May 4, 2012 | Passage au crible (arabe), الأمن, البيئة, الممتلكات العامة اﺍلعالمية
مقال: كليمون بول Clément Paule
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°66
Source : Wikipedia
يسعى العملاق البترولي توتال منذ أكثر من شهر لوقف تسرب الغاز الذي اندلع يوم 25 مارس 2012 في بئر G4 بمنصة إلجين Elgin في بحر الشمال. اعتمدت الشركة من أجل تحقيق هذه الغاية في الوقت نفسه إجراء القتل الديناميكي dynamic kill – سد الفجوة عن طريق ضخ الطمي – وإيجاد حل طويل الأجل يقوم على أساس حفر بئرَي احتياط. أعلنت الشركة التي بلغت خسائرها اليومية أكثر من 2.5 مليون دولار في 20 أبريل أنه قد تم تقسيم حجم انبعاثات الغاز المقدر مبدئيا بحوالي 200000 متر مكعب في اليوم إلى الثالث. وفقا لمسؤولي المجموعة، تم الحد من العواقب البيئية، و هو ما أكدته جزئيا التحاليل التي أجريت من قبل البحرية الاسكتلندية فى اوائل مايو. تم انتقاد هذا الخطاب المطمئن من قبل غرين بيس Greenpeace المنظمة الدولية غير الحكومية التي أرسلت في 2 نيسان قارب من أجل أخذ عينات بالقرب من موقع الكارثة. بصرف النظر عن أثرها المباشر على الاقتصاد – على أداء الشركة و سوق فورتيس للخام – و على البيئة، أعادت هذه الأزمة الجدل حول المخاطر الدولية المرتبطة بالمنشآت البحرية.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
على مدى العقود الثلاثة الماضية، ازداد الطلب على الغاز الطبيعي بشكل مطرد كما تضاعف الانتاج العالمي. على هذا النحو، تمركزت هذه الصناعة منذ أواخر الستينات في بحر الشمال كأهم خزان للمحروقات بأوروبا الغربية. ومع ذلك، دفع انخفاض نسبة الاستخراج في هذه المنطقة – متوسط 6٪ سنويا، حيث تم التوصل إلى الذروة في عام 2000 – الشركات لتطوير تقنيات جديدة لاستغلال حقول يصعب الوصول إليها، في ظل ظروف و درجة حرارة شديدة. قُدمت منصة إلجين البحرية منذ تشغيلها عام 2001 كنموذج للابتكار تعدى حدود الحفر و التنقبب في المياه العميقة. في عام 2011، بلغت الاستثمارات في المنطقة الاقتصادية الخالصة بالمملكة المتحدة 8.6 مليار يورو.
ومع ذلك، لا يمحي التقدم التكنولوجي المخاطر كما أثبتته كارثة بايبر ألفا Piper Alpha في تموز 1988. أودى خلال هذه الحادث الانفجار والحريق في هذه المنصة التي تديرها شركة أوكسيدنتال بتروليوم بحياة 167 شخصا اضافة إلى أضرار بقيمة مليارات الدولارات. ينبغي أن نذكر أيضا العديد من المشاكل مؤخرا بموقع جولفالكس سي Gullfalks C بين نوفمبر 2009 ومايو 2010: أشار تقرير المنظمة النرويجية بي أس أي (مصلحة السلامة النفطية PSA Petroleum Safety Authority) إلى عيوب في الإجراءات الأمنية. وفقا لوزارة الطاقة وتغير المناخ البريطانية، تحدث هذه الاخطاء بشكل شبه يومي. في الواقع، أشارت الوزارة إلى 69 حالة تسرب النفط أو المواد الكيميائية خلال الربع الأول من عام 2012 وحده.
تمثل توتال أكبر رأس مال في البورصة بمنطقة اليورو مع 93.2 مليار يورو في نهاية عام 2011، و هي بذالك ثالث أكبر شركة ناشطة في بحر الشمال- بعد شل وبي بي BP (بريتش بتروليوم سابقا) –تصل حصة المجموعة في مجال إلجين- فرانكلين Elgin-Franklin إلى 46.2٪، يوفر هذين المجالين 2٪ – أو 53000 برميل يوميا – من اجمالي انتاجها. أما بالنسبة لمنظمة غرين بيس، وهي جمعية تأسست في عام 1971 في كندا، فلديها تمثيل في 40 بلدا: في عام 2010، جمعت هذه المنظمة الدولية ما يقرب من ثلاثة ملايين عضو – بما في ذلك عدة آلاف من الموظفين والمتطوعين – وتصل ميزانيتها التي تعتمد حصرا على رسوم العضوية الى نحو 225 مليون يورو. إذا كانت هذه المنظمة غير الحكومية الدولية تشتهر بتدخلاتها المدهشة، فقد أصبح كل من الضغط، الإجراءات القانونية والخبرة في قلب مرجع نشاط هذه المنظمة المركزية والمهنية.
الإطار النظري
1. إدارة غير حكومية لأزمة محدودة. ينشط في الساحة الغربية بالدرجة الأولى جهات خاصة، في حين تبقى السلطات البريطانية في الوراء. سهل هذا التركيب اتصالات توتال التي تتحداها منظمة غرين بيس.
2. تنظيم إقليمي للقطاع البحري. ساهم هذا الحدث في تكثيف النقاش حول تدخل الاتحاد الأوروبي في تنظيم عملية الاستغلال في بحر الشمال. نتجت عن هذا المشروع – القائم على زيادة القيود على نشاط استخراج النفط والغاز – بدعم من المنظمات غير الحكومية الدولية والبيئية وبعض أعضاء البرلمان الأوروبي معارضة قوية من جانب ممثلي الصناعة.
