Oct 30, 2013 | Passage au crible (arabe), المنشورات, الهجرة الدولية, حقوق الإنساﻥ
مقال: كاثرين ويتول دي وندن Catherine Wihtol de Wenden
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°95
أدت مأساة لامبيدوسا التي تلاها وافدون جدد بين مالطا و لامبيدوسا منذ بداية اكتوبر 2013 إلى مفاوضات دولية جديدة بشأن سياسة الهجرة الأوروبية و العالمية. نذكر أن 366 شخصا لقوا حتفهم في لامبيدوسا خلال ليلة 03-04 أكتوبر عام 2013 في نفس الفترة التي عقد فيها بنيويورك الحوار الثاني بشأن الهجرة والتنمية . جمعت هذه القمة التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة، والتي أطلقها كوفي عنان في عام 2006 لتقييم تقدم التعددية في إدارة الهجرة العديد من المنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية، دول الانطلاق و والدول المضيفة فضلا عن خبراء وأعضاء المجتمع المدني الذين لديهم علاقة مع مسألة الهجرة. عززت بروكسل نتيجة لهذه المأساة صلاحيات فرونتكس بإعطائها المزيد من الموارد. ذكرت في الوقت نفسه القمة الأوروبية (24-25 أكتوبر) المكرسة للسيطرة على سياسة الهجرة ضرورة تقاسم الأعباء بين الدول الأوروبية الناتجة عن وصول المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
ليست هذه هي المرة الأولى التي نتكلم فيها على لامبيدوسا، ولكن تعرف الجزيرة اليوم مآسي أخرى. في الواقع شهدت منطقة البحر الأبيض المتوسط في عشرين عاما حوالي عشرين ألف حالة وفاة حيث مثلت لامبيدوسا أحد المقابر الكبرى لأنها تقع في الجنوب بين الرأس الطيب التونسي و صقلية، الأمر الذي يسهل من الوصول إليها بشكل خاص. ينقسم سكانها بين ضرورة إنقاذ الغرقى باسم قانون البحار – الذي يضعهم في مخالفة للتشريعات الإيطالية التي تعاقب مساعدة الاقامة غير المشروعة – والحاجة لاستقبال سياح الشمال الذين يضمنون دخلا أهما من صيد الأسماك. تجلى هذه الوضع مؤخرا في فيلم إيمانويل كرياليز “تيرا فيرما”. نذكر على سبيل المثال بعض الحالات الأكثر تطرفا قضية السنغاليين الغرقى في وسط البحر الأبيض المتوسط الذين تشبثوا بشباك زراعة الأسماك، والذين أنقذوا من قبل صيادين تونسيين تمت إدانتهم عام 2008 بتهمة مساعدة الاقامة غير المشروعة في إيطاليا. بعد أن مثلت نقطة وصول لطالبي اللجوء والمهاجرين الغير شرعيين حتى منتصف سنوات 2000، أصبحت جزيرة لامبيدوسا اليوم أقل استخداما للوافدين لتمثل نقطة عبور ونقل مباشرة إلى التراب الإيطالي. نتج عن الثورات العربية من عام 2011 استهداف لامبيدوسا من جديد من طرف المهربين مستعملين قواربا بدائية لنقل عشرات الآلاف من التونسيين والليبيين. تفسر كذلك فترة الصيف تزايد الرحلات حيث وصل الكثير من الزوارق إلى مياه مالطا و لامبيدوسا الإقليمية بعد وقوع الكارثة. كان على متنها أناس من القرن الأفريقي (إريتريا والصومال) وسوريا. لقد سافروا لعدة أشهر، وقد تعرضوا للسجن و دفعوا المهربين للوصول الى ما اعتبروه الجنة الأوروبية، على أمل العثور على اللجوء و دخول سوق العمل. إن هذه القضية غير معزولة و سوف يكون هناك قضايا جديدة مشابهه مادامت الاستجابة الأوروبية الوحيدة للهجرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط لا تزال المراقبة المسلحة للحدود. وبالإضافة إلى ذلك، تشير بروكسل إلى أن فرونتكس لا تمتلك ما يكفي من الموارد لمواجهة الوضع (87 مليون يورو). لا يتناسب قانون اللجوء مع هذه التدفقات المختلطة التي غالبا ما يبدو علاجها بطيئا، كما رأينا على سبيل المثال مع قضية ليوناردا بفرنسا التي تم اصدار القرار فيها بعد أربع سنوات من الإجراءات. في هذا السياق الصعب إنسانيا ، ألقت قمة الامم المتحدة المنعقدة في نيويورك خطاب مساندا للتنقل الذي اعتبرته مصدرا للتنمية البشرية. كما أوصت بتأمين مسارات المهاجرين في نطاق احترام حقوق الإنسان. وبالمثل فقد دعا لتكييف اليد العاملة المؤهلة وغير المؤهلة مع أسواق العمل التي في حاجة إليها. وشدد أخيرا على الاختلالات الديمغرافية القائمة بين الشمال والجنوب. ويمكن لذلك أن نتفاجأ من أن الجواب النهائي قد كان ذو صبغة أمنية وعلى المدى القصير.
