PAC 81 – العولمة الأمريكية لشبكة الإنترنت فشل قمة دبي العالمية للإتصالات

مقال: ألكندر بوهاسAlexandre Bohas

ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa

Passage au crible n°81

Pixabay

انتهى مؤتمر الاتحاد الدولي للاتصالات في ديسمبر 2012 على خلاف بين الدول الأعضاء حول نوع تنظيم شبكة الانترنت. لكن غياب التوافق هذا حاسم بالنسبة لمستقبل القطاع، كما يكشف عن الخلافات بين القوى ووجهات النظر العالمية.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

منذ أواخر القرن التاسع عشر، ينظم الاتحاد الدولي للاتصالات تبادل البرقيات، الاتصالات الهاتفية والبث الإذاعي، ولا سيما من خلال تخصيص ترددات الراديو. كما يعتبر منذ وضعه تحت سيطرة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية متخصصا وتقنيا في هذا المجال. ومع ذلك، انتقد أنصار النظام العالمي الجديد للمعلومات والاتصالات هذه المنظمة مركزين على الأبعاد السياسية.
على الرغم من تطور شبكة الإنترنت خارج نطاق المنظمة إلا أنها تنتمي إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. تدار الشبكة من قبل منظمة غير ربحية مقرها في ولاية كاليفورنيا،الآيكان ICANN (هيئة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة). تهتم هذه المؤسسة من جهة بنظام أسماء النطاقات، ومن جهة أخرى بتنسيق الإجراءات لصالح الاستقرار والأمن والوحدة داخل هذا الفضاء الافتراضي. كما تمنحه مهامه نفوذا كبيرة مع إدخال الشبكة في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. لهذا هو السبب، أراد كل من الصين وروسيا والمملكة العربية السعودية دمج المنظمة في الاتحاد الدولي للاتصالات على الرغم من معارضة الدول الغربية. أكدت هذه الدول لتبرير موقفها على”حق كل حكومة في إدارة الرموز والعناوين والأسماء والهويات الرقمية “1. بعد التصويت على هذا الاقتراح من قبل غالبية الدول، رفضت 55 دولة بقيادة الولايات المتحدة توقيع أي معاهدة تنص على توسيع السلطات التي تهدد، وفقا لها، نموذج الإدارة ووحدة الانترنت.

الإطار النظري

.1 النظام الدولي “ككتلة تاريخية”. تبعا للمنظور الكلاني لغرامشي Gramsci، يتميز المجال العالمي بسيادة تحالفات الهيمنة التي تعتمد على هيئات اقتصادية واجتماعية ومؤسسية وإيديولوجية (روبرت كوكسRobert Cox وستيفن جيل Stephen Gill ). تشكل بذلك الدول هياكل فوقية غير متجانسة من الصراعات، في حين تكوٌن جماعات المصالح والمنظمات عبر الوطنية الهيكل العام. يمكن هذا النموذج من تحديد تغييرات النظام دون التركيز على دور الدول.
.2 الإدارة العالمية في خدمة التفوق الأميركي. تعزز العولمة تطوير “العمليات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية التي من خلالها يتم إنشاء القواعد واحترامها، والحصول على الفوائد من خلال السعي لتحقيق الأهداف الجماعية”2. تكسب الجهات الفاعلة غير الحكومية الاعتراف الكامل على حساب الحكومات التي تفقد مركزها المميز. تساهم بالتالي هذه الأنواع من التنظيمات السياسية الهجينة في تكوين توازن جديد للقوى مع تعزيز تركيب دولي مؤيد للولايات المتحدة.

تحليل

تسلط الخلافات حول الإنترنت الضوء على الاضطرابات الناجمة عن هذه الوسيلة في البلدان النامية. باعتباره منتوج التكنولوجيا والاكتشافات الغربية، ينطوي استخدامه على قيم مثل حرية التعبير والمساواة بين المستخدمين والترابط والتضامن عبر الوطني. وبالإضافة إلى ذلك، يعكس مضمونه المتوفر في جميع أنحاء العالم إيديولوجيات ، تمثيلات محددة وطرق معيشة. في هذا الصدد، تنتقل أبعادها الاجتماعية والثقافية في جميع أنحاء العالم. هذا ما يبرر الشكوك وحتى معارضة النخب الحاكمة التي تتناقض مع الأفكار المتداولة على شبكة الإنترنت التي تمس بأسس سلطتها من خلال ضرب شرعيتها ومضاعفة وسائل نشاط الأفراد الموهوبين skilled individuals. يؤكد جيمس روزناو James Rosenau عن طريق هذا المفهوم على زيادة قدرات وموارد الأفراد على الساحة العالمية.
علاوة على ذلك، تعكس معارضة بناء فضاء رقمي رد فعل الدول لمكافحة انتشار أطر التنظيم عبر الوطنية أين تتفوق الجهات الفاعلة والعمليات غير الحكومية. تعزز هذه الأطر ضمنيا المجتمعات المدنية مقارنة بالمنظمات الدولية. على سبيل المثال، يتكون مجلس الآيكان من 16 عضوا يمثلون عالم الكمبيوتر، والمجتمعات الإقليمية من المستخدمين، وشركات التجارة الإلكترونية، لا سيما من خلال منظمة دعم الأسماء العامة Generic Names Supporting Organization واللجنة الاستشارية الموسعة At-Large Advisory Committee ، في الوقت الذي لا يتعدى دور الدول الصفة الاستشارية في نطاق اللجنة الحكومية الاستشارية Governement Advisory Committee. تتجاوز بذلك هذه المنظمة الدول بتكوينها لصلات مباشرة مع أعضاء المجتمع المدني – الأخصائيين الفنيين والنشطاء والمستخدمين والعملاء الإقتصاديين – من خلال عقد اجتماعات منتظمة والمشاركة في هيئات الترشيح والقرار الخاصة بها.
تبقى هياكل الدولة الاستبدادية ضعيفة هيكليا في إطار هذه التكوينات بسبب القيود التي تفرضها على مجموعاتها الاجتماعية. في هذا النطاق، يعزز الحكم العالمي التفوق الأميركي الذي يتميز بدينامكية وتنوع مجتمعها أمام ظهور دول تعتمد على قادة أقوياْء، نمو سريع وصناديق الثروة السيادية مما يساهم مؤسسيا في “الكتلة التاريخية” الأمريكية. بانتقادها لاتفاق دبي، تدافع الولايات المتحدة عن المصالح الاقتصادية للغرب التي تحتل فيها تكنولوجيات المعلومات والاتصالات مركزا أساسيا. وبالإضافة إلى ذلك، تعزز حرية استعمال الإنترنت المزايا التنافسية لشركاتها الكبرى التي تتميز بالتطور الكامل. وأخيرا، بالدفاع عن شبكة الإنترنت، فإنها تضمن تعاطف الرأي العام الغربي ونشطاء الحريات، إضافة إلى المستخدمين الصامتين في البلدان النامية. تحصل الولايات المتحدة بذلك على دعم ضمني لهيمنتها، مما يساهم في توسيع نطاق نظامها الدولي.
تقودنا هذه الدراسة إلى ربط تطور المؤسسات الدولية بهيكلة النظام العالمي. لا يمكننا إلا المنظور المنهجي من تحديد هذه الروابط، مما يسهل تسييس هذه التحولات الحكومية المعروفة بصبغتها الوظيفية.