تحليل
أدانت منظمة غرين بيس منذ 28 مارس 2012 الشركة المتعددة الجنسيات مشيرة الى كارثة ديب واتر هوريزون Deepwater Horizon التي ورطت بي بي في عام 2010. كما ركز انتقاد المنظمة الدولية غير الحكومية على احتكار التشخيص من قبل مديري وقوع الحادث الممثلين في هذه القضية بعدد من خبراء توتال و شركة وايلد وال كنترول Wild Well Control. رغم ذلك، لم تؤدي هذه الانتقادات إلى انهيار اقتصادي للشركة على الرغم من انخفاض القيمة السوقية الأولية للعملاق بنسبة 8٪ بين 25 مارس و 8 أبريل 2012. يبدو أن توتال خففت من آثار تسرب الغاز من خلال تطوير اتصالات أزمة قائمة على السيطرة على المعلومات. لعب كل من عدم وجود ضحايا تسرب نفطي، التأثير المحدود المزعوم على البيئة والدعم الاستراتيجي من طرف بريطانيا واسكتلندا في هذا الصدد دورا لصالح مستغل إلجين. تجدر الإشارة إلى أن المدير المالي لشركة توتال أعلن بسرعة لأصحاب الأسهم عن أن هذا الحدث لم يغير سياسته في توزيع الأرباح المقدرة بحوالي 12 مليار دولار لعام 2011. هذا ما يدل على العلاقة الغامضة بين تدهور صورة الشركة – الذي ساهم فيه في أبريل 2012 كل من حادث نيجيريا وأعقاب قضية اريكا – ورد فعل السوق. وهكذا بقي أكبر الوكلاء الماليون محايدون – بما في ذلك إكسان بي ان بي باريبا Exane BNP Paribas ، كريدي سويس Crédit Suisse واتش و اش اس بي سي HSBC – أو متفائلون نسبيا حول أداء المجموعة، خاصة و أن تأمين الشركة سيغطي الأضرار بقيمة مليار دولار.
يبدو عدم تأثر توتال نسبيا بالكارثة. ومع ذلك، فإن القطاع بكامله يواجه تجدد الانتقادات من طرف المنظمات غير الحكومية – منظمة غرين بيس أساسا – وأعضاء البرلمان الأوروبي الذين يدافعون عن تنظيم أكثر تشددا بخصوص العمليات البحرية في بحر الشمال. يعتمد النظام الحالي القائم على أسس وطنية على التعاون بين السلطة التنظيمية للدولة – مثل (Health and Safety Executive) بالمملكة المتحدة – والصناعة والنقابات. على الرغم من الإصلاحات في أعقاب كارثة بايبر ألفا، اتهم هذا النظام بتعزيز الفشل وتشجيع بعض التواطؤ بين مختلف الجهات المعنية. أعلن المفوض الأوروبي المتكلف بالطاقة في عام 2010عن دعمه لفكرة مراقبة المراقبين التي يرافقها وقف عمليات الحفر في المياه العميقة. ومع ذلك، فقد ركزت المبادرة التنظيمية المقترحة التي وضعتها اللجنة في أكتوبر 2011 بشكل رئيسي على توحيد الإجراءات وتشديد شروط الحصول على تراخيص جديدة، والتي يمكن أن تشمل التغطية المالية لأي حادث. وفقا لمؤسسة التصنيف فيتش رايتنغ Fitch Ratings، يمكن أن يصل مقدار هذه التغطية إلى 10 مليار يورو، والتي لن تكون من دون تأثير على تقييم الشركات الناشطة في بحر الشمال. لذلك واجهت هذه الإصلاحات معارضة واسعة من طرف ممثلي هذه الصناعة – 200 شركة ممثلة بشركة أويل أند غاز المملكة المتحدة Oil & Gas UK – وحتى النقابات العمالية – الاتحاد الوطني للسكك الحديدية والبحرية و نقل العمال RMT)، وتوحيد الاتحاد Unite the Union – اضافة إلى الحكومة البريطانية. بالتأكيد على جودة معاييرها، تنتقد هذه الجهات الفاعلة نقل هذه السلطة إلى كيان جديد من دون خبرة على حساب مقاربة عملية وتعاونية في هذا القطاع.
يدخل نشاط غرين بيس عقب تسرب إلجين في إطار حملتها العالمية لتجاوز النفط Go Beyond Oil،كما يتنظم ضد المخاطر التي تنطوي عليها المشاريع الاستثمارية في منطقة القطب الشمالي. بناء على تقرير من قبل شركة لويدز للتأمين، نددت المنظمة البيئية بالاندفاع نحو القطب الشمالي، الذي يرمز إليه مشروع SDAG (شتوكمان للتنمية Shtokman Development AG ). تذكر أيضا أن الوكالة الدولية للطاقة قد أبدت تخوفها من المزيد من الحوادث عند انسحاب شركات النفط من الانتاج في بحر الشمال. تصل تكلفة تفكيك 500 منصة و 8000 بئرا في المجال البحري الى 100 مليار دولار حسب تقديرات دوغلاس ويستوود Douglas-Westwood وشركة ديلويت بتروليوم سارفيسز Deloitte Petroleum Services. كل هذه الجوانب المخفية بفعل السباق التكنولوجي للاستغلال المدفوع بسوق تنافسية للغاية اضافة إلى دعم الدول. تشير هذه الخبرات البديلة إلى أن تنظيم الاستخراج البحري يبدو أكثر تنظيما تبعا لمنطق المالية والتأمين من الحفاظ على الممتلكات العامة العالمية.