يتم تحديد سياسة الهجرة الأوروبية منذ عام 2004 من قبل الدول الأوروبية التي تعاني من ارتفاع الشعور بعدم الأمن حسب استطلاعات الرأي. وهكذا تميز في كثير من الأحيان تقاسم الأعباء بين الدول الأوروبية الذي نتج عنه اتفاق دبلن الثاني حول اللجوء بعدم التضامن بين بلدان شمال أوروبا مع بلدان الجنوب التي تواجه أغلبية الوافدين غير النظاميين. تجدر الإشارة إلى عدم دخول معظم المهاجرين غير المسجلين إلى أوروبا بهذه الطريقة : لقد جاؤوا بانتظام ثم مددوا إقامتهم. تفوض السياسة الأوروبية في النهاية إلى بلدان الحدود الخارجية لأوروبا – خاصة المتواجدة على الشاطئ الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط – مهمة السيطرة على حدودها و تصفية غير النظاميين. ومع ذلك يبدو في الفترة الحالية عدم قيام كل من تونس وليبيا بهذه الوظيفة كما كان الوضع تحت حكم زين العابدين بن علي والقذافي. يجب أن نتساءل عن طريقة التوفيق بين الخطاب الدولي بشأن الهجرة – كما نلاحظ عبر تقارير الخبراء والمنظمات الدولية والنصوص القانونية – والردود الأوروبية؟ يعكس هذا الاختلاف بالنسبة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تتبنى مقاربة أمنية قائمة على عسكرة المراقبة عدم القدرة على قبول موقف على المدى المتوسط والطويل.
الإطار النظري
1. حكم متعدد الأطراف للهجرة. لا نتحدث عن الهجرة في قمة الثمانية G8 أو قمة العشرين G20 لأن المسألة “تقلق” كما يقولون. لم يعقد أي مؤتمر عالمي حول الهجرة الدولية كما كان الحال في عام 1994 في القاهرة (السكان) ثم بكين (النساء) ودوربان (مكافحة التمييز). كما تمت إزالة الموضوع من اتفاقات برشلونة الأورومتوسطية (1995-2005) والاتحاد من أجل المتوسط. يسعى مع ذلك الخطاب الدولي حول الهجرة إلى التوفيق بين ثلاثة أهداف : 1) تأمين الحدود، 2) احترام حقوق الإنسان و 3) تسهيل حركة اليد العاملة المطلوبة في سوق العمل. ولكن هذه التحليلات لا تأخذ بعين الإعتبار ترابط العالم وتأثير بعض العوامل الخارجية ( إدارة الأزمات الإقليمية، تسعير المواد الخام أو تحديد سياسات التنمية) على دخول و تنقل السكان. تشدد في النهاية مأساة لامبيدوسا على الأزمة الحالية لإدارة الهجرة الإقليمية المرتبطة بإحجام استجابة السياسة الأوروبية. بدلا من تسهيل التنقل لمحاربة اقتصاد التنقل، يبقى تعزيز ضوابط أكثر صرامة هو الحل الوحيد. نلاحظ صعوبة تطبيق سياسة أوربية للهجرة في سياق يتميز بارتفاع تيارات جدد تدافع عن السيادة وتحول الأمن إلى حتمية وطنية. نلاحظ بالتالي تناقض إدارة هذه المسألة مع تعريف الأهداف العالمية المؤكد عليها في نيويورك.
2. إعادة التأكيد على مبدأ السيادة. تفرض مسألة الهجرة في بعدها العالمي تحديا على الدول القومية لتأكيد سيادتها لعدم توافق الحدود المادية للكوكب مع الحدود السياسية. يؤكد غياب إدارة العالمية للهجرة وعدم وجود تعريف الحق في التنقل كحق من حقوق الإنسان على أولوية الدولة االقومية في تنظيم التنقلات. ترفض الحكومات في الواقع اعتبار التنقل كأحد أسس العولمة لشعورها بأنها أكبر الخاسرين في ظل نظام دولي يخرج عن السيطرة يوما بعد يوم. ومع ذلك تجدر الإشارة عدم ملاحظة نجاح أي سياسة ردع أو سياسة عودة منذ ثلاثين عاما في السيطرة على الحدود.