المراجع

Cox Robert W., Sinclair Timothy J., Approaches to World Order, Cambridge, Cambridge University Press, 1996
Garber Megan, « How the UN’s ‘Game-Changing’ Internet Treaty Failed », Atlantic online, 14 Dec. 2012
Gill Stephen, Gramsci, Historical Materialism and International Relations, Cambridge, Cambridge University Press, 1993
« Global Internet Diplomacy », The New York Times, 14 Dec. 2012
IUT, Final Acts. Conference on International Telecommunications, 3-14 Dec. 2012, disponible à la page web : www.itu.int/en/wcit-12
ICANN, Nominative Committee. Final Report, 2012, disponible à la page: http://nomcom.icann.org
Kelley Lee, Global Telecommunications Regulation: A Political Economy Perspective, London, Pinter, 1996
Koppell Jonathan, « Internet Corporation for Assigned Names and Numbers », in: Held David, Hale Thomas, The Handbook of Transnational Governance : Institutions and Innovations, Cambridge, Polity Press, 2011, pp. 176-182
Rosenau James N., Turbulence in World Politics: a Theory of Change and Continuity, Princeton, Princeton University Press, 1990
« UN Telecom Treaty Approved Against U.S. Web-Censorship Concerns », The Washington Post, 13 Dec. 2012

1. Garber Megan, « How the UN’s ‘Game-Changing’ Internet Treaty Failed », Atlantic online, 14 Dec. 2012
2. David Held, Thomas Hale, The Handbook of Transnational Governance: Institutions and Innovations, Cambridge, Polity Press, 2011, p. 12

PAC 80 – النجاح الضار للمسافرين خلسة مؤتمر الدوحة 2012 بشأن تغير المناخ

مقال: وايتنغ كاوWeiting Chao

ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa

Passage au crible n°80

CCNUCC DohaSource: Wikimedia

انعقدت الدورة 18 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP 18)والدورة الثامنة لمؤتمر الأطراف الموقعين على بروتوكول كيوتو (CMP8) في الدوحة (قطر) من 26 نوفمبر إلى 8 ديسمبر 2012. مكنت هذه المفاوضات التي جمعت ما يقارب من 200 دولة من تمديد بروتوكول كيوتو حتى عام 2020.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

يعتبر بروتوكول كيوتو الذي وُقع في عام 1997 الاتفاق العالمي الوحيد الذي يفرض التزامات على الدول الصناعية. يعتمد البروتوكول على الاتفاقية الإطارية التي وقعها 153 بلدا في سنة 1992، والتي تهدف إلى الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. يميز البروتوكول بين المرفق الأول و الغير المرفق الأول اللذان يشيران إلى مجموعتين من الدول. تعتمد هذه المعاهدة على مبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة مع احترام الإنصاف. رفضت الولايات المتحدة في عام 2001المصادقة عليها بحجة أنها من شأنها أن تقيد تنمية الاقتصاد الأمريكي مما أثر سلبا على النظام الدولي، لذلك لعب الاتحاد الأوروبي دورا رائدا في الحفاظ على المفاوضات الجارية.
دخل بروتوكول كيوتو حيز النفاذ في 16 فبراير 2005 بعد تصديق روسيا. نظرا لانتهاء مفعوله مع نهاية سنة 2012، بدأ الحديث عن فترة ما بعد كيوتو منذ عام 2005. خلال مؤتمر بالي (COP 13،2007)، اعتمدت الدول الأطراف خارطة طريق كان من المفترض انهاؤها في كوبنهاغن عام 2009 ولكن لم يحدث أي تقدم يذكر بعد ذلك. في الواقع، لا تفرض اتفاقية كوبنهاغن على الدول الموقعة الاتفاق على نص جديد لأنها غير ملزمة قانونيا. أكدت روسيا واليابان وكندا في عام 2011 أنها لن تشارك في جولة ثانية من تخفيضات الانبعاثات بموجب بروتوكول كيوتو جديد، كما ذكرت الولايات المتحدة بعدم رغبتها بالمشاركة في المعاهدة. في عام 2011، تقرر خلال مؤتمر ديربان بشأن تغير المناخ إنشاء هيئة فرعية: فريق عمل مخصص، وهو جزء من منصة ديربان لتعزيز العمل على تطوير وثيقة أخرى. تم تأجيل اعتماد اتفاق عالمي بشأن هذه القضية إلى عام 2015، مع دخول متوقع حيز النفاذ في عام 2020. ومع ذلك، أدت مفاوضات الدوحة إلى تمديد بروتوكول كيوتو حتى عام 2020.

الإطار النظري

.1 التأجيل كتقنية للتفاوض. يعتبر تأجيل التوقيع على الاتفاقات مع تواصل المحادثات استراتيجية دبلوماسية روتينية تلجأ لها الأطراف المشاركة عندما لا تريد الوصول إلى حل.

.2 استمرار الصراع بين الشمال والجنوب. بعد عقدين من المفاوضات، تفاقمت المواجهة بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية بسبب تغير المناخ، مما يجعل توقيع أي معاهدة جديدة أكثر صعوبة.