المراجع
Ravignan Antoine de, « Greenpeace, entre contestation et négociation », L’Economie politique, (18), 2003, pp. 86-96
Greenpeace International, Annual Report 2010, consultable à l’adresse web : http://www.greenpeace.org, 25 avril 2012
Lloyd’s & Chatham House, Arctic Opening: Opportunity and Risk in the High North, 2012
Site de Total consacré à l’incident : http://www.elgin.total.com/elgin, 1er mai 2012
Apr 15, 2012 | Passage au crible (arabe), البيئة, التعددية, الممتلكات العامة اﺍلعالمية
مقال: فاليري لوبران Valérie Le Brenne
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°65
Pixabay
تحت رعاية المجلس العالمي للمياه، عقد في الفترة ما بين 12-17 مارس 2012 في مرسيليا المنتدى العالمي السادس للمياه. جلب هذا الحدث المنعقد تحت عنوان “وقت الحلول” -والذي ينظم كل ثلاث سنوات- أكثر من عشرين ألف مشارك من 140 بلدا. ناقشت هذه البلدان كل القضايا المتعلقة بالحصول على المياه و معالجتها. تبنى الوزراء الحاضرون في هذه المناسبة إعلانا يهدف إلى التعجيل في تطبيق الحق في مياه الشرب و المعترف به من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في يوليو 2010. علاوة على ذلك، تم وضع مجال للمنتدى على الانترنت – منصة حلول للمياه Solutions for Water- من أجل جمع اقتراحات المواطنين.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
نتج المنتدى العالمي للمياه المنعقد كل ثلاث سنوات منذ عام 1997عن مبادرة المجلس العالمي للمياه. تسعى هذه المؤسسة المستقلة عن الأمم المتحدة منذ انشائها عام 1996 إلى جمع جميع الجهات المعنية بهذا القطاع من أجل تعزيز الحوار وتبادل الخبرات. يتعلق الأمر في هذه الحالة ببناء “رؤية استراتيجية مشتركة” ووضع حلول جماعية متخصصة. تحصلت هذه منصة المتعددة الأطراف المتمركزة بمرسيليا على صفة العضو الاستشاري في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، كما تتضمن في الوقت الحاضر على أكثر من 300 منظمة تمثل 60 دولة.
أدت منذ السبعينات حالة استنزاف الموارد الطبيعية إلى انعقاد العديد من القمم الدولية حول البيئة. في عام 1977، عرف مؤتمر مار دل بلاتا لأول مرة الماء كمورد مشترك للإنسانية، وحذر من المخاطر التي يتعرض لها هذا المورد. ومع ذلك، لم يتم وضع مبادئ توجيهية لإدارة عالمية إلا في مؤتمر دبلن في عام 1992. أدت هذه الهيئة الأولية إلى اعتماد مبدأ الإدارة المتكاملة للموارد المائية الذي يمثل أساسا على المستوى العالمي. يعتمد هذا النظام المستوحى من النموذج الفرنسي على اتباع نهج شامل لإدارة المياه عبر أحواض المياه، ويدعو إلى تنازل عن البنى التحتية العامة لصالح القطاع الخاص.
مثلت قمة ريو معلما بارزا في تطور الوعي العالمي بندرة موارد المياه. حيث مكنت من الوصول إلى توافق في الآراء بشأن إنشاء المجلس العالمي للمياه. كما جددت قمة الألفية في عام 2000 مهمة المجلس العالمي للمياه عن طريق ادراج “الوصول إلى مصادر محسنة لمياه الشرب ” في قائمة الأهداف الإنمائية للألفية.
الإطار النظري
1. تعددية القطاعات. يتطلب الماء باعتباره سلعة عامة عالمية تطبيق إدارة عالمية. في هذا السياق، يساهم التنظيم المنتظم لمحافل عالمية في بناء “تعددية جديدة” كما حلله روبرت كوكس Robert Cox.
2. تصدير نموذج للإدارة. يتطلب تحسين الوصول إلى المياه الصالحة للشرب و معالجتها استثمارات كبيرة لا يبدو أن الدول الهشة قادرة على تحملها. ونتيجة لذلك، كان النموذج الفرنسي للشراكة بين القطاعين العام و الخاص الخيار الأفضل لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. ومع ذلك، فإن عددا متزايدا من “الجهات الفاعلة خارج السيادة” على حد تعبير جيمس روزنو James Rosenau تتحدى هذا النهج وتنتقد التسويق التجاري لهذا المورد.
تحليل
يعبر انعقاد منتدى المياه العالمي السادس على تطور إدارة عالمية تتجاوز نطاق الدولة. في هذا الصدد، علينا أن نتذكر أنه في كل عام يقع 5 ملايين شخص ضحايا الأمراض التي تسببها المياه الغير صحية مما يجعلها السبب الرئيسي للوفاة في العالم. في نفس الوقت، يساهم كل من النمو السكاني، زيادة المساحة المروية، التوسع العمراني وزيادة التلوث الصناعي في استنزاف موارد المياه. يتطلب بالتالي السعي لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية – والتي تشمل ” الحد إلى النصف، بحلول عام 2015، نسبة السكان الذين يفتقرون إلى امكانية الحصول على إمدادات منظمة من المياه الصالحة للشرب” – تعاونا من جميع الأطراف الفاعلة في إطار المحافل المتعددة الأطراف الجديدة.
بالإضافة إلى ذلك، يتطلب تحسين الحصول على المياه الصالحة للشرب و معالجتها في البلدان النامية استثمارات ضخمة في البنى التحتية. وقد أدت المفاوضات خلال مختلف الاجتماعات المتعددة الأطراف إلى اعتماد النموذج الفرنسي للشراكة بين القطاعين العام والخاص من قبل العديد من المنظمات الدولية. يدعو هذا النظام القائم على مفهوم اقتصادي للسلع العامة العالمية إلى حل هذه المشكلة عن طريق مشاركة أكبر من الفاعلين في السوق. هذا يعني أنه من المفروض أن يسمح تسويق الماء بالتمويل المستدام للبُنى فضلا عن توعية الناس بهذه المسألة. نشير في هذا السياق إلى اشتراط كلا من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي تطبيق الدول المستفيدة لهذا النموذج لمنح تأييدهما.
