تفكيك النظام الاجتماعي الشيوعي وإدماج البلد في العولمة. تصدر الاحتجاجات اليوم من العمال وسكان المدن، الفلاحين والعاطلين عن العمل: فهي غير متجانسة للغاية. ينتشر في هذه الأثناء الوعي الخاص بالحقوق المدنية في صين غنية، حيث أصبح رجال القانون بشكل عام والمحامون على وجه الخصوص أطرافا رئيسيين و رأس حربة المجتمع المدني. كما أصبح في مطلع القرن العشرين بناء دولة القانون أساسا لدعاية الحزب الشيوعي الصيني حيث اعتُمد تحت الضغوط الدولية رسميا مفهوم حقوق الإنسان في عام 2004 خلال المؤتمرالثاني عشر من طرف الجمعية الوطنية للحزب.
نظرا لاعتبارها تهديدا أمنيا، تخضع وسائل الإعلام الاجتماعية الجديدة التابعة لبلدان أجنبية للرقابة أو المنع في الصين. على الرغم من ذلك ، يشهد سوق الشبكات الاجتماعية الآن ازدهارا و قدرة تنافسية عالية. ومع ذلك، يهيمن بعض الفاعلين الخواص على عالم افتراضي متكون من حوالي 513 مليون مستخدم للإنترنت. فنذكر على سبيل المثال شبكات: تينسنت Tencent (تأسست في عام 1999، ما يرادف MSN Messenger) ، رن RENN ( ما يعادل من الفايسبوك Facebook، التي أنشئت في عام 2005 ) ، وايبو Weibo (بين الفايسبوك وتويتر، التي أنشئت في عام 2009).
الإطار النظري
1. زيادة الوعي بحقوق الإنسان. مكنت الإصلاحات الاقتصادية والمؤسسية منذ ثلاثة عقود من تنمية الاقتصاد الصيني وتحسين حياة غالبية السكان بشكل ملحوظ. ومع ذلك، لا يمحي نمو الناتج المحلي الإجمالي التفاوت الاجتماعي، التفاوت بين المناطق، وتدهور البيئة في المملكة الوسطى خاصة و أن معظم المشاكل يتم تناقلها على شبكة الإنترنت. لا يتحمل اليوم الصينيون الأكثر تعليما و ثراء هذا الوضع البائس، حيث ينادون باحترام الأكثر حرمانا و الدفاع عن حقوقهم كبشر.
2. قوة المجتمع المدني من خلال الشبكات الاجتماعية. إذا أخذنا بعين الاعتبار كفاءة والتكلفة المنخفضة لوسائل الوساطة اضافة إلى قوة الاتصالات التي تبلورها شبكة الإنترنت، نفهم على نحو أفضل بعد ذلك كيف أصبحت أداة ثمينة جدا لطبقات واسعة من السكان. حيث غيرت الإنترنت جذريا العلاقة مع الوقت والمسافة بين المجتمع المدني والدولة. لهذا السبب يتوجب على الدولة إيجاد أسس جديدة للشرعية وطرق جديدة للحكم لمواجهة انتقادات المجتمع المدني.
تحليل
بفرض الصين نفسها كرائدة البلدان النامية، لا تتردد في معارضة وجهة نظر الدول الغربية كما رأينا في مؤتمر كوبنهاغن حول تغير المناخ في عام 2009. إضافة إلى ذلك، فهي تسعى على الصعيد الوطني لإنجاح المرحلة الانتقالية السياسية هذا العام من خلال وضع شى جين بينغ Xi jinping على رأس الحزب-الدولة. في هذه الفترة الحساسة، لا تستطيع الحكومة دعم مشروع دولي من شأنه إسقاط نظام استبدادي.
وعلى الرغم من رسائل التعاطف التي تتضاعف على الشبكات الاجتماعية، هذا لا يعني اعتراف الصينيين بالمطالب الديمقراطية للمعارضة السورية. في الواقع، يعارض المجتمع الصيني حكومته أساسا لمنعها للمساعدات الخارجية للسوريين، ولدعمها لنظام قمعي. لكن النقاش حول الوضع السوري يجد بسرعة حدوده منذ بضعة أيام بعد استعمال حق الفيتو، حيث يتجه اهتمام مستخدمي الأنترنت الصينيين إلى أحداث كبرى أخرى.