تحليل
توجد 25 منطقة تنقل حر في العالم ، ولكن قلة منها تعمل بصورة مرضية بسبب الصراعات السياسية بين الدول الأعضاء. ومع ذلك تمثل الهجرة الدولية في ظل عالم مترابط العامل الأقل مرونة للعولمة. إنها ظاهرة بنيوية ترتبط بتنمية دول الجنوب الأكثر حضرية وتعليما أين يطمح الناس إلى حياة أفضل في الغالب من خلال الهجرة. تشجع بلدان المنشأ التنقل لتصدير الاحتجاج الاجتماعي – نصف السكان تقل أعمارهم عن 25 عاما – وللإستفادة من التحويلات المالية (400 مليار دولار في عام 2012 التي يرسلها المهاجرون إلى بلدانهم الأصلية). أبرزت جميع الأبحاث أن معدل الهجرة يتجه نحو الزيادة كلما ارتفع المستوى الاقتصادي لبلد المنشأ لتطور تطلعات الشعب ولأن تدفق المهاجرين ينطوي على تأهيل أعلى من تأهيل سكان الدولة الأم. كما تظهر الهجرة أيضا أن فتح الحدود يشجع انتقال المزيد من الناس عوض الإستقرار لدرجة أن التنقل يصبح في نهاية المطاف طريقة للحياة. هذا ما لاحظناه في أوروبا الشرقية منذ فتح الستار الحديدي. يمكن أن يسمح فتح الهجرة في جنوب البحر الأبيض المتوسط لعدد أكبر من فئات المهاجرين (عقود العمل للأقل تأهيلا، السياح، الطلاب و أصحاب المشاريع العابرة للحدود الوطنية) بتنمية كلا الجانبين لاصطدام العديد من هذه الأطراف بصعوبات الحصول على التأشيرات. من الواضح الآن أننا لن نوقف الهجرة باللجوء إلى المزيد الحواجز، بل سنساهم فقط في إثراء المهربين.
المراجع
Wihtol de Wenden Catherine, Le Droit d’émigrer, Paris, CNRS Editions 2013
Wihtol de Wenden Catherine, Pour accompagner les migrations en méditerranée, Paris, L’Harmattan, 2013
. ينبغي أن نتذكر أن هذا هو أول بلد أوروبي أين تم التوصل إلى ضرورة دراسة طلب اللجوء.
Oct 23, 2013 | Passage au crible (arabe), أفريقيا, حقوق الإنساﻥ, ﺍلعدل الدولي
مقال: إيف بوامورYves Poirmeur
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°94
Pixabay
افتتحت محاكمة نائب الرئيس الكيني وليام روتو أمام المحكمة الجنائية الدولية في 10 سبتمبر 2013 كما ستتم محاكمة للرئيس الكيني أوهورو كينياتا في 12 نوفمبر. تهدف المحاكمة في كلتا الحالتين إلى تحديد مسؤوليتهم المزعومة في أعمال العنف التي وقعت عقب الانتخابات الرئاسية عام 2007. طلب الاتحاد الافريقي الذي عقد اجتماعا في أديس أبابا يومي 11 و 12 أكتوبر 2013 من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تأجيل القضايا الكينية لمدة سنة واحدة ( النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المادة 16). بدلا من تطبيق تهديد يطالب بتبني قرار يدعو 34 دولة أفريقية مصادقة على معاهدة روما بالانسحاب، اختار الاتحاد العمل الدبلوماسي لتعديل نظام روما الأساسي و تعديل المادة 27 التي تنص على عدم وجود صفة رسمية – بما في مركز رئيس الدولة – أو حصانة تحمي من المحكمة الجنائية الدولية.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
فتح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإذن من الدائرة الابتدائية الثانية في 31 مارس 2010 تحقيقا في العنف ذو الصبغة السياسية والعرقية التي نتج عنها قتل 1200 شخصا و نزوح أكثر من 300 ألف في منطقة الوادي المتصدع. صدرت أوامر استدعاء بحق ستة شخصيات كينية متهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية من بينهم ثلاثة من أعضاء حكومة الاتحاد والمصالحة : نائب رئيس الوزراء أوهورو كنياتا، وزير المالية ويليام روتو ووزير التعليم العالي وهنري كيبرونو كوسغي وزير التصنيع. طالب الرئيس المنتخب ونائب رئيس الجمهورية كينياتا و روتو في مارس 2013 محتجين بغطاء الشرعية الديمقراطية و سيادة الشعب بإجراء تعديلات في القوانين. لقد طالبو بأن يتم تأجيل محاكمتهم و حتى بوضع حد نهائي للمحضر. بعد رفض المحكمة لمعظم هذه الطلبات، هددت كينيا بانسحابها من نظام روما الأساسي، وحصلت على انعقاد قمة للاتحاد الافريقي لدراسة ” العلاقة بين أفريقيا والمحكمة الجنائية الدولية ” ولتلقي الدعم الرسمي.