ومع ذلك، تنتقد العديد من المنظمات الغير حكومية هذا النهج، حيث تندد بتسويق هذ المورد في البلدان النامية. تنتج هذه الخوصصة بالنسبة لهؤلاء الأطراف تفاوتات جديدة لأنها تشمل تكاليفا إضافية على الأسر. في الواقع، تناقض هذه النظرة الاقتصادية اعتبار الصالح العام القائم على أساس المشاركة القوية للهيئات الدولية واتخاذ أفضل الطرق للتنمية. لذلك، و في غياب توافق مسبق على مفهوم للسلع العامة العالمية ، فإن عملية المفاوضات لا تزال منظمة حول هذا الصراع الاستراتيجي.
نلاحظ حاليا ظاهرة تقارب بين المنظمات غير الحكومية المعارضة لهذا النمط من الإدارة. تتحالف هذه الجهات لتشكل مجالات جديدة كما هو مبين في منتدى المياه العالمي البديل الرابع الذي عقد في مرسيليا من 14-17 مارس 2012. في هذه الحالة، تتعلق مطالبهم بتواطؤ من المصالح العامة والخاصة في إطار المجلس العالمي للمياه، حيث ينتمي العديد من أطرافه في الواقع إلى الشركات الفرنسية الثلاثة الكبرى للمياه و معالجتها. ولذلك، فإن المنتدى العالمي للمياه يمثل وسيلة لتحقيق مصالح هذه الشركات على الصعيد الدولي من خلال الترويج لنموذج الشراكة بين القطاعين العام و الخاص. بانتقاده لمنطق “النادي”، يتساءل منتدى المياه العالمي البديل عن مدى كفاءة هذا النظام مع تشديده على النكسات التي عرفها منذ عشر سنوات في أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
المراجع
Cox Robert W. (Éd.), The New Realism: Perspectives on Multilateralism and World Order, New York, St. Martin’s Press, 1997
Gabas Jean-Jacques, Hugon Philippe, « Les biens publics mondiaux et la coopération internationale », L’Économie politique, 12 (4), 2001, pp.19-31
Hugon Philippe, « Vers une nouvelle forme de gouvernance de l’eau en Afrique et en Amérique latine », Revue Internationale et Stratégique, 66 (2), 2007, pp.65-78
Rosenau James, Turbulence in World Politics: a Theory of Change and Continuity, Princeton, Princeton University Press, 1990
Schneier-Madanes Graciela (Éd.), L’Eau mondialisée, Paris, La Découverte, 2010
Smouts Marie-Claude, « La coopération internationale : de la coexistence à la gouvernance mondiale », in : Smouts Marie-Claude (Éd.), Les Nouvelles relations internationales, Paris, Presses de Sciences Po, 1998, pp. 135-160
Apr 15, 2012 | Passage au crible (arabe), أفريقيا, الأمن
مقال: فيليب هوجون Philippe Hugon
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°64
Sahara. Pixabay
في سياق فشل السلطة المالية والجيش، أعلن متمردو الطوارق للحركة الوطنية لتحرير أزواد الناشطون إلى جانب الحركات الإسلامية عن استقلال أزواد في نيسان عام 2012. أدى هذا الوضع الى تقسيم فعلي لمالي، حيث هرب العديد من الماليون نحو الشمال. وقعت تمبكتو الملقبة بمكة الصحراء تحت سيطرة أنصار الدين في حين اتُخذ بعض الجزائريين كرهائن في غاو. تؤثر هذه الصراعات على كل منطقة الساحل الصحراوي.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
إن حركات الطوارق قديمة. وقفت فرنسا الاستعمارية في وجه المحاربين الطوارق خلال الحرب العالمية الأولى، في حين قامت بدمجهم في فيالق الجمال الصحراوية. مع نهاية الجمهورية الرابعة وبداية الجهورية الخامسة طمحت المنظمة المشتركة للمناطق الصحراوية لإنشاء فضاء مستقل للطوارق من أجل فصل الجزائر عن الصحراء الغنية بالنفط. شهدت أزواد منذ الاستقلال عن مالي حملات من القمع والتمرد والتفاوض. وقد جند نظام القذافي في عام 1972 العديد من الطوارق في فيلقه الإسلامي مماساهم في تصاعد التوتر قبل أن يلعب دور المفاوض. ومع ذلك، ظلت اتفاقات الاعتراف بمزيد من الحكم الذاتي و الحقوق للطوارق حبرا على ورق. أعاد سقوط نظام القذافي في الآونة الأخيرة العداوات، وذلك بسبب عودة مهاجرين والمرتزقة مع أسلحة ثقيلة.
نلاحظ اليوم تطور في مدى وطبيعة المطالب. في الواقع، أعلنت الحركة الوطنية لتحرير أزواد ( 3000 من الرجال المدججين بالسلاح) استقلالها عن المطالب السابقة التي كانت تركز على المساواة في الحقوق ، حكم ذاتي أكبر و الحد من التهميش الذي يعاني منه شمال المالي. للقيام بذلك، لجأت لتأييد الميليشيات الاسلامية: حركة أنصار الدين التي يقودها إياد أغ غالي – الذي يدعو لتطبيق الشريعة – و الحركة من أجل الوحدة والجهاد، و اللتان لهما صلات مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحتى وفقا لبعض المصادر بوكو حرام.