تجدر الإشارة إلى أنه رغم تعدد النقاد والصحافة والمثقفين، يبقى أولئك الذين يتجرؤون على تعدي الحدود قليلون. في الواقع فإنهم يخاطرون بالتعرض للاتهام بارتكاب جرائم التخريب، مثلما حدث للأستاذ قوي كوان Gui Quan الذي انتقد إدارة زلزال سيتشوان في عام 2009.
يشكل تعميم الإنترنت رهانا رئيسيا للشعب ومصدر قلق للحكومة الصينية. لهذا السبب يطبق 30 ألف موظف في وزارة الإعلام رقابة وحذف على الشبكة بشكل مستمر. يبدو أن هذا النشاط غير فعال أمام العدد المتزايد من المستخدمين. كما يفترض أن تراقب مواقع الشبكات الاجتماعية مستخدميها لتجنب التجاوزات. وهكذا تتم مراقبة الرسائل التي نشرت باللغة التبتية في شبكة وايبو Weibo . في ديسمبر الماضي، فرضت الحكومة الصينية على مستخدمي الأنترنت تسجيل إلزامي تحت أسمائهم الحقيقية. يخص هذا الاجراء 200 مليون مستخدم لشبكة وايبو. لكن ردود الفعل المتواصلة لمستخدمي الأنترنت ضد هذا التدخل في خصوصياتهم يعبر عن زيادة الوعي بحقوق الإنسان في الصين.
المراجع
Chen Yingfang, « Les mouvements de protestation des classes moyennes », in : Jean-Louis Rocca (Éd.), La Société chinoise vue par ses sociologues, Paris, Presses de Sciences Po, 2008, pp. 187-219
Elias Nobert, La société des individus, trad., Paris, Fayard, 1991
Laroche Josepha, La Brutalisation du monde, du retrait des États à la décivilisation, Montréal, Liber, 2012.
Merklé Pierre, La Sociologie des réseaux sociaux, Paris, La Découverte, 2010. Coll. Repères 398
Nangfang Zhoumo (南方周末 ou Southern Weekly) : http://www.infzm.com/
Pedroletti Brice, Bougon François, « Le veto de Pékin sur la Syrie critique en Chine », Le Monde, 8 Fév. 2012
Rosenau James N., Turbulence in World Politics: a Theory of Change and Continuity, Princeton, Princeton University Press, 1990
Simmel Georg, Les Pauvres, trad., Paris, PUF, 1998
Zheng Youngnian, « China and Democracy: Not a Contradiction in Terms », in: John Wong, Bo Zhiyue (Éds.), China’s Reform in Global Perspective, Singapore, World Scientific Publishing, 2010, pp. 13-53
Feb 28, 2012 | Passage au crible (arabe), أفريقيا, الأمن, التنمية, ﺍلصين
مقال: فيليب هوجون Philippe Hugon
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°59
Pixabay
تضاعفت اجتماعات الأمن الغذائي في أوائل عام 2012 في حين أشارت عدة دراسات خاصة بمعاملات الأراضي إلى أن في الفترة ما بين 2000 و 2010 استخدمت ثلاثة أرباع 200 مليون هكتار مقايضة لإنتاج الوقود الحيوي و ليس لإنتاج المواد الغذائية (مركز التعاون الدولي للبحوث الزراعية من أجل التنمية Cirad ، المعهد الدولي للبيئة و التنمية , IIED مؤشر الإيجارات التجارية ILC 2012).أصبح الاستيلاء على الأراضي في البلدان النامية، ولا سيما أفريقيا وأمريكا اللاتينية موضع قلق متزايد في إطار ارتفاع أسعار المواد الغذائية والزراعية وتهديد الأمن الغذائي. تؤدي عموما هذه المعاملات غير المفهومة والمفتقرة إلى الشفافية إلى خلافات عنيفة خاصة بين المنظمات غير الحكومية، المنظمات الدولية، صانعي القرار ، المزارعين والباحثين. حيث لعبت هذه الصراعات في مدغشقر على سبيل المثال دورا حاسما في رحيل مارك رافيلومانانا Marc Ravelomanana بعد العقد المتوقع مع شركة دايو الكورية.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