ترجع خاصية هذا الوضع إلى الصراع الدائر بين الاتحاد الأفريقي والمحكمة الجنائية الدولية. يرتبط هذا بوجوب تعاون الدول مع المحكمة عندما يعود لها مجلس الأمن – أو كما في هذه الحالة عن طريق محاميه – بسبب عدم نشاط العدالة الوطنية للدولة (النظام الأساسي، المادة 13). وبالإضافة إلى ذلك، يجعل تفاقم المقاومة الناشئة عن مكافحة الإفلات من العقاب من هذه القضية رمزية. ازدادت في الواقع الانتقادات راديكالية من أجل تجريد المحكمة الجنائية الدولية من شرعيتها وإبعاد المتهمين عن العدالة. لذلك لم يتردد رئيس الاتحاد الافريقي هايلي مريم دوسالاجن في مايو 2013 في اتهام المحكمة الدولية بإجراء نوع من ” الصيد العنصري بتتبعها للأفارقة فقط “، كما اعتبر الاتحاد الافريقي القضايا تهديدا ” للجهود الجارية من أجل تعزيز السلام والمصالحة الوطنية و سيادة القانون والاستقرار ليس فقط في كينيا ولكن أيضا في المنطقة بأسرها “. يستعمل هؤلاء النقاد بطريقة ذكية تهديد انسحابهم الجماعي في نهاية المطاف من نظام روما الأساسي كأداة للضغط السياسي على مسار الإجراءات التي تعتمد على المناورات الدبلوماسية. ينتقد العديد من المنظمات الإنسانية غير الحكومية هذه الاستراتيجية – التي شاركت في ظهور المحكمة الجنائية الدولية – إضافة إلى شخصيات إفريقية. تسلط هذه الإنتقادات الضوء على عدم صحة الاتهامات ضد المحكمة، مشيرة إلى مبادرة الدول الأفريقية في خمس من ثمان قضايا تخص هذه القارة : جمهورية أفريقيا الوسطى، جمهورية الكونغو الديمقراطية، كوت ديفوار، أوغندا و مالي. كما تنتقد طابعها الأمبريالي والعنصري كما تشير منظمة العفو الدولية على سبيل المثال إلى ” أن محاميه فاتو بنسودا من غامبيا و أن أصل أربعة من ثمانية عشر قاضيا من البلدان الأفريقية. وعلاوة على ذلك فإنها تحذر – كما فعل الحائز على جائزة نوبل للسلام الجنوب افريقي ديزموند توتو – الرأي العام الأفريقي من أخطار ترك المحكمة الجنائية الدولية. يسمح في الواقع مثل هذا القرار لبعض القادة بمواصلة أنشطتهم الإجرامية مع الإفلات من العقاب، الأمر الذي سيجعل أفريقيا “مكانا أكثر خطورة “.
الإطار النظري
1. عودة منطق الدولة. تشير المبادئ الأساسية للمحكمة الجنائية الدولية إلى ضعف منطق الدولة التي يجب أن يستسلم لمطالب العدالة. ومع ذلك أظهرت الحجج لدعم المطالبة بتأجيل الإجراءات القضائية بدلا من ذلك انبعاثه من جديد مشيرة إلى الحاجة إلى الوفاء بالمسؤوليات الدستورية لضمان سير عمل الدولة و إدارة الشؤون الوطنية والإقليمية. وأخيرا ، في اشارة الى التفجير الأخير في نيروبي ، ينبغي توفير ” الوقت الكافي لتحسين جهود مكافحة الإرهاب وغيره من أشكال انعدام الأمن في المنطقة “. ولكن مطالبة إعادة النظر في نظام روما الأساسي (المادة 27 ) لاستعادة النظام التقليدي للحصانة الذي يحمي الجريمة تمثل علامة عودة منطق الدولة.