الإطار النظري
1. ضعف الدولة. أصبح تمرد العسكريين بسرعة عبارة عن انقلاب وُصف بالتراخي أو التواطؤ بين السلطة السياسية وحركات التمرد. سارع الرئيس المالي امادو توماني توري بالتنازل عن السلطة لصالح رئيس الجمعية الوطنية. تم تعيين تراوري رئيسا للدولة خلال المرحلة الانتقالية. لكن هذه الأزمة المؤسسية والسياسية تشهد في الواقع وقبل كل شيء على ضعف كبير في الدولة و حتى على نوع من الفراغ. تنتشر في بلد يشهد انفجارا ديمغرافيا تفاقم بسبب الجفاف مبادلات متنوعة (كوكايين، سيارات، أخذ الرهائن والأسلحة)، اضافة إلى صراعات مسلحة (مختلف كتائب تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي، حركات الطوارق) والمنافسات في مجالات التعدين والبترول. هذا ما يعرض السكان إلى صراعات متكررة و تقليدية (بين المزارعين المستقرين والرعاة، بين المنحدرين من المغيرين وضحاياهم).
2. ظهور اللاعبين غير الحكوميين. يجمع قوس الساحل الصحراوي العديد من الظروف الملائمة لتلعب جهات فاعلة غير الحكومية (مثل للحركة الوطنية لتحرير أزواد، الحركة من أجل الوحدة والجهاد، الخ.) و غير المتجانسة دورا هاما في المنطقة.
تحليل
تختلف أهداف الحركة الوطنية لتحرير أزواد (استقلال أزواد)، وأنصار الدين (تطبيق الشريعة الإسلامية في مالي)، وبعض كتائب تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (إقامة الخلافة من موريتانيا إلى الصومال).للوهلة الأولى، تبدو الروابط محدودة بين السلفيين الجهاديين لتنظيم القاعدة و الطوارق البربر المرتبطين بالمذهب المالكي والمتفتحين على الصوفية كجماعات التيجانية أو الكندنية. لكن تنظيم القاعدة ينشط في نفس مجالات الطوارق. أما منطقة أدرار إفاغاس، فتبدو كملجأ لبعض الكتائب. علاوة على ذلك، توجد من دون شك صراعات للسيطرة على تهريب الكوكايين والأسلحة في حين أن البعض يأمل أن يعارض الطوارق المرتزقة العائدين من ليبيا تنظيم القاعدة.
تتميز الجهات المعنية بالأزمة المالية بالتنوع الكبير. لا يمكن أن تقبل الجزائر باستقلال أزواد. شمال النيجر موطن لحوالي 700000 من الطوارق وعلى مقربة من شمال مالي. كما تتأثر الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بالبعد الإقليمي للصراع. قد تملك ضمن الجماعة الاقتصادية لمجموعة دول غرب أفريقيا لرصد وقف إطلاق النار قوة متكونة من 2000-3000 الرجال. ومع ذلك، برهن التاريخ عن عدم كفاءة القوات التابعة للجماعة، حيث أن هذه القوة ستستغرق وقتا لتكون فعالة، ناهيك عن مواجهتها لمشاكل لوجستية. كما لعبت فرنسا دورا في التسبب في أزمة جراء الآثار الثانوية لتدخل حلف شمال الاطلسي في ليبيا. وتعتبر قريبة من حركات الطوارق و معنية مباشرة بمصير الرهائن على الرغم من أنها تعرف فترة الانتخابات. ولذلك، أوصت رعاياها بمغادرة مالي مؤقتا دون أن تتدخل عسكريا.
تزداد المآسي الإنسانية بسبب تدفق اللاجئين (200000 على الاراضي المالية والدول المجاورة: بوركينا فاسو، النيجر والجزائر، في مارس 2012). لكن تعطل الإنتاج و استحالة تنظيم الأنشطة الإنسانية تساهم في ازدياد الوضع سوءا. لذلك، يبدو تنظيم مساعدات دولية عاجلا للغاية. رغم أن استقلال أزواد يفتقر للشرعية، إلا أن الانفصال الفعلي مستدام. ومع ذلك، فإن الحلول تبدو أقل عسكرية من دبلوماسية واقتصادية.
المراجع
Boiley Pierre, Les Touaregs Kel Adagh. Dépendances et révoltes du Soudan français au Mali, Paris, Karthala, 1999
Bourgeot André (Éd.), Horizons nomades en Afrique sahélienne, Paris, Kathala, 1999
GEMDEV, Mali-France. Regards pour une histoire partagée, Paris Karthala, 2005
Hugeux Vincent, Thilay Boris, « Les 12 plaies du Mali », L’express, 11-17 avril 2012
Hugon Philippe, Géopolitique de l’Afrique, Paris, SEDES, 3e ed. 2012
Apr 8, 2012 | Passage au crible (arabe), الممتلكات العامة اﺍلعالمية
مقال: إيف بوامور Yves Poirmeur
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°63
Qatar. Baie de l’Ouest. Pixabay
تحتل دولة قطر باستمرار العناوين الرئيسية للصحف نظرا لاستحواذها على الأعمال الفنية. استثمرت العائلة الحاكمة في الخارج بسبب ادراكها لحدود الموارد الباطنية. لذلك، يتوجب فهم مشاركتها في المجال الفني على الرغم من اعتباره عشوائيا وعقيما.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
قامت الإمارة الصغيرة القطرية بالعديد من الاستثمارات في مختلف المجالات الأساسية للاقتصاد العالمي في نطاق تميز بزيادات في أسعار الوقود والازمة المالية. حيث أنها تملك الآن مؤسسات سياحية فاخرة مثل فنادق كارلتون Carlton، مونسو الملكي Monceau Royal ، محلات هارودزHarrods، وفندق سافوي Savoy. كما أن لديها حصص جزئية في شركات متعددة الجنسيات فرنسية – مثل فينشي Vinci، لاغاردير Lagardère ، فيفاندي Vivendi، توتال Total، LVMH، سويز البيئة Environnement Suez – اضافة إلى شركات أوروبية كشركة فولكس فاجن Volkswagen وبورش Porsche أو بنك باركليز Barclays.