نلاحظ في دول الجنوب خلال ثلاثين عاما معدلا منخفضا من الاستثمار و انخفاض المساعدة الإنمائية الحكومية لقطاع الزراعة. ولكن الوضع تغير مع بداية القرن الحادي والعشرين، حيث تتضاعف عمليات استملاك الأراضي على النطاق الدولي، مثل الصين، وتنتشر في الجنوب خصوصا في أفريقيا. في الواقع، إن هذه القارة محل أطماع خارجية ليس فقط لمواردها و ثرواتها الباطنية (المعادن والنفط والغاز)، ولكن أيضا بسبب أراضيها الغنية. يمكن أن نتحدث في هذا الصدد عن لعبة احتكار عالمي لامتلاكها ومع ذلك هناك العديد من المتغيرات المجهولة فيما يخص التنفيذ الفعلي لهذه المشاريع مقارنة بما نُشر في الإعلانات الرسمية.
الإطار النظري
1. النمو السريع للمعاملات. تنمو المعاملات العقارية في شكل مشتريات أو ايجارات على المدى الطويل بسرعة في سياق عالمي من ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية، عدم استقرار كبير في الأسواق المالية، وتحسبا لزيادة استهلاك المواد الغذائية.
2. ظهور استيطان حديث .هل يمكن اعتبار استثمارات الصين في الأراضي كاستراتيجية للمساعدات التنموية كما تنادي به سلطاتها والعديد من المنظمات الدولية لأنها تخلق فرصا حقيقية، أو هي مجرد استعمار حديث تندد بها منظمات غير حكومية كثيرة؟
تحليل
تهدف عمليات الاستيلاء على الأراضي في المقام الأول لإنتاج الوقود الحيوي. كما أنها تتوافق مع التوقعات الخاصة بالأمن الغذائي أو تغير أنماط الاستهلاك اضافة إلى أنها تمثل استثمارات مالية. هذا ما ينتج عنه ثلاثة أنواع من المستثمرين: 1) الدول المستوردة الكبيرة للأغذية التي تعاني من نقص الأراضي، و التي تتمتع بقدرات مالية قوية. 2) شركات صناعة الأغذية الزراعية الكبرى و الصناعيين الذين يعملون على خلق منطق ادماج للزراعة المؤقتة و المواد الغذائية. 3) المستثمرون والبنوك الذين يعتبرون الأراضي كاستثمارات مالية.
يتمثل البائعون والمستأجرون في البلدان التي لديها موارد مالية محدودة إلى جانب مجموعة من الأراضي المتاحة. هذا هو الحال في أفريقيا حيث باعت أو أجرت الدول منذ عام 2004 أكثر من 2.5 مليون هكتار. مع أكثر من 80٪ من الأراضي الصالحة للزراعة غير المستغلة1، أصبحت هذه القارة هدفا للمستثمرين الباحثين عن الأمن الغذائي و / أو الطاقة. لذلك نلاحظ انتشار الاستثمارات الزراعية أو الاستثمارات المالية.
تستثمر الصين في جميع أنحاء العالم في القطاع الزراعي. حيث تملك عموما من 2.1 إلى 2.8 مليون هكتارا في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وجنوب شرق آسيا ( 300000 إلى 000 400 هكتار – الأرز والخشب-)، واستراليا وروسيا وكازاخستان ( 87400 هكتار).حركة الاستيلاء على الأراضي في أفريقيا تأتي من: 1) المؤسسات الحكومية (مثل شركة دولة الصين الزراعية China State Farm Agribusiness بالغابون، غانا، غينيا، تنزانيا، توغو وزامبيا). 2) السلطات المحلية (مثل مجموعة مقاطعة شانشى الزراعية Shanxi Province Agribusiness Group ). 3) و المبادرات الفردية.