2. مصلحة الدول الأفريقية في تدويل العدالة الجنائية. لا تخفي مواقف الاتحاد الافريقي ضد المحكمة الجنائية الدولية ارتباط الدول الأفريقية بها من خلال عضوية العديد منها و مشاركتها في الإحالات نظرا للإمتيازات الرمزية التي توفرها لها. وبالتالي فإنها يمكن أن تقدم نفسها كديمقراطيات صديقة تحترم الأخلاق العالمية وتكافح الإفلات من العقاب. كما تستفيد من امتيازات مادية كبيرة ترتبط بتدخل المحكمة الدولية في حل النزاعات و فرض السلام و ممارسة السلطة. إنها تتمكن بذلك من 1) تدويل العدالة السياسية 2) الأخذ بعين الاعتبار حقوق الضحايا والدفاع عنها و 3) تسهيل عملية المصالحة عن طريق اعتقال المجرمين المشتبه فيهم ومحاكمتهم الدولية كضمانات لمحاكمة عادلة.
تحليل
يتبنى الاتحاد الافريقي موقفين مختلفين أمام الدعوات المختلفة للمحكمة الجنائية الدولية. فيما يتعلق بالقضايا ضد الدول الأفريقية، يتم رفضها بشكل منهجي من قبل الاتحاد الافريقي و في أعقابه من قبل معظم الدول الأعضاء التي تتردد في التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. وهكذا لم يتم تطبيق مذكرات التوقيف بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية (4 مارس 2009) والإبادة الجماعية ( 12 يوليو 2010 ) التي صدرت بحق الرئيس السوداني عمر البشير، بعد قرار مجلس الأمن ( القرار 1593 (2005)) بإحالة الوضع في دارفور ، لم ينفذ القرار من قبل السلطات في مختلف البلدان أين قام بزيارة رسمية – إثيوبيا، تشاد، كينيا، ملاوي، ليبيا، جيبوتي، مصر و زمبابوي – . كما منع الاتحاد الافريقي أعضائه من التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية التي تهدف لاعتقال الرئيس السوداني. استندت تشاد لتبرير هذا القرار إلى التزاماته تجاه الاتحاد الافريقي ذات الأسبقية على مذكرة اعتقال والإحالة إلى مجلس الأمن. كما برر ملاوي قراره بالخلاف بين مبدأ الحصانة الذي يحمي رؤساء الدول تبعا للقانون الدولي العرفي ( محكمة العدل الدولية، 14 فبراير 2002 ، مذكرة توقيف 11 أبريل 2000 (جمهورية الكونغو الديمقراطية / بلجيكا)) و تطبيق قرارات المحكمة الجنائية الدولية (القائمة على أساس المادة 98-1 من النظام الأساسي) التي تقضي بوقف و تقديم رئيس دولة للمحاكمة. نلاحظ نفس المشكلة فيما يخص مذكرة التوقيف الصادرة ضد معمر القذافي و بعض من أقاربه في 27 يونيو 2011 بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية (القتل والاضطهاد التي يزعم أنها ارتكبت في ليبيا ) و طلب إحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية من قبل مجلس الأمن في 26 فبراير 2011 ( القرار 1970 (2011 )) ، ولكن وفاة الزعيم الليبي حل هذه المسألة.
إن الوضع مختلف فيما يخص القضايا التي بادرت بها سلطات الدول المعنية – جمهورية الكونغو الديمقراطية ( الوضع في منطقة إيتوري في عام 2004) ، أوغندا (قضية تموقع جيش الرب للمقاومة في الشمال 2003) وجمهورية أفريقيا الوسطى ( الجرائم التي ارتكبت منذ يناير 2002) ، ساحل العاج (حملات العنف الي أعقبت الانتخابات بين 2010-2011) التي لم يبدي الاتحاد الافريقي أي عداء ضدها. تبعا لمنطق المصلحة الذاتية، تتعاون الدول المعنية مع المحكمة خلال جميع مراحل العملية. أدى غياب فائز في القضية الكينية، حيث تصالح المتهمين الذين يتشاركون اليوم في ممارسة السلطة، إضافة إلى الانتهاكات المزعومة المنسوبة لكلا الطرفين إلى صعوبة التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية ودفعها إلى إلغاء القضية. هذا ما يفسر استخدام حجة منطق الدولة القديمة للتهرب من العدالة. ومع ذلك من المرجح أنه لا يوفر اليوم الحصانة التي كان يضمنها بالأمس.