بالإضافة إلى ذلك، اهتمت الإمارة بشراء لوحات الرسامين الكبار، مما سمح لها في عام 2011 بتصدر قائمة أكبر المستثمرين في سوق الفن. تشير التقديرات في هذا الصدد إلى ارتفاع قيمة صادرات الولايات المتحدة إلى قطر خلال السبع سنوات الأخيرة لتصل إلى 428 مليون دولار. على سبيل المثال، استولت الإمارة في عام 2009 على أعمال روثكو Rothko التي كانت ملك رجل الأعمال إيزرا ميركين Ezra Merkin مقابل مبلغ 310 مليون دولار، بعد سنتين فقط من شراء مجموعة روكفلر Rockefeller. كما أمنت خصم الضرائب على أعمال كلود بيري Claude Berri مقابل 45 مليون يورو، و الذي كان مقدرا في الأصل لفرنسا. كما قامت الإمارة باعتماد مهندسين معماريين معترف بهم دوليا من أجل عرض هذه الأعمال الفنية. حيث صمم جان نوفيل Jean Nouvel المتحف الوطني القطري. كما تم تصميم متحف الفن الإسلامي الذي افتتح عام 2008 من قبل الأمريكي الصيني باي Pei ، و متحف الفن الحديث من قبل جان فرانسوا بودان Jean-François Bodin.
الإطار النظري
1. مجتمع دولي فوضوي. على الرغم من أن الفوضى تميز الصعيد الدولي إلا أنها تتخذ أشكالا مختلفة. في الواقع، تتشكل هذه الفوضى نتيجة العوامل الايديولوجية والمادية مما يجعلها أكثر قربا إلى “مجتمع دولي” (هيدلي بول Hedley Bull) من أن تكون حربا مستمرة كما يتصوره الواقعيون. يعمل أعضاء هذا المجتمع للحفاظ على علاقات التعاون، والمشاركة في المؤسسات واستيعاب القيم المشتركة مثل الولاء والاعتراف المتبادل.
2. القوة المتناقضة للدول الصغيرة. أمام التغاضي عن دراسة الدول الصغيرة من قبل الدوليين، تقتصر النظريات المتعلقة بها على الدبلوماسية التي تهدف إلى تعزيز المعايير والسلام والعمليات الإنسانية (كريستين إنجبرتسان Ingebritsen Christine). ومع ذلك، فقد شهدنا في السنوات الأخيرة التراجع النسبي للقوى العظمى. وعلى العكس، استفادت ” الدول الأقزام” (روبرت كيوهان Robert Keohane) من العولمة التي تميزت بتكثيف العلاقات وزيادة الجهات الفاعلة العابرة للحدود الوطنية. تتصدر في إطار هذا التكوين العديد من الدول الطليعة من خلال تركيز رؤوس أموال ضخمة، و عن طريق التموقع في ملتقى التدفقات المالية، الثقافية، التجارية والبشرية.
تحليل
تتأكد ملاحظات كاتزنتاين Katzenstein حول تكيف و مقاومة الدول الصغيرة في نطاق التغير السريع للنظام الرأسمالي و النظام الدولي . أدت العولمة في الواقع إلى ازدياد المنافسة بين القطاعات و تشكيل اقتصادات- العالم وتركز الثروات. لذا، يبدو أن القوة ترتبط ببساطة بالسيطرة على القدرات الإنتاجية والتوزيعية التي تضمن استقلال الدولة. وعلى العكس، فإنها ترتبط بالسلطة والاشعاع الناتج عن امتلاك مركز جاذبية عالمية أو أكثر. بعبارة أخرى، هذه العملية لا تعني الخروج من اللعبة الدولية، ولكن العمل للعب دور أساسي فيها. على سبيل المثال، اذا كانت الولايات المتحدة اليوم تحافظ على توازن هيكلي، فهذا يعود الفضل فيه أيضا إلى المركز الأساسي الذي تحتله هوليوود في صناعة السينما، وول ستريت في التمويل العالمي و السليكون فالي في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
تتوجه الدول الصغيرة للتخصص في مجال معين في إطار عالم مجزأ. لهذا السبب يعرف البعض منها كقطر تطورا ملحوظا. حيث تسعى دولة قطر للتخصص في عالم المعرفة والفنون الجميلة مثل سنغافورة أو الملاذات الضريبية. تسمح لها الفنون الجميلة بتحقيق الاعتراف العالمي كوسيلة لمواجهة تهديد جيرانها كالمملكة العربية السعودية أو إيران. كما يجب أن تساهم في تطوير أراضي تستخرج معظم مواردها في صناعة الغاز. تجدر الإشارة إلى أن قطر أصدرت في عام 1996 قناة الجزيرة الشهيرة، التي فرضت نفسها في المشهد الإعلامي. كما استضافت العائلة الحاكمة الفنانين اللاجئين من العراق، في حين يظهر قادتها كجامعي أعمال فنية كبار. علاوة على ذلك، فقد استقطبت العديد من الجامعات مثل الأميركيين جورج تاون، نورث وسترن، كارنيجي، وكورنيل، والاوروبيين من ستاندن والكنديين من كالجاري وشمال الأطلسي، والذين استقروا في البلاد مع تطويرهم لمناهج دراسية كاملة. نلاحظ أن هذه الاستراتيجية مماثلة لتلك التي تبنتها أبوظبي التي شرعت في بناء فروع لمتحف اللوفر وغوغنهايم بعد افتتاح الحرم الجامعي سوربون – باريس أبوظبي- ،HEC ، جامعة نيويورك وحتى جامعة القديس يوسف في بيروت.