تحليل

يمثل اتفاق الدوحة أداة محدودة الأثر لحل مشكلة ظاهرة الاحتباس الحراري. في الواقع، فإنه يساعد فقط على الحفاظ على البروتوكول وضمان استمرار المفاوضات. تلزم الفترة الثانية من البروتوكول خلال ثماني سنوات (من 1 يناير 2013 إلى 31 ديسمبر 2020) كلا من الاتحاد الأوروبي، أستراليا، روسيا البيضاء، كازاخستان، ليختنشتاين، النرويج، وسويسرا، أوكرانيا، وموناكو. ولكن هذه الدول لا تمثل إلا 15٪ من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية. بالإضافة إلى ذلك، اعتمدت هذه الدول التزامات متباينة تتراوح من تخفيض نسبة 20٪ مقارنة بعام 1990 بالنسبة للاتحاد الأوروبي إلى انخفاض قدره 0.5٪ مقارنة بعام 2000 لأستراليا. وأخيرا، فإن هذا الترتيب لا يلزم الولايات المتحدة وكندا واليابان وروسيا ونيوزيلندا والدول النامية. في الواقع، يوفر الإتفاق للمشاركين وقتا أطول لتطوير سياسات مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري. وبعبارة أخرى، يمكن للبلدان النامية والبلدان خارج بروتوكول كيوتو أن تستفيد من الوضع حتى عام 2020.
يشير فشل الطبعة الأولى لكيوتو وانسحاب الولايات المتحدة إلى العدد الكبير من المسافرين خلسة Free Riders الذين يرغبون في التهرب من قيود العمل الجماعي (أولسون). ومع ذلك، عندما يينسحب لاعب رئيسي من عمل مشترك، تصبح قيمة الأرباح الصافية لتنفيذ الخطة المتفق عليها سلبية على جميع الأطراف الآخرين، وذلك بسبب الخصائص التي ترتبط بالممتلكات العامة العالمية (الغلاف الجوي). من جهة أخرى: إذا رفض جميع الأطراف تنفيذ المعاهدة، فسيتم إلغاؤها. نلاحظ أن الدول الأطراف تميل إلى التأرجح بين هاتين المسألتين لأنها تعتقد أن عدم اكتمال المفاوضات هو في نهاية المطاف أفضل الاستراتيجيات الفردية. هذا ما يفسر تأجيل المفاوضات الأخيرة لفترة ما بعد كيوتو لعدم إدراك المشاركين لتكاليف وفوئد هذا الاتفاق. يدفع هذا الوضع الدول إلى التقليل من التكاليف التي يمكن أن تنتج من تنفيذ الإتفاق، ناهيك عن أنها تود أن تعرف كيف سوف يشارك الأطراف الآخرين. تعمل كل هذه العوامل مجتمعة على الحفاظ على استراتيجية التأجيل. على الرغم من أن العديد من الدراسات العلمية قد أظهرت مؤخرا تدهور المناخ بأسرع مما كان متوقعا، فيمكن أن تؤدي هذه التكتيكات الى كارثة بيئية كبرى، أو حتى إلى تدهور النظام البيئي لا رجعة فيه.
يمثل الصراع بين البلدان النامية والبلدان الصناعية عنصرا رئيسيا في الإدارة العالمية للبيئية. لذلك تم الإعتراف في عام 1992 بمبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة مما يسمح للبلدان النامية بزيادة انبعاثاتها لضمان تنميتها. ومع ذلك،منذ أن أصبحت بعض هذه الدول بلدانا نامية، كمجموعة البريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا)، ازدادت الفجوة التقليدية بين الشمال والجنوب عمقا. كما زاد الأمر تعقيدا تحول الصين إلى أكبر منتج لغاز ثاني أكسيد الكاربون في العالم، متجاوزا الولايات المتحدة في عام 2006. خلال مفاوضات ما بعد كيوتو، دعت العديد من البلدان المتقدمة في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ–بما في ذلك الولايات المتحدة واستراليا – استبدال بروتوكول كيوتو بنص آخر، والذي يشمل التزامات من طرف البلدان المرفق الأول إضافة إلى غالبية البلدان النامية. لكن في الوقت الراهن، لا تزال ترفض هذه الدول أي عقبة أمام نموها، كما تطالب بمبادرة الدول المتقدمة بتخفيض كبير في انبعاثات الغازات الدفيئة.
نلاحظ اليوم تقدما ضئيلا في مكافحة الاحتباس الحراري. لا يسمح تمديد بروتوكول كيوتو إلا باستمرار المفاوضات. من أجل التوصل إلى اتفاق حقيقي ومنع حدوث كارثة بيئية، ينبغي للدول التخلي عن استراتيجية التأجيل كما تدعو له المنظمات غير الحكومية. في هذا الصدد، يلعب كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والبريكس دورا أساسيا في اعتماد بروتوكول جديد. اذا قام الاتحاد الاوروبي بتنفيذ تخفيضات الانبعاثات، لن يمكن للولايات المتحدة أن تتهرب من “معضلة السجين” لتغير المناخ و خاصة إذا كانت البلدان النامية، وخاصة الصين، مستعدة لذلك.

المراجع

Akerlof, George. A, « Procrastination and Obedience », American Economic Review, 81 (2), 1991, 1-19
Churchman, David, Negotiation: Process, Tactics, Theory, (2nd Ed.), ‪‪Boston, University Press of America, 1997
Kontinen Tiina, Irmeli Mustalahti, « Reframing Sustainability? Climate Change and North-South Dynamics », Forum for Development Studies, 39 (1), mars 2012, 1-4
Olson Mancur, La Logique de l’action collective, [1965], trad., Paris, PUF, 1978.
Timmons Roberts J., Parks Bradley, A Climate Of Injustice: Global Inequality, North-South Politics, and Climate Policy, The MIT Press, 2006.Site de COP18: http://www.cop18.qa, 15 décembre 2012
Uzenat Simon, « Un multilatéralisme sans contraintes. Les engagements des États dans le cadre de Copenhague », Passage au crible, (15), 18 fév. 2010