المراجع
Mouangue Kobila James, « L’Afrique et les juridictions internationales pénales », Cahier Thucydide, (10), février 2012
Laroche Josepha, (Éd.), Passage au crible, l’actualité internationale 2009-2010, Paris, L’Harmattan, 2010, pp. 49-53
Bussy Florence, Poirmeur Yves, La Justice politique en mutation, LGDJ, 2010
Oct 21, 2013 | Théorie En Marche, نشر الأبحاث
تشير متخصصة الهجرة المعترف دوليا بها منذ سنوات في هذا الكتيب إلى تناقض : في الوقت الذي أن السلع ورؤوس الأموال و المعلومات تعرف تدفقا كبيرا، فإن الناس لا يمتلكون الحق في التنقل الدولي. تمس هذه المسألة جميع البلدان وخاصة الدول الأوروبية. في الواقع ، تشهد البعض منها اليوم ارتفاعا في كراهية الأجانب والقومية التي غالبا ما تنتصر في الانتخابات.
أمام هذا الوضع ، تشير كاترين ويتل دي وندن إلى ضرورة إقامة الحق الدولي للمهاجرين ” كجانب أساسي من جوانب التنمية البشرية “. يتطلب هذا لأستاذة العلوم السياسية بطبيعة الحال أن يتم مسبقا تعريف ” المواطنة خارج الإقليمune citoyenneté hors-sol déterritorialisée ” لحمايتهم والذين بلغ عددهم في عام 2013 حوالي 240 مليون نسمة، أو 3.1٪ فقط من سكان العالم.
Catherine Wihtol de Wenden, Le Droit d’émigrer, Paris, CNRS Éditions, 58 p., bibliographie.
Oct 15, 2013 | Passage au crible (arabe), الأمن, جائزة نوبل, ديبلوماسية غير حكومية
مقال: جوزيفا لاروش Josepha Laroche
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°93
Source : Wikipedia
تلقت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الجمعة 11 أكتوبر جائزة نوبل للسلام لعام 2013 في حين كانت تنتظر كل وسائل الإعلام الدولية منذ عدة أسابيع منحها للناشطة الباكستانية الشابة مالالا يوسف ضاي. ومع ذلك لا يجب أن نتعجب من هذا القرار أو أن نذكر انحرافا مزعوما كما يشير له الكثير من المعلقين. يشير بدلا من ذلك مكافأة هذه المنظمة إلى تناسق دبلوماسية نوبل .
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
بدأت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية نشاطها في 29 أبريل 1997 من أجل ضمان احترام اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية التي وقعت في عام 1993. كما تتمثل مهمتها على هذا النحو في منع إنتاج و تخزين الأسلحة الكيميائية. و يتوجب عليها التحقق من تدمير المخزونات القائمة عندما تعهدت بعض الدول بذلك، كما ينبغي التأكد من عدم إعادة انتاجها بعد ذلك.
انضم للمنظمة المتمركزة اليوم في لاهاي 189 دولة عضوة تمثل حوالي 98 ٪ من سكان العالم. لم يوقع كل من كوريا الشمالية ومصر و أنغولا وجنوب السودان على معاهدة الحظر، في حين وقعت كل من بورما وإسرائيل دون المصادقة عليها. لكن سوريا من جهتها انضمت في شهر سبتمبر فقط. قدمت منذ ذلك الحين هذه الدولة جرد ترسانتها الكيميائية في المنظمة الدولية التي بدأت مهمتها في الأراضي السورية. هذا ما يدفعنا للقول بأن جائزة نوبل للسلام الأخيرة تلعب في الوقت الراهن دورا رئيسيا في تفكيك الأسلحة الكيميائية السورية وبالتالي في الصراع القائم.
رغم نشاطها في معظم الأحيان في قلب الصراع، لا يحظى عمل المنظمة بتغطية إعلامية مهمة. تجدر الاشارة إلى تنظيم 286 بعثة تفتيش إلى 86 دولة عضو في الاتفاقية منذ عام 1997، بما في ذلك 2.731 عملية مراقبة متعلقة بوجود الأسلحة الكيميائية. دمر مفتشيها على سبيل المثال على عدة جبهات حوالي 58 ألف طن من العوامل الكيميائية بما في ذلك بالعراق، ليبيا، روسيا أو الولايات المتحدة. نسجل تدمير كل من ألبانيا و الهند تماما لمخزونات الأسلحة الكيميائية المعلن عنها منذ انضمامها لاتفاق نزع السلاح.
نشهد لأول مرة في تاريخ نزع السلاح المتعدد الأطراف نشاط مؤسسة تعمل بشكل جيد وتتمكن من وضع آليات مبتكرة لنزع السلاح على المستوى الدولي. تتحقق مفتشية المنظمة على الفور و غالبا في غضون فترة قصيرة من الواقع الفعلي لالتزام الدول، في حين أثناء الحرب الباردة، تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات في هذا المجال دون أن يتم احترامها.