أخيرا، تثبت سياسة العظمة الثقافية هذه أن القوة لا تقتصر على القدرات و الموارد الجيو استراتيجية، بل تنتج عن التغيرات العالمية التي تخلق الفرص لبعض اللاعبين المهملين حتى الآن. تجذب هذه الأطراف المتمتعة بحكومة ذات سلطة و سيادة مطلقة – بسبب طابعها الدولي – الجهات الفاعلة غير الحكومية مثل الشركات، لتظهر كمركز جذاب في إطار العولمة.
المراجع
« A Smithsonian in the Sand », The Economist, 29 Dec. 2010
Barthe Benjamin, « Qatar. Les ambitions démesurées d’une micro-monarchie », Le Monde, 25 fév. 2012, pp. 4-5. Supplément Géo et Politique
Bull Hedley, The Anarchical Society. A Study of Order in World Politics, New-York, Columbia University Press, 1977
« Ce que le Qatar possède en Europe », Challenges, 14 fév. 2012
Elkamel Sara, « Qatar Becomes World’s Biggest Buyer of Contemporary Art », The Guardian, 13 July 2011.
Hartvig Nicolai, « Qatar Looks to Balance Its Arts Scene », New York Times, 6 Jan. 2012
Ingebritsen Christine, “Norm Entrepreneurs: Scandinavia’s Role in World Politics”, Cooperation and Conflict, 1 (37), 2002, pp. 11-23
Katzenstein Peter J., Small States in World Market: Industrial Policy in Europe, Ithaca, Cornell University Press, 1985
Katzenstein Peter J., « Small States and Small States Revisited », New Political Economy, 8 (1), 2003
Keohane Robert O., « Lilliputians’ Dilemmas: Small States in International Politics », International Organization, 2 (23), Spring 1969, pp. 291-310
Laroche Josepha (Éd.), La Loyauté dans les relations internationales, 2e éd., Paris, L’Harmattan, 2011
Le Grand Dominique, « Le Qatar, premier acheteur d’art », Le Soir, 2 août 2011
Waage Hilde Henriksen, « The ‘Minnow’ and the ‘Whale’: Norway and the United States in the Peace Process in the Middle East », British Journal of Middle Eastern Studies, 34 (2), Aug. 2007, pp. 157-176
Mar 28, 2012 | Uncategorized
مقال: إيف بوامور Yves Poirmeur
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°62
Pixabay
تم الحكم في 3 فبراير 2012 على كاينغ غوك ايف Kaing Guek Eav المعروف بدوتش Dutch أحد قادة الخمير الحمر بالسجن مدى الحياة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية وانتهاكات خطيرة لاتفاقيات جنيف، وجرائم القتل والتعذيب عن طريق الدوائر الاستثنائية للمحاكم الكمبودية. حيث قام بإدارة مركز الاعتقال السري S 21 في فنوم بنه Phnom Penh خلال السبعينات. يضاعف هذا الحكم من عقوبة السجن لمدة 35 عاما التي فرضت في المقام الأول، كما ينفي الإصلاح الذي مُنح للمتهم بسبب اعتقاله غير القانوني من قبل المحكمة العسكرية في كمبوديا بين عامي 1999 و 2007. جاء هذا العقاب في وقت متأخر بعد ثلاثين عاما من وفاة ما لا يقل عن 12272 ضحية ما بين عام 1975 وعام 1979 في السجن الواقع آنذاك تحت مسؤولية دوتش. و لكنه يبدو مثاليا وخطوة إلى الأمام في مكافحة الإفلات من العقاب ضد مرتكبي الجرائم الدولية الخطيرة.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
أصبح تأسيس الدوائر الاستثنائية لمحاكمة كبار قادة كمبوتشيا والمسؤولين عن الإبادة الجماعية التي قتل فيها نحو مليوني شخص ممكنا بعد تحول فوضوي في علاقات القوى السياسية. فضلت اتفاقات باريس (1991) في البداية المصالحة الوطنية وادماج الخمير الحمر في الحياة السياسية بدلا من تقديمهم إلى العدالة. بعد فشل هذه العملية التي انتهت مع ” وضع خارج القانون مجموعة كمبوتشيا الديمقراطية” (قانون 7 يوليو 1994) و ضم أحد قادتها ( لينغ ساري Ieng Sary) إلى السلطة بعد عفو الملك عنه ، اضافة إلى إدانة بول بوت Pol Pot بواسطة جيشه (يونيو 1997)، طلبت الحكومة الكمبودية الساعية للشرعية الدولية المساعدة من الأمم المتحدة لمحاكمة قادة الخمير الحمر. تم قبول هذا الطلب من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة (القرار 52/135 المؤرخ 12 ديسمبر 1997). لم يلق إنشاء محكمة ثالثة إلى جانب تلك التي أنشئت أصلا من قبل مجلس الأمن لمحاكمة المسؤولين عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي في يوغوسلافيا (1993)، والإبادة الجماعية في رواندا (1994) تأييد الحكومة الكمبودية التي تريد السيطرة على عدالتها الجنائية لأسباب تتعلق بالأمن الوطني، لكنها وافقت في هذا الصدد على قانون لإنشاء دوائر استثنائية (10 يونيو 2001). علاوة على ذلك، واجهت الدوائر الاستثنائية ايضا معارضة من الصين وإحجام الدول عن تمويل محكمة دولية أخرى، اضافة إلى غياب أي أساس قانوني في وجود تهديد ضد السلام والأمن نظرا لأقدمية الجرائم ( ميثاق الأمم المتحدة، بند41).