PAC 79 – الإمكانيات الرمزية لاعتراف دولي منح وضع دولة غير عضو دائم في الأمم المتحدة لفلسطين

مقال: جوزيفا لاروش Josepha Laroche

ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa

Passage au crible n°79

PalestineSource: Wikipedia

تم منح جائزة نوبل للسلام إلى الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة 12 أكتوبر 2012. قال رئيس لجنة نوبل النروجية ثوربيون ياغلاند Thorbjorn Jagland أن “الاتحاد الاوروبي ساهم مع هيئاته السابقة منذ اكثر من ستة عقود في تشجيع السلام والمصالحة والديمقراطية وحقوق الانسان في اوروبا”.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

وضَعَ الكيميائي، رجل الأعمال و المحسن السويدي ألفريد نوبل في وصيته في 27 تشرين الثاني 1895 أُسس نظام دولي سلمي وعالمي للمكافآت. حددت هذه الوصية إنشاء خمس جوائز سنوية – تساهم كلها في تهدئة الساحة العالمية – الفيزياء، الكيمياء، الفيزيولوجية أو الطب، الأدب وجائزة نوبل للسلام التي اشترط أن يوكل منحها إلى البرلمان النرويجي. في ذلك الوقت، أثار هذا القرار استنكارا عميقا للسويد نظرا لوضع النرويج تحت سلطة ستوكهولم. ظهر نشاط البرلمان النرويجي لنشر السلام بالنسبة لمخترع الديناميت أكثر أهمية من الصراع داخل الاتحاد النرويجي- السويدي. اختار نوبل – الليبرالي الديمقراطي- صراحة هذه الغرفة لإدارة منح الجائزة، قائلا أنها المؤسسة الأكثر تأهيلا و الأكثر شرعية. منذ عام 1901 – تاريخ تسليم أول الجوائز – تكافئ لجنة من البرلمان النرويجي في أوسلو فردا أو منظمة على نشاطها في تشجيع السلام. تجدر الإشارة إلى منح هذه الجائزة في النرويج رغم أنها أحد البلدان الأكثر انتقادا للاتحاد الأوربي اليوم.
لم يشير المحسن السويدي فيما يتعلق بجائزة السلام إلى معايير اختيار محددة. لكنه أوجز ببساطة ثلاثة اتجاهات رئيسية: “لا بد أن يكون المتحصل عليها قد عمل من أجل الأخوة بين الأمم، من أجل إلغاء أو تخفيض القوات المسلحة ومن أجل تشجيع عقد المؤتمرات وتعزيز السلام”. ومع ذلك، يمكن أن نميز أربعة أنواع مثالية من متلقي المكافأة الذين شاركوا في وضع وتنفيذ دبلوماسية نوبل. 1) النضال السلمي والإنساني 2،) السلام من خلال القانون، 3) التطوع 4) الخبرة في خدمة السلام. ومع ذلك، من الواضح أن تحصل الاتحاد الأوروبي على جائزة نوبل للسلام لا يدخل في أي من هذه الفئات التي تنظم منذ أكثر من قرن سياسة منحها. كيف نحلل إذا هذا الوضع ؟

الإطار النظري

.1 سلطة إنجازية. ترجع صياغة مفهوم القول الإنجازي إلى عالم اللغة جون أوستن Austin. على عكس القول الوصفي مثل “إنها تمطر”، يول القول الإنجازي آثارا عملية لأنه يحمل في حد ذاته إمكانية تغيير الحقيقة بسبب الوضع المؤسسي لمُصدره و بذلك السلطة المخولة له.
.2 نافذة فرصة سياسية. يشير هذا المصطلح الذي صاغه جون كينغدون John Kingdon قياسا على فكرة “نافذة الفرص”، إلى حالة خاصة جدا تبدو –في مرحلة معينة- سامحة لتحقيق عمل لسياسي. إنها تمثل تسلسلا يسمح بتبني تدابير لا يمكن تطبيقها من دونها.