الإطار النظري
1. نقل سمعة عالمية. كانت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مجهولة من عامة الناس قبل تدخلها في القضية السورية، وخاصة بعد هجوم كيماوي قرب دمشق في 21 أغسطس 2013 رغم قيامها منذ سنوات عديدة بمهام حساسة. اختارت مؤسسة نوبل بمنحها جائزة نوبل للسلام إعطاءها شرعيتها و شهرتها حيث تنقل لها شهرتها العالمية المرتبطة منذ أكثر بنظام دولي من الجوائز. هذا ما يوفر للمنظمة التغطية الإعلامية التي كانت تفتقر لها حتى الآن.
2. شرعية تدخل دبلوماسي. يعتقد الكثيرون بتأييد هذه الجائزة لنظام بشار الأسد وباستعمال المنظمة كأداة من طرف موسكو. نؤكد من جهتنا على إرادة لجنة أوسلو في مشاركة الدول في السياسة العليا High Politics عن طريق تدخلها في معالجة الصراع السوري. تصبو اللجنة عن طريق اختيار تكريم الأمن الجماعي والتعددية إلى إدراج هذه المفاهيم في جدول الأعمال الدولي، إضافة إلى لعبها دور طرف أساسي إلى جانب الدول في الصراع. إنها قادرة ببساطة على إكساب هذا التسلل الدبلوماسي الشرعية التي اكتسبتها منذ أكثر من من قرن.
تحليل
من المؤسف عدم مكافأة الشابة الباكستانية مالالا يوسف ضاي التي كانت رمزا لكفاح المرأة ضد حركة طالبان و الكفاح من أجل حق الجميع في التعليم. من المؤسف أيضا عدم تتويج الدكتور دينيس موكويجي الذي يكافح لمساعدة النساء ضحايا الاغتصاب في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ناضل طبيب النساء الكونغولي هذا الملقب “بالرجل الذي يصلح للنساء ” منذ ما يقرب من 15 عاما لمعالجة 40.000 مرأة من ضحايا الاغتصاب أو العنف الجنسي في شرق الكونغو. كما نجا هذا المرشح منذ العام الماضي من محاولة اغتيال في أكتوبر 2012. هذا لا يمنع مع ذلك هذين الشخصين من الفوز بهذه الجائزة في المستقبل مادامت تتطابق صفتهم مع متطلبات وصية ألفريد نوبل 27 نوفمبر 1895 و مع دوكسا نوبل. لكن جائزة نوبل للسلام مرتبطة دائما بالسياسة و بشكل أكثر تحديد بخط دبلوماسي وليس بالمعايير الأخلاقية أو الجدارة. يطابق علاوة على ذلك هذا التوجه مفهوم ألفريد نوبل. لذلك لا يوجد أي انحراف أو مخالفة مذهبية كما أشار له عدد من التعليقات الخاطئة.
لا تعتمد الجائزة منذ مكافأة لجنة تحكيم نوبل الرئيس أوباما على أساس الانجازات. هذا ليس جديدا حيث كان هذا التوجه موجودا دائما. لكن نلاحظ أن هذا التمييز العالمي يعكس سنة بعد سنة طموحا كبيرا: حكم العالم من خلال محاولة التأثير على مسار العالم و على اتجاه القضايا العالمية و الجدول السياسي. استغلت اللجنة للدخول إلى الساحة العالمية فرصة سانحة – إذا أخذنا بعين الاعتبار انتقاداتها – للتدخل في القضايا الكبرى اليوم بكل شرعية. أليست حاملة لمجموعة من القيم العالمية التي لا يمكن لأحد انكارها؟ إنها تعتزم استخدام شهرتها لتقديم أولوياتها و قيمها الخاصة أين أبدت الدول عجزها. ومع ذلك لا تخلو هذه الدبلوماسية التدخلية والمبتكرة من المخاطر على لجنة نوبل. تكلف المؤسسة من خلال الاستثمار بهذه الطريقة الفائز بالجائزة بمهمة في ظل عملية مستمرة. ومع ذلك فهو التزام بتحقيق النتائج وبالتالي عبئا عليها، رغم أن هذه المراهنة تمس بمصداقيتها على المدى الطويل.