الإطار النظري
1. التفاوض على العدالة. تقوم المحاكم الجنائية التي تم تدويلها على أساس تعاقدي على عكس المحاكم الجنائية الدولية التي أنشأها طرف واحد: مجلس الأمن (الفصل السابع). إذا افتراضنا وجود دولة تتفاوض مع الأمم المتحدة على إنشاء محاكم جنائية متخصصة في ملاحقة الجرائم الدولية الموثقة بدقة، فإن الاتفاق الثنائي يحدد قواعد: 1) التأسيس، 2) العمل، 3) التمويل و4) تحديد حقوق والتزامات المتعاقدين. رغم اتسام المفاوضات ببطئها إلا أنها تدفع الدولة إلى احترام مجموعة من الالتزامات الجوهرية فيما يتعلق بسير عمل المحكمة والقانون الجنائي حيث تطبق هذه القواعد من خلال فرض معايير قانونية عالية مقابل الحصول على مساعدات دولية وشرعية تمنحها لها هذه المؤسسة.
2. تدويل ولايات جنائية وطنية. رغم خضوع الدوائر الاستثنائية للنظام القضائي الكمبودي إلا أن الأمم المتحدة لا تزال مرتبطة ارتباطا وثيقا بإدارتها وآليات عملها. حيث توفر المنظمة الجزء الأكبر من نفقاتها وتتدخل في تعيين بعض أعضائها، مما يجعل منها محاكم مختلطة.
تحليل
بعد مفاوضات طويلة بين كمبوديا و الأمين العام للأمم المتحدة تم توقيع اتفاق ثنائي يخص التعاون الدولي في 6 يونيو 2003 من أجل “مقاضاة بموجب القانون الكمبودي مرتكبي الجرائم خلال فترة كمبوتشيا الديمقراطية “. تتميز هذه العدالة الدولية بالغموض نظرا لطبيعتها المركبة. يظهر هذا التركيب جليا في تكوين إدارة الدوائر الاستثنائية، والتي تدار من قبل مجلس الإدارة الذي يترأسه مدير كمبودي ومساعد مدير معين من قبل الأمم المتحدة. كما تتألف من محكمة أولى مكونة من خمسة قضاة، ثلاثة كمبوديون و اثنين أجانب اضافة إلى دائرة استئناف في المحكمة العليا مكونة من سبعة أعضاء، أربعة كمبوديون وثلاثة اجانب. تدخل التحقيقات والملاحقات القضائية في اختصاص اثنين من قضاة التحقيق والمدعين العامين على التوالي، احدهما كمبودي والآخر أجنبي. يتم تعيين القضاة والمدعين العامين بموجب مرسوم ملكي. يتم اختيار قاضي التحقيق، المدعي العام والقضاة الدوليين على التوالي من قبل المجلس الأعلى للقضاء من خلال ثلاث قوائم يقترحها الأمين العام للأمم المتحدة. على الرغم من تمثيل القضاة الدوليين لأقلية و عدم إدارتهم لأي جهاز من أجهزة الحكم إلا أن موافقة أحدهم على الأقل مطلوبة من أجل اتخاذ القرارات لأن هذه العملية قائمة على مبدأ الأغلبية لأربعة قضاة مؤهلين في المحكمة الابتدائية و خمسة للاستئناف. على أي حال، لا يمكنهم فرض حكمهم دون دعم قاضيَيْن على الأقل من القضاة الكمبوديين مما يدفع للتشكيك في استقلالية هذه المحاكم التي تبقى سيطرة السلطات الوطنية على تعيين أعضائها خانقة. تفصل في النهاية غرفة أولية في أي خلافات بين أعضاء النيابة العامة أو القضاة.
ينطبق هذا التهجين كذلك على القانون الذي تطبقه هذه المحاكم. فهي ليست مختصة فقط للنظر في جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب حسب تعريفها في القانون الجنائي الدولي، ولكن تنظر أيضا في مخالفات القانون العام بموجب قانون العقوبات الكمبودي لعام 1956 التي بموجب القانون (المادة 3) تخص القتل والتعذيب والاضطهاد الديني. بسبب اختصاص ولايتها “بكبار القادة” و “كبار المسؤولين”، تمكنت هذه المحكمة من السماح بتطبيق إجراءات قانونية ضدهم عند عدم استيفاء العناصر المكونة للجرائم الدولية. لكن هذا يتم على حساب تغيير القواعد عند ارتكاب الفعل، وهو ما يتعارض مع مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي. أما الإجراءات الجنائية المتبعة، فتدخل في إطار قانون الإجراءات الكمبودي بشرط أن يتوافق مع مبادئ القانون الدولي، وخصوصا قواعد الحق في محاكمة عادلة.
إذا كانت إدانة دوتش تعبر عن أهمية آلية المحاكم الدولية لمكافحة الجرائم الدولية الأكثر خطورة، فإن الطابع المؤسسي للدوائر الاستثنائية يكشف عن قدرة السياسة على ترك مجال واسع للإفلات من العقاب.
المراجع
Martineau Anne-Charlotte., Les Juridictions pénales internationalisées. Un nouveau modèle de justice hybride ?, Paris, Pedone, 2007
Boyle David, Lengrand Julie, « Le retrait des négociations pour un tribunal mixte au Cambodge », Actualité et droit international, mars 2002
Ung Boun-Hor « Le drame cambodgien : des victimes en quête de justice », in : Gaboriau Simone, Pauliat Hélène (Éds.), La Justice pénale internationale, Limoges, Presses Universitaires de Limoges, 2002