تحليل

تعمل سياسة منح جوائز نوبل منذ أكثر من قرن على احتواء وحشية العالم. يتدخل نظام نوبل للقيام بذلك في نطاق دبلوماسية متماسكة على الساحة الدولية من أجل فرض عالمية قيم كالحرية والديمقراطية. نذكر بأن هذا النظام الشامل وضع على مر الزمن دبلوماسية غير حكومية. هذه الدبلوماسية تخلق، تدعم، تحمي و تكرس عمليات سياسية معينة من أجل دعم أولوياتها وجدول أعمالها على المسرح العالمي. في هذه الحالة، نحن نتعامل مع دبلوماسية جديدة تقوم على صياغة المعايير و التعامل مع القضايا الدولية أساسا. نلاحظ أيضا أن هذه الدبلوماسية تتدخل في الشؤون الداخلية للدول أو في العلاقات الدولية و في النزاعات الإقليمية والدولية. وأخيرا، تظهر دبلوماسية فريدة وقوية بما يكفي لتلعب دورا كسلطة إنجازية. ولذلك، كيف نستغرب من أن تتورط في قضايا القرن عن طريق منح جائزة نوبل للاتحاد الأوروبي؟
نظرا لأنها تسعى إلى تحديد أشكال السلام في المستقبل، تتدخل هذه الدبلوماسية في السياسة العليا High Politics محددة بذلك نمطا جديدا من التعبير عن السياسة. تعتبر المؤسسة وخريجيها أنفسهم على هذا النحو أقوى المدافعين عن حقوق الإنسان ضد منطق الدولة. من خلال ظهورهم كقوة عالمية من الانتقادات، فإنهم يلعبون دورا بشكل متكرر في الساحة الدولية، سواء للتعامل مع القضايا الاجتماعية أو لمعالجة القضايا السياسية مباشرة. بالقيام بذلك، فإنهم لا يترددون في التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو القضايا الدولية من أجل تعزيز سياسة باسم المعرفة أو الممتلكات العامة التي يدعون أنفسهم أوصياء عليها.
يظهر مع هذه الجائزة خط مذهبي جديد يؤكد الطموح الذي تبين في عام 2009، عندما تحصل الرئيس باراك أوباما على جائزة نوبل. إن دبلوماسية نوبل في الواقع قوية بما يكفي على المستوى الرمزي لممارسة السلطة الإنجازية. في هذه الحالة، لا يتعلق السؤال بما إذا كانت المؤسسة الأوروبية تستحق أو لا تستحق الجائزة لأننا لسنا في سجل الأخلاق والمشاعر الجيدة ولكننا في سجل السياسة.
يمثل منح الاتحاد الأوربي جائزة نوبل اعترافا بمسار سلام محقق. أرادت اللجنة عن طريق هذه الجائزة تشجيع و دعم الاتحاد من خلال إعطائه ميزة مهمة لمواجهة الرهانات و الانتقادات الحالية. وقد ذكرت لجنة التحكيم بوعيها بتقديم الجائزة إلى أوربا تشهد أزمة و “تعاني من صعوبات اقتصادية خطيرة واضطرابات اجتماعية كبرى.” كما يهدف منح نوبل إلى تمييز الاتحاد بين المستفيدين المحتملين و إضفاء المزيد من الشرعية العالمية. ولذلك، يمكن اعتبار الاتحاد الأوروبي كممثل لقيم نوبل. ينطوي هذا العطاء على مشروع العالمية الذي يتعداه ويجسد دبلوماسية نوبل بدلا من أن يكون مهندس البناء الأوروبي. في الوقت الذي يتميز الاتحاد الأوربي بضعفه وانتقاده، نلاحظ تحيزا سياسيا واضحا. في هذا الصدد، يتوافق هذا الاختيار مع تصاميم ألفريد نوبل الأوروبي لأنه يمثل استثمارا رمزيا وسياسيا لدعم عملية التكامل. بطبيعة الحال، يمثل هذا القرار بالنسبة لنظام نوبل مخاطرة بشرعيتها الرمزية والمؤسسية. في المستقبل القريب، يمكن على سبيل المثال أن يسهل هذ القرار الرمزي مطالبة الاتحاد الأوروبي بمقعد في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. توفر هذه الجائزة سلطة إضافية للاتحاد الأوروبي لاستعادة السلام الاجتماعي في الدول الأعضاء التي تتميز حاليا بانتشار الأفكار والخطابات المجتمعية والشعبية، كما تذكر الرأي العام ضمنيا بإيجابيات الاتحاد. وأخيرا، فإنها تعطي الاتحاد موردا رمزيا قيما في الوقت الذي تتم فيه دراسة فكرة تولي البنك المركزي الأوروبي إدارة آليات الاستقرار والتضامن المالي، مراقبة الميزانية المشتركة، وقريبا الاتحاد البنكي أو حتى ميزانية انعاش النمو في منطقة اليورو.
باختصار، في الوقت الذي تتأهب فيه أوروبا لتصبح مؤسسة فيدرالية متكاملة، استغلت دبلوماسية نوبل نافذة فرصة سياسية لتنظيم العالم عن طريق طرح معايير على أوروبا. وبعبارة أخرى، هذه الجائزة ليست مكافأة بسيطة، بل هي مهمة تفرضها لجنة نوبل على الاتحاد الأوروبي لتنفيذ بشكل فعلي ومؤسسي تعهداتها. لهذا السبب ويمكن ادراك هذه القضية من جوانب متعددة، كعبء أو كالتزام بتحقيق الحلم الأوروبي أخيرا.

المراجع

Finkelstein Norman G., Tuer l’espoir : Introduction au conflit israélo-palestinien, Paris, Aden éditions, 2003
Laroche Josepha, La Brutalisation du monde, du retrait des États à la décivilisation, Montréal, liber, 2012
Lindemann Thomas, Sauver la face, sauver la paix, sociologie constructiviste des crises internationales, Paris, L’Harmattan, 2010. Coll. Chaos International
Quigley John, The Statehood of Palestine: International Law in the Middle East Conflict, Cambridge, Cambridge University Press, 2010,
Schelling Thomas, Arms and Influence, New Haven, Yale University Press, 1966
Schelling Thomas, La Stratégie du Conflit, Paris, PUF, 1986

PAC 78 – النجاح السياسي لخبرة مناضلة مضادة الجدل حول سمية النباتات المعدلة وراثيا

مقال: بول كليمونClément Paule

ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa

Passage au crible n°78

PAC 78, OGMSource : Wikipedia

أحيت الدراسة- التي نشرت في 19 سبتمبر 2012- التي قادها جيل إريك سيراليني Gilles-Éric Séralini- أستاذ البيولوجيا الجزيئية في جامعة كان Caen – النقاش حول الكائنات المعدلة وراثيا واستخدامها في الصناعات الغذائية. أكدت نتائج هذا البحث سمية منتوجين لشركة مونسانتو: مبيد الأعشاب Roundup والذرة المعدلة وراثيا 603NK . ولكن هذه النتائج تم انتقادها من قبل جزء كبير من المجتمع العلمي، الذي أشار إلى نقاط ضعفها الإحصائية والمنهجية. وقد أشار بعض المعلقين إلى تضارب محتمل في المصالح لدراسة ممولة من طرف جمعية معروفة بمواقفها المعارضة. بالإضافة إلى ذلك، نفت العديد من المنظمات الفرنسية – مثل المجلس الأعلى للتقنيات الحيوية (HCB), الوكالة الوطنية لأمن الغذاء، البيئة (ANSES) والعمل – والدولية – كالسلطة الأوربية للأمن الغذائي (EFSA) أو الوكالات الصحية الألمانية والاسترالية – تحقيق البروفيسور سيراليني وفريقه. نلاحظ أن مشاركة العديد من الجهات الفاعلة السياسية – بما في ذلك أربعة وزراء سابقين للبيئة – والنقابية بسرعة في هذا الجدل مع تعدي الحدود الوطنية. وبالتالي طرحت الحاجة إلى تقييم الأثر الطويل المدى للنباتات المعدلة وراثيا في جدول أعمال صناع القرار مما يفتح المجال لتنظيم أكثر صرامة على المستوى الأوروبي.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