المراجع
Laroche Josepha, Les Prix Nobel, sociologie d’une élite transnationale, Montréal, Liber, 2012
Laroche Josepha, (Éd.), Passage au crible, l’actualité internationale 2009-2010, Paris, L’Harmattan, 2010, pp. 19-22 ; pp. 41-45
Laroche Josepha, (Éd.), Passage au crible, l’actualité internationale 2011, Paris, L’Harmattan, 2012, pp. 47-52
Oct 5, 2013 | Passage au crible (arabe), حقوق الإنساﻥ
مقال: ميكاييل كوزان Michaël Cousin
ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa
Passage au crible n°92
Pixabay
وقع فلاديمير بوتين في 30 يونيو 2013 قانونا بشأن “دعاية علاقات جنسية غير تقليدية أمام الصبيان”، والذي يهدف الى منع النشطاء المثليين»المثليين والمثليات ومزدوجي ومتحولي الجنس «من استخدام الفضاء العام للمطالبة بحقوقهم. كما يعتزم “حظر نشر أي معلومات من شأنها أن تثير اهتمام الصبيان لمثل هذه العلاقات”. ولكن هذا التشريع الجديد يهدد حرية التعبير و حرية الصحافة. وعلاوة على ذلك، فإنه لا يقتصر على المواطنين الروس بل يمتد ليشمل الأجانب في الإقليم.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
صوت في 27 أيلول 2012 مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالأغلبية على قرار بادرت به روسيا ينص على “تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية عن طريق تحسين فهم القيم التقليدية الإنسانية : أفضل الممارسات”. يكشف هذا النص بالتالي عن كره موسكو العميق للمثليين و يلي رفض”إعلان حقوق الإنسان و الميل الجنسي و الهوية الجنسانية” في ديسمبر 2008 .
ومع ذلك، أثناء التصويت على هذا القرار الجديد، كلف المجلس اللجنة الاستشارية بمواصلة دراستها لدور القيم التقليدية. تم الإعلان عن نتائج التحقيق في شهر مارس. حذرت هذه الوثيقة بشكل واضح من استخدام القيم التقليدية خصوصا عندما تسعى الدول لتنظيم أو عزل بعض سكانها. لكن هذا التحذير لم يمنع تصويت الدوما بعد ثلاثة أشهر على القانون الجديد، والذي يستهدف بوضوح العلاقات المثلية والمخنثين التي وصفها” بغير التقليدية” مهملا بالتالي حقوق الإنسان.
تدخلت العديد من الجهات الفاعلة في هذا الصدد من أجل الضغط على موسكو، حيث طلبت على سبيل المثال من اللجنة الأولمبية الدولية احترام ودعم الميثاق الذي يحتوي على العديد من المواد التي تحمي التوجه الجنسي وحرية التعبير. ومع ذلك، أكدت اللجنة في سبتمبر الماضي أنها لن تحرم روسيا من تنظيم الألعاب الأولمبية المقبلة – التي ستعقد في سوتشي بين 07-23 فبراير 2014 – و هذا على الرغم من استمرار رغبة الحكومة الروسية في فرض أحكامها الصارمة قبل وأثناء و بعد الأحداث الأولمبية .
وعلاوة على ذلك ، تم اختيار روسيا لاستضافة كأس العالم 2018 لكرة القدم. ولذلك ينبغي أن تحترم المادة 3 من مدونة السلوك للفيفا ( الاتحاد الدولي لكرة القدم )، والتي تحمي التوجه الجنسي للمشاركين مما يجبر الحكومة الروسية على توضيح قانونها. وفي الوقت نفسه، نظمت مبادرات غربية أخرى لمواجهتها. نذكر على سبيل المثال مقاطعة الفودكا الروسية في حانات ونوادي مثلي الجنس وإنشاء صفحة فايسبوك لمقاطعة أولمبيات سوتشي. أمام كل هذه التعبئة، قال وزير الرياضة الروسي فيتالي موتكو في أغسطس 2013 مستفزا “كلما زادت روسيا قوة، كلما لا تروق للبعض. نحن بلد فريد”. ومع ذلك، ينطوي هذا الخطاب على مزيج بين النظام الاقتصادي في البلاد وتنظيم المجتمع المدني، بما في ذلك التوجه الجنسي للأفراد. تذكر أن سياسة بوتين الجنسية تمثل امتدادا لسياسة ستالين الذي كان يعتبر التوجهات الجنسية المثلية كمرض متأصل يمس البرجوازية والرأسمالية.
الإطار النظري
1. بناء غير تاريخي وغامض للقيم التقليدية. إن الحقوق التي بنيت تاريخيا كعالمية تغطي الآن كل المجتمعات البشرية بغض النظر عن ثقافتها. ولكن مبدأ التوحيد هذا غالبا ما تنتقده بعض الشعوب التي تشعر بتهديد تمثيلاتها الاجتماعية عن طريق المعايير الدولية الجديدة المفروضة عليها. في ظل هذا الشعور من الارتباك، تحاول قوى اجتماعية إعادة اختراع و تمجيد القيم التقليدية. تظهر بالتالي الحركات الاحتجاجية