من المتوقع تطور عدة أنواع من الفوائد كالتدفقات الاستثمارية التي تعوض الانخفاض في المساعدات الإنمائية الرسمية، المساهمات من التكنولوجيا والاختصاصات، تحسين العائدات والإنتاجية، والأمن الغذائي إضافة إلى الحصول على العملة الصعبة (الوقود الحيوي). في الواقع، تزيد البذور الصينية الإنتاجية إلى الضعف، لكن هناك آثار أخرى أكثر تعقيدا. نذكر على سبيل المثال استقرار الصينيون في المزارع الكبيرة بالموزامبيق، الصادرات المتوقعة قبل سقوط القذافي من الأرز للصينيين في ليبيا في نطاق مشروع ماليبياMalybia ، أو مشاريع الوقود الزراعية في 2 مليون هكتار في زامبيا وزيت النخيل في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تكمن المخاطر الرئيسية في: 1) النزاعات حول الأراضي حيث تتعرض المجموعات الضعيفة لخطر فقدان حقوقها في أراضيهم لأن 80٪ منهم دون سندات ملكية. 2) انعدام الشفافية في العقود. 3) انتهاك للسيادة و الأمن الغذائي. 4) الآثار البيئية السلبية، لا سيما ما يتصل بالارز الهجين، والبذور المعدلة وراثيا والتحكم في الذور.
بدلا من ذلك، يتطلب انتهاز الفرص المتعلقة بالمعاملات العقارية أن تكون مختلف الجهات الفاعلة أطرافا في العقود، و أن تتم حماية حقوق ملكية المزارعين وأن تستفيد المزارع العائلية من خلال عقود أو الاستعانة بمرافق البنى التحتية، من مداخيل و قروض اضافة إلى تصديرات المزارع الكبيرة.
المراجع
Afrique contemporaine « Investissements agricoles en Afrique » (237) N, 2011
CIRAD, IIUED, ILC (M Taylor ,al) www.landcoalition.org/cpl/CPL-synthesis-Report, déc 2012
“Land grab or development opportunity? Agricultural investment and international land deals in Africa” Juin 2009 – IIED, FAO and IFAD – Lorenzo Cotula, Sonja Vermeulen, Rebeca Leonard, James Keeley
Philippe Hugon, Fabienne Clérot « Les relations Chine-Afrique- les investissements agricoles au Mali », Rapport MAEE, 2010
1. تزرع 1.5 مليار هكتار من الأراضي في العالم من أصل 2.7 مليار من الأراضي الصالحة للزراعة أي بنسبة 55٪. ويتم استغلال سوى نحو 19 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة في أفريقيا، أي خمس الإمكانات الكلية. المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
Feb 27, 2012 | Passage au crible (arabe), الإنترنت, المنشورات, ﺍلصناعة الرقمية
مقال: ألكسندر بوهاس Alexandre Bohas
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°58
Pixabay
يمكن اعتبار قضية موقع ميغا أب لاود Megaupload كأحدث قضية في سلسلة طويلة من النزاعات حول حقوق التأليف والنشر. لكن طبيعتها العالمية و رفضها لكل من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية الملكية PIPA (Protect Intellectual Property Act) و قانون توقيف القرصنة على الانترنت SOPA (Stop Online Piracy Act) جعلها حدثا محوريا في التشكيل المعياري والمؤسساتي للإنترنت.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
ألقي القبض في 19 يناير 2012 على 18 مسؤولا بميغا أب لاود ، بما في ذلك كيم شميتز “الدوت كوم” بتهمة انتهاك حقوق التأليف والنشر، غسل الاموال والابتزاز، ثم قرر مكتب التحقيقات الفدرالي غلق الموقع من خلال منع المجال الخاص به على شبكة الإنترنت. أدت هذه العملية إلى تأثير عام على الملايين من مستخدمي الإنترنت ، بسبب الحملة الإعلامية و عواقبها على حد سواء. في الواقع، تستقطب هذه الشركة الرائدة في مجال التحميل المباشر، و المتمركزة بهونغ كونغ، ما يقرب 50 مليون زائر في اليوم الواحد، إضافة إلى 150 مليون مستخدم مسجل، حيث تمثل صلاتهم ما يقرب 4٪ من النشاط الرقمي العالمي. تم تعداد 525 خادم معلوماتي في الولايات المتحدة و 630 في هولندا تمكن هاته التواصلات.