نظمت أول عمليات التلاعب الجيني في أوائل السبعينات لتفتح المجال خلال العقد التالي أمام الزراعات المعدلة وراثيا الأولى. وقد حفزت هذه التطورات التقنية الاستثمارات الخاصة في مجال التكنولوجيا الحيوية. سرعان ما تم تبني تطبيقات التعديل الوراثي المعتمدة أساسا من قبل شركات الأدوية من طرف شركات عبر الوطنية مثل شركة مونسانتو Monsanto وشركة باير Bayer التي طبقتها في مجال الزراعة. في هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى تسويق طماطم Savr Flavr عام 1994 كأول منتوج غذائي معدل وراثيا بعد حصولها على موافقة إدارة الغذاء والدواء (Food and Drug Administration) في الولايات المتحدة. كما وجهت صناعة الكيماويات الزراعية التي تطورت خلال الثورة الخضراء المتخصصة حتى الآن في المدخلات – مبيدات الأعشاب والمبيدات الحشرية – نشاطها اليوم نحو إنتاج البذور المعدلة وراثيا المستخدمة بشكل واسع في جميع أنحاء القارة الأمريكية. وفقا للخدمة الدولية لاقتناء تطبيقات التكنولوجيا الحيوية الزراعية (ISAAA) – منظمة ضاغطة تدافع عن التكنولوجيا الحيوية النباتية- يتأثر حاليا 160 مليون هكتار من هذه التقنيات – مقابل 1.7 مليون في عام 1996-، وهي مساحة شهدت زيادة 8٪ خلال عام 2011 وحده. رغم اعتبار هذه الأرقام مبالغ فيها وفقا لمنظمة غرين بيس Greenpeace، نلاحظ أن نسبة الذرة المعدلة وراثيا التي تزرع في الولايات المتحدة – والتي كانت تقدر بحوالي 30٪ في عام 1998- قد وصلت إلى 85٪ في عام 2009.
تبعا لهذا المنطق، انتشر هذا النموذج الزراعي فيما يسمى بالدول الناشئة كما يتضح من المثال الرمزي لفول الصويا في البرازيل والأرجنتين. وقد استفاد هذا النمو الهائل للتكنولوجيا الحيوية الزراعية من عدم وجود تنظيم حقيقي حتى بداية التسعينات. ومع ذلك، أدى وقوع أزمات صحية متكررة في الدول الغربية – مثل مرض جنون البقر (اعتلال الدماغ الإسفنجي البقري)- إلى ظهور تعبئة شعبية عبر وطنية – شملت منظمات المستهلكين والمنظمات البيئية غير الحكومية – إضافة إلى تعزيز التشريعات التي تنفذها وكالات متخصصة. ظهرت بعد ذلك الكائنات المعدلة وراثيا كمشكلة صحية عامة في عدة بلدان أوروبية. يعبر عن هذا الوضع الوقف الفعلي لتسويق المنتجات المعدلة وراثيا الذي اعتمده الاتحاد الأوروبي باسم مبدأ الحيطة بين يونيو 1999 ومايو 2004. تجدر الإشارة أخيرا، على الصعيد الدولي، إلى أن بروتوكول قرطاجنة للسلامة الإحيائية – المرتبط باتفاقية التنوع البيولوجي لعام 1992- قد دخل حيز التنفيذ في عام 2003. شمل هذا البروتوكول توقيع 164 دولة مع غياب الولايات المتحدة و كندا.

الإطار النظري

.1 تدويل خلاف اجتماعي- تقني. يجسد التساؤل عن الكائنات المعدلة وراثيا في مجال الصناعة الغذائية أوضاعا صعبة تتميز بتراجع دور السياسة. ولذلك، تلعب الخبرة دورا حاسما في تنظيم قطاع ذو أبعاد عالمية.

.2 بناء جهاز إنذار. وفقا لهذا المنطق، تمثل الدراسات التي انتقدت المنتجات المعدلة وراثيا تحركات تكتيكية يمكن قياس آثارها من خلال ممارساتها الاجتماعية المتعددة و المتعدية في غالب الأحيان الميدان العلمي بمفرده.

تحليل

يتميز الجدل حول التكنولوجيا الحيوية النباتية قبل كل شيء بتعقيدها لأنها تنطوي على العديد من الأطراف الفاعلة على مستويات مختلفة. تسيطر على إنتاج النباتات المعدلة وراثيا ونشرها شركات احتكار المواد الكيميائية الزراعية التي تتمثل أساسا في الأمريكي – مونسانتو Monsanto، دوبونت DuPont، شركة داو للعلوم الزراعية Dow Agrosciences LLC – والأوروبية مثل شركة باير Bayer Cropscience، باسف BASF، أو سينجنتا Syngenta. من الواضح أن البعد الاقتصادي هنا أمر أساسي في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في نطاق منظمة التجارة العالمية من جهة، وفي السيطرة على البلدان النامية التي تستورد هذه التقنيات الزراعية من جهة أخرى. ولكن لا يمكن فصل هذا البعد عن القضايا الصحية والبيئية التي تدافع عنها شبكات المعارضين وبعض الحكومات. في هذه الحالة، يمكٌن تداخل هذه القضايا من تفكيك استراتيجيات الشرعية التي يعتمدها رجال الأعمال. نذكر الحجة الإنسانية التي تعتبر الأغذية المعدلة وراثيا – بما في ذلك مبادرة من الأرز الذهبي – كحل عملي لسوء التغذية المزمن الذي يجتاح الجنوب على الرغم من سعي المنتجين لحماية براءات الاختراع الخاصة بهم عن طريق الاعتماد على اتفاق حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة.
تكشف عموما هذه الساحات المتعددة من الصراعات عن ديناميكيات تدويل للجدل متباينة تبعا للدول. إذا كانت الأغذية المعدلة وراثيا تمثل مشكلة عامة في العديد من البلدان الأوروبية – كفرنسا واليونان والنمسا – فإنها تعتبر مماثلة جوهريا لمنتجات أخرى من قبل ادارة الغذاء والدواء. وفقا لهذا المنطق، يبرر المبدأ الوقائي داخل الاتحاد الأوروبي القواعد الملزمة من حيث التتبع والتوسيم. من جهة أخرى، إن هذه المتطلبات غائبة في الولايات المتحدة كما هو مبين في الاقتراح 37 بولاية كاليفورنيا. في حالة عدم وجود توافق في الآراء بشأن عدم ضرر هذه المنتجات على المدى الطويل ، غالبا ما يعتمد السياسيون على استراتيجيات تجنب – تجنب اللوم blame avoidance- تتسم بتحميل الخبراء المسؤولية. أمام تطور النقاش حول الأغذية المعدلة وراثيا، تميل الإجراءات الرمزية – مثل الحاصدين المتطوعين في فرنسا – لفسح المجال لطابع تقني للجدل.
من المهم في هذا الصدد تحديد أثر الدراسات العلمية: تم اعتماد بحوث البروفيسور لوسلي Losey – الصادرة في عام 1999 – حول سمية الذرة من نوع بي تي Bt المعدلة وراثيا لفراشة الملك لتبرير التوقف الأوروبي عن تمديد زراعة وتسويق الكائنات المعدلة وراثيا. وفيما يتعلق بتحقيق البروفيسور سيراليني، فيمكن اعتباره كحملة اعلامية الحقيقية حيث تم إرسال النتائج إلى جزء من الصحافة الفرنسية قبل أسبوعين من النشر الرسمي تحت ستار بند السرية. فاتسمت التغطية الإعلامية بالإثارة إلى حد عدم توجه الصحفيين إلى علماء آخرين. كما رافق نشر مقال الأستاذ سيراليني كتابين وشريط وثائقي، مما كرس موقفه كجهاز إنذار وضمن نجاح التعبئة على الرغم من الانتقاد الشبه الجماعي لأقرانه. على هذا النحو، تتم إعادة تعريف مفهوم الخبرة نظرا لإعادة تشكيل لحدودها ودورها. إضافة إلى الإنتقادات المتكررة لتضارب محتمل في المصالح، يساهم هذا النشاط الواقع – بين السلطة والمعرفة – في إعادة تعريف سياسيا القضايا المهملة من قبل السلطات.

المراجع

« OGM : comment ils conquièrent le monde », Alternatives internationales (43), juin 2009
Bérard Yann, Crespin Renaud (Éds.), Aux Frontières de l’expertise. Dialogues entre savoirs et pouvoirs, Rennes, Presses Universitaires de Rennes, 2010. Coll. « Res Publica »
Kempf Hervé, La Guerre secrète des OGM, Paris, Seuil, 2003

PAC 77 – الالتزام النوبلي منح جائزة نوبل للسلام 2012 إلى الاتحاد الأوروبي

مقال: جوزيفا لاروشJosepha Laroche

ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa

Passage au crible n°77

Prix Nobel de la paix, UESource: Wikipedia

تم منح جائزة نوبل للسلام إلى الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة 12 أكتوبر 2012. قال رئيس لجنة نوبل النروجية ثوربيون ياغلاند Thorbjorn Jagland أن “الاتحاد الاوروبي ساهم مع هيئاته السابقة منذ اكثر من ستة عقود في تشجيع السلام والمصالحة والديمقراطية وحقوق الانسان في اوروبا”.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

وضَعَ الكيميائي، رجل الأعمال و المحسن السويدي ألفريد نوبل في وصيته في 27 تشرين الثاني 1895 أُسس نظام دولي سلمي وعالمي للمكافآت. حددت هذه الوصية إنشاء خمس جوائز سنوية – تساهم كلها في تهدئة الساحة العالمية – الفيزياء، الكيمياء، الفيزيولوجية أو الطب، الأدب وجائزة نوبل للسلام التي اشترط أن يوكل منحها إلى البرلمان النرويجي. في ذلك الوقت، أثار هذا القرار استنكارا عميقا للسويد نظرا لوضع النرويج تحت سلطة ستوكهولم. ظهر نشاط البرلمان النرويجي لنشر السلام بالنسبة لمخترع الديناميت أكثر أهمية من الصراع داخل الاتحاد النرويجي- السويدي. اختار نوبل – الليبرالي الديمقراطي- صراحة هذه الغرفة لإدارة منح الجائزة، قائلا أنها المؤسسة الأكثر تأهيلا و الأكثر شرعية. منذ عام 1901 – تاريخ تسليم أول الجوائز – تكافئ لجنة من البرلمان النرويجي في أوسلو فردا أو منظمة على نشاطها في تشجيع السلام. تجدر الإشارة إلى منح هذه الجائزة في النرويج رغم أنها أحد البلدان الأكثر انتقادا للاتحاد الأوربي اليوم.
لم يشير المحسن السويدي فيما يتعلق بجائزة السلام إلى معايير اختيار محددة. لكنه أوجز ببساطة ثلاثة اتجاهات رئيسية: “لا بد أن يكون المتحصل عليها قد عمل من أجل الأخوة بين الأمم، من أجل إلغاء أو تخفيض القوات المسلحة ومن أجل تشجيع عقد المؤتمرات وتعزيز السلام”. ومع ذلك، يمكن أن نميز أربعة أنواع مثالية من متلقي المكافأة الذين شاركوا في وضع وتنفيذ دبلوماسية نوبل. 1) النضال السلمي والإنساني 2،) السلام من خلال القانون، 3) التطوع 4) الخبرة في خدمة السلام. ومع ذلك، من الواضح أن تحصل الاتحاد الأوروبي على جائزة نوبل للسلام لا يدخل في أي من هذه الفئات التي تنظم منذ أكثر من قرن سياسة منحها. كيف نحلل إذا هذا الوضع ؟

الإطار النظري

.1 سلطة إنجازية. ترجع صياغة مفهوم القول الإنجازي إلى عالم اللغة جون أوستن Austin. على عكس القول الوصفي مثل “إنها تمطر”، يول القول الإنجازي آثارا عملية لأنه يحمل في حد ذاته إمكانية تغيير الحقيقة بسبب الوضع المؤسسي لمُصدره و بذلك السلطة المخولة له.
.2 نافذة فرصة سياسية. يشير هذا المصطلح الذي صاغه جون كينغدون John Kingdon قياسا على فكرة “نافذة الفرص”، إلى حالة خاصة جدا تبدو –في مرحلة معينة- سامحة لتحقيق عمل لسياسي. إنها تمثل تسلسلا يسمح بتبني تدابير لا يمكن تطبيقها من دونها.