ردا على هذه الحملة، احتج العديد من القراصنة المدعين انضمامهم لمنظمة ” المجهولين Anonymous ” اضافة إلى مستخدمين عاديين ضد هذا الوضع. حيث اخترق الأولون مواقع رمزية عالية مثل موقع الرئاسة الأمريكية أو موقع استديو “العالمي Universal” التي أصبحت غير متوفرة مؤقتا. في الوقت نفسه، صوت الكونغرس لتمرير مشروعي قانونين لمكافحة جرائم الإنترنت والتزوير PIPA و SOPA. يخطط المشروعان لتوسيع نطاق صلاحيات العدالة الأمريكية من خلال تمكينها من إجراء محو أي محتوى مشبوه على شبكة الإنترنت، سواء صدر من الولايات المتحدة أو من الخارج. لكن اعتمادهما تم تأجيله أمام ضغوطات العديد من الجمعيات الجماعات ذات النفوذ.
الإطار النظري
1. تسليع عالمي للإنترنت. تهدف هذه العملية بمبادرة من الشركات المتعددة الجنسيات إلى تطبيق مبدأ المتاجرة على الأنترنت باعتباره إطارا أساسيا لهذا المجال. حيث “ينتزعها” هذا المبدأ من بيئتها الاجتماعية، و هو ما عبر عنه كارل بولانيي Karl Polanyi في نطاق و زمن آخرين “بالتحول العظيم”. كما تهدد هذه العملية التنوع الثقافي والاقتصادي والاجتماعي عن طريق فرض أساس المعاملة بالمثل و التبادل، مما يدل مرة أخرى على أن السوق لا تزال مؤسسة مبنية أو حتى مفروضة.
2. إدارة رقمية في طريق التكوين. يشيرهذا المفهوم إلى طريقة أقل تقييدا لممارسة السلطة، والتي تكون قائمة على التفاهم و هي أكثر ملاءمة من مفهوم الإدارة الكلاسيكي. لهذا السبب كان من الشائع أن يستخدم على نحو متزايد من قبل المنظمات الدولية والمتخصصين لوصف أنواع من تنظيم يتكيف مع المجتمعات المعولمة التي تميزت بعدد من القضايا والأطراف الفاعلة العابرة للحدود الوطنية. ولكن هذا المفهوم يتجاهل المعارضة القوية ووسائل الإكراه الأمنية والقضائية لتنظيم القطاعات المعنية.
تحليل
تمثل الانترنت الآن جزءا لا يتجزأ من المجتمع حيث تُستعمل للترفيه، البحث، والعمل. على هذا النحو، فإنها تؤدي إلى تفاعلات متعددة و تبادل كبير تقوم أساسا على مبدأ المعاملة بالمثل. على سبيل المثال، يمثل كل من مبدأ الند للند peer-to-peer و الستريمينغ streaming طرق نشر مستحدثة على المستوى العالمي. بالإضافة إلى ذلك، فقد سهلت شبكات مثل يوتيوب Youtube تطور روابط قومية متعدية للحدود تتيح تطور أشكال التعبير الإبداعي.
تدخل الشركات عبر الوطنية في صراع حقيقي للمشاركة في هيكلة هذا الفضاء المركزي للملايين من المواطنين / المستهلكين حيث من المهم بالنسبة لها تشجيع السلوكيات والقيم وتحسين صورتها على الشبكة. لكن هذا يفترض قبل كل شيء أن يُعترف بمبدأ الملكية الخاصة حتى يتسنى لهذه الشركات بعد ذلك المطالبة بكل شرعية بحقوق على السلع والخدمات المتبادلة مما يمكنهم من إنشاء سوق تعزز منتجاتها تجاريا. كما تمنحها هذه الجدولة وفقا لقوانين العرض والطلب قوة حقيقة لأنها تركز على حقوق التأليف والنشر والوسائل لخلق وإنتاج والنشر. هذا ما أنتج معركة على المعايير القانونية للإنترنت.
ذكرنا سابقا العمليات الدولية لتكوين قانون وضعي إضافة إلى التجارب الرئيسية في هذا المجال *. تسعى منذ الدعاوى القضائية الأولى ضد نابستر Napster حتى ميغا أب لاود لاحتواء و الحد من النشاطات الخارجة عن قواعد الملكية الفكرية، وبالتالي التي لا تدفع حقوق الناشر. على مر السنين، اضطرت مواقع القراصنة لاقتراح عروض قانونية مثل نابستر Napster أو كازا Kazaa، أو وقف أنشطتها تماما مثل إيميول Emule أو لايم واير Limewire.
تجدر الإشارة إلى أن نفوذ هذه الجماعات ليست من دون حدود. في تشكيل هذا المجال، فإنها تواجه من جهة عالم مشتت ومتباين من مستخدمي الإنترنت، كما تواجه من جهة أخرى غيرها من الشركات الناتجة مباشرة من الإنترنت. لذلك استفادت هذه الشركات – مثل ويكيبيديا أو غوغل – من الإبداع والحرية على شبكة الإنترنت * ، وهو ما يفسر التعبئة الفعالة ضد قوانين SOPA وPIPA.
لقد لاحظنا في الأسابيع الأخيرة صدامات عنيفة بين اثنين من مراكز اقتصاد العالم الأمريكي: هوليوود و السيليكون فالي. بدعم من الرأي العام، فرض الثاني نفسه على الرغم من ضغط الأول. حيث تتشكل قواعد ومؤسسات جديدة كنتيجة لهذه الصراعات. بعيدا عن أي توافق في الآراء يتم التوصل إليه عن طريق المفاوضات أو الحوار، تنشأ إدارة الإنترنت كنتيجة لمعركة بين الشركات و المنافسات، والتي لابد وأن تأخذ بعين الاعتبار أيضا حكومة الولايات المتحدة كطرف حاسمة.
المراجع
Auffray Christophe, « MegaUpload : décryptage de l’affaire et des accusations », ZDNet France, 23 janv. 2012, disponible sur le site web : www.zdnet.fr
*Bohas Alexandre, « Coup de force numérique, domination symbolique. Google et la commercialisation d’ouvrages numérisés », Passage au crible, (5), 16 nov. 2009
*Bohas Alexandre, « Une construction mondiale de la rareté. Le projet ACTA d’accord commercial sur la contrefaçon », Passage au crible, (22), 22 mai 2010
« De Napster à Megaupload, le long affrontement entre la justice et les services de téléchargement», Le Monde, 23 janv. 2012.
Finkelstein Lawrence S., « What Is Global Governance ? », Global Governance, (1), 1995, pp. 367-372
Hewson Martin, Sinclair Timothy J. (Eds.), Approaches to Global Governance Theory, Albany, NY, SUNY Press, 1999. « Lois antipiratage : sous pression, Washington fait machine arrière », Le Monde, 20 janv.2012
Laroche Josepha, La Brutalisation du monde, du retrait des États à la décivilisation, Montréal, Liber, 2012
May Christopher, The Global Political Economy of Intellectual Property Rights: The New Enclosures, 2nd Ed., London, Routledge, 2010
Polanyi Karl, La Grande transformation : aux origines politiques et économiques de notre temps, trad., Paris, Gallimard, 2009. « Peer-to-peer, la fin d’un protocole ? », Le Monde, 11 mars 2011
Sell Susan, Private Power, Public Law: The Globalization of Intellectual Property Rights, Cambridge, Cambridge University Press, 2003
Feb 7, 2012 | Passage au crible (arabe), البيئة, التنمية, ﺍلصين
مقال: فاليري لو بران Valérie Le Brenne
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°57
Pixabay
في 51 يناير عام 2012، لوثت شركة التعدين قوانغشى جينه مينينغ Guangxi Jihne Mining Co.Ltd نهر لونغ جيانغ Longjiang (الموجود في منطقة قوانغشى المستقلة جنوب الصين) عن طريق إلقاء الكادميوم (منتوج مرتبط باستغلال الزنك شديد السمية). بما أن تربية الأسماك لا يزال نشاطا أساسيا في المنطقة، فقد طرقت وفاة المئات من الأسماك ناقوس الخطر للسلطات المحلية التي حاولت على الفور السيطرة على المادة السامة. وهكذا تعرضت ليوزهو Liuzhou ، ثاني أكبر مدينة في المنطقة والتي تقع 60 كيلومترا من مجرى النهر للتلوث مباشرة. على الرغم من النداءات الرسمية المشوبة بالتفاؤل، سارع سكان المدينة إلى محلات السوبر ماركت من أجل تخزين المياه المعدنية مما عزز من خطر نقص الامدادات.
يُضاف هذا الحادث الى لائحة طويلة من التلوثات الصناعية للمياه المسجلة في الصين في السنوات الأخيرة. تحدث هذه الأضرار في وقت يعاني فيه البلد من تفاوت كبير في التزويد بالمياه وندرة متفاقمة لهذه المادة، إلى جانب تضاعف الحاجة لموارد متعددة للطاقة.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
منذ عام 1979، تحت قيادة دنغ شياو بينغ Deng Xiaoping، دخلت الصين تدريجيا اقتصاد السوق، وحققت مستويات نمو وقدرة تنافسية جعلت منها الآن ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم. من بين أهداف هذه المرحلة الانتقالية الحد من حجم الواردات و زيادة الصادرات من أجل تطوير قاعدة صناعية قوية، مما يطرح مسألة إمدادات الطاقة الفعلية اللازمة لهذا المستوى من النشاط. سرعان ما دفع وجود باطن غني فيما يخص الطاقة (النفط والفحم واليورانيوم)، الخامات المعدنية (النحاس، والزنك والبوكسيت …) وغير المعدنية (الكبريت، الجرافيت الفوسفور، …)إلى تنظيم حملات واسعة النطاق للتنقيب وفتح العديد من مواقع التعدين، و التي تزامنت مع تكوين العديد من شركات التعدين.
منذ التسعينات، طُرحت قضية الطاقة مع مشكلة التوزيع غير المتكافئ للمياه. في الواقع، إذا كان جنوب الصين يتميز بموارد مائية وفيرة، مما يسمح زراعة الأرز، فإن الشمال يتميز بنقص المياه ومناخ جاف يتجسد طموح خلق توازن بين الجنوب والشمال في مشروع سد الصين العظيم المستكمل في عام 1992، والذي نددت به محكمة المياه الدولية في لاهاي بعد شكوى تقدمت بها كندا.
في غضون ذلك، دخلت الصين في مرحلة تحول حضري. وأدى تدفق المهاجرين من الريف إلى ظهور مدن جديدة، التي زاد عددهم من 69 في أواخر الأربعينيات ليصل إلى 670 خلال العقد الأخير. كما ساهمت الزيادة في الطلب على السلع الاستهلاكية اضافة إلى الانفتاح الاقتصادي للمدن الساحلية على الشركات الأجنبية في زيادة الانتاج الصناعي مما أدى إلى تنوع التلوث المرتبط بالأنشطة الصناعية ليشمل تلوث الهواء، التلوث المرتبط باستخراج الفحم، أو تلوث الماء عن طريق تصريف النفايات السائلة السامة مما ولد مخاطر ثقيلة على الصحة العامة
الإطار النظري
تجدر الإشارة إلى نقطتين:
1. الضغط على موارد الطاقة لتلبية الطلب المحلي و العالمي. حيث تفرض التنمية الاقتصادية ضرورات من الإنتاجية على الصناعة الصينية، وبالتالي، سرعت زيادة الضغط على موارد الطاقة خوصصة الدولة للشركات. يساهم الانتقال إلى منطق السوق، على حد قول سوزان سترانج Susan Strange في “انتشار القوة” التي تجعل أكثر تعقيدا محاولات تنظيم الدولة.
2. ظهور مجتمع مدني صيني. شجع تزايد الحوادث الصناعيين على ظهور مجتمع مدني الواضح بشكل خاص في مجال الصحة العامة والبيئة. وتمثل هذه القضايا للجهات الفاعلة الاجتماعية أقطاب تنظيم، حيث يؤخذ بعضهم – ذوي العلاقات عبر الوطنية- حاليا بعين الاعتبار من طرف السلطات الصينية
تحليل
تلويث شركة التعدين قوانغشى جينه مينينغ لنهر لونغ جيانغ بمادة الكادميوم هي أعراض ضرورات الإنتاجية والقدرة التنافسية التي يفرضها النمو الاقتصادي على الصناعة. بالفعل، فإن أهمية الإنتاج الصناعي يولد ضغطا مستمرا على مصادر الطاقة التي أصبح التحكم فيها مسألة استراتيجية رئيسية. في هذا المنظور، يجب أن تعزز شركات التعدين مستوى نشاطها عن طريق تحقيق عائدات أعلى وتنويع مصادر امداداتها. توجد اليوم العديد من الشركات الصينية في أفريقيا منافسة بذلك الشركات الغربية في سوق الطاقة. ومع ذلك، إذا سمحت زيادة الخوصصة بتحول هذه الشركات في الشركات عبر الوطنية، فإنها تحد في الوقت نفسه من القدرة التنظيمية للدولة.
في الواقع، فإن هذا الحادث يكشف عن عدم وجود تشريع ملزم بشأن المسؤولية البيئية للشركات رغم تسببها في عدة كوارث بيئية. يتسبب اليوم تصريف النفايات السائلة السامة مثل الكادميوم في مشكلة حقيقية للصحة العامة. يعرض استهلاك المياه غير الصالحة للشرب الناس لمخاطر السرطان. كما يتأثر أيضا قطاع الزراعة بفعل الآثار البيئية لهذه الأنشطة. في عام 2011، كشفت دراسة نشرتها الأسبوعية شين شيجي Xin Shiji الاقتصادية أن 10٪ من الأرز المنتج في الصين، والمصدر إلى الخارج يحتوي على آثار الكادميوم.
نظرا لحجم هذه الأضرار البيئية، وتحت الضغط المزدوج للمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، تسعى السلطات الصينية الآن للحد من استهلاكها للطاقة ومكافحة التلوث الصناعي. بالإضافة إلى إنشاء سلطات محلية لرصد مستويات التلوث، سمحت الحكومة تحت شروط صارمة بوجود منظمات بيئية غير الحكومية ووجود منظمات غير حكومية دولية. استغل أطراف المجتمع المدني الصيني عجز الدولة للتمحور حول قضية البيئة. اضافة إلى تبليغ الناس عن المخاطر، يملك هؤلاء الفاعلون القدرة على التأثير في سياسات الدولة عن طريق الاعتماد بشكل خاص على شبكات تضامن متعدية للحدود الوطنية. كما تشجع الحكومة الصينية الآن المنظمات البيئية غير الحكومية للمشاركة في وضع “القائمة السوداء” للشركات الملوثة مما يدل على أهميتها المتزايدة .
المراجع
Chen Jie, « ONG chinoises, société civile transnationale et pratiques démocratiques », Perspectives chinoises, 97, sept-déc 2006
Colonomos Ariel (Éd.), Sociologie des réseaux transnationaux: communautés, entreprises et individus. Lien social et système international, Paris, L’Harmattan, 1995
Keck Margareth, Sikkink Kathryn, Activists beyond Borders: Advocacy Networks in International Politics, Ithaca/London, Cornell University Press, 1998
Strange Susan, Le Retrait de l’État. La dispersion du pouvoir dans l’économie mondiale, [1996], trad., Paris, Temps Présent, 2011