تحليل

تعمل سياسة منح جوائز نوبل منذ أكثر من قرن على احتواء وحشية العالم. يتدخل نظام نوبل للقيام بذلك في نطاق دبلوماسية متماسكة على الساحة الدولية من أجل فرض عالمية قيم كالحرية والديمقراطية. نذكر بأن هذا النظام الشامل وضع على مر الزمن دبلوماسية غير حكومية. هذه الدبلوماسية تخلق، تدعم، تحمي و تكرس عمليات سياسية معينة من أجل دعم أولوياتها وجدول أعمالها على المسرح العالمي. في هذه الحالة، نحن نتعامل مع دبلوماسية جديدة تقوم على صياغة المعايير و التعامل مع القضايا الدولية أساسا. نلاحظ أيضا أن هذه الدبلوماسية تتدخل في الشؤون الداخلية للدول أو في العلاقات الدولية و في النزاعات الإقليمية والدولية. وأخيرا، تظهر دبلوماسية فريدة وقوية بما يكفي لتلعب دورا كسلطة إنجازية. ولذلك، كيف نستغرب من أن تتورط في قضايا القرن عن طريق منح جائزة نوبل للاتحاد الأوروبي؟
نظرا لأنها تسعى إلى تحديد أشكال السلام في المستقبل، تتدخل هذه الدبلوماسية في السياسة العليا High Politics محددة بذلك نمطا جديدا من التعبير عن السياسة. تعتبر المؤسسة وخريجيها أنفسهم على هذا النحو أقوى المدافعين عن حقوق الإنسان ضد منطق الدولة. من خلال ظهورهم كقوة عالمية من الانتقادات، فإنهم يلعبون دورا بشكل متكرر في الساحة الدولية، سواء للتعامل مع القضايا الاجتماعية أو لمعالجة القضايا السياسية مباشرة. بالقيام بذلك، فإنهم لا يترددون في التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو القضايا الدولية من أجل تعزيز سياسة باسم المعرفة أو الممتلكات العامة التي يدعون أنفسهم أوصياء عليها.
يظهر مع هذه الجائزة خط مذهبي جديد يؤكد الطموح الذي تبين في عام 2009، عندما تحصل الرئيس باراك أوباما على جائزة نوبل. إن دبلوماسية نوبل في الواقع قوية بما يكفي على المستوى الرمزي لممارسة السلطة الإنجازية. في هذه الحالة، لا يتعلق السؤال بما إذا كانت المؤسسة الأوروبية تستحق أو لا تستحق الجائزة لأننا لسنا في سجل الأخلاق والمشاعر الجيدة ولكننا في سجل السياسة.
يمثل منح الاتحاد الأوربي جائزة نوبل اعترافا بمسار سلام محقق. أرادت اللجنة عن طريق هذه الجائزة تشجيع و دعم الاتحاد من خلال إعطائه ميزة مهمة لمواجهة الرهانات و الانتقادات الحالية. وقد ذكرت لجنة التحكيم بوعيها بتقديم الجائزة إلى أوربا تشهد أزمة و “تعاني من صعوبات اقتصادية خطيرة واضطرابات اجتماعية كبرى.” كما يهدف منح نوبل إلى تمييز الاتحاد بين المستفيدين المحتملين و إضفاء المزيد من الشرعية العالمية. ولذلك، يمكن اعتبار الاتحاد الأوروبي كممثل لقيم نوبل. ينطوي هذا العطاء على مشروع العالمية الذي يتعداه ويجسد دبلوماسية نوبل بدلا من أن يكون مهندس البناء الأوروبي. في الوقت الذي يتميز الاتحاد الأوربي بضعفه وانتقاده، نلاحظ تحيزا سياسيا واضحا. في هذا الصدد، يتوافق هذا الاختيار مع تصاميم ألفريد نوبل الأوروبي لأنه يمثل استثمارا رمزيا وسياسيا لدعم عملية التكامل. بطبيعة الحال، يمثل هذا القرار بالنسبة لنظام نوبل مخاطرة بشرعيتها الرمزية والمؤسسية. في المستقبل القريب، يمكن على سبيل المثال أن يسهل هذ القرار الرمزي مطالبة الاتحاد الأوروبي بمقعد في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. توفر هذه الجائزة سلطة إضافية للاتحاد الأوروبي لاستعادة السلام الاجتماعي في الدول الأعضاء التي تتميز حاليا بانتشار الأفكار والخطابات المجتمعية والشعبية، كما تذكر الرأي العام ضمنيا بإيجابيات الاتحاد. وأخيرا، فإنها تعطي الاتحاد موردا رمزيا قيما في الوقت الذي تتم فيه دراسة فكرة تولي البنك المركزي الأوروبي إدارة آليات الاستقرار والتضامن المالي، مراقبة الميزانية المشتركة، وقريبا الاتحاد البنكي أو حتى ميزانية انعاش النمو في منطقة اليورو.
باختصار، في الوقت الذي تتأهب فيه أوروبا لتصبح مؤسسة فيدرالية متكاملة، استغلت دبلوماسية نوبل نافذة فرصة سياسية لتنظيم العالم عن طريق طرح معايير على أوروبا. وبعبارة أخرى، هذه الجائزة ليست مكافأة بسيطة، بل هي مهمة تفرضها لجنة نوبل على الاتحاد الأوروبي لتنفيذ بشكل فعلي ومؤسسي تعهداتها. لهذا السبب ويمكن ادراك هذه القضية من جوانب متعددة، كعبء أو كالتزام بتحقيق الحلم الأوروبي أخيرا.

المراجع

Austin, Quand dire, c’est faire, trad., Paris, Seuil, 1972
Cobb Roger, Elder Charles, Participation in American Politics. The Dynamics of Agenda Building, Boston, Allyn and Bacon, 1972
Kingdon John W., Agenda, alternatives and Public Policies, 2nd ed., New York, Longman, 2003
Laroche Josepha, La Brutalisation du monde, du retrait des États à la décivilisation, Montréal, Liber, 2012
Laroche Josepha, Les Prix Nobel, sociologie d’une élite transnationale, Montréal, Liber 2012
Laroche Josepha, “Une injonction symbolique, le Prix Nobel de la Paix décerné à Barack Obama”, Passage au crible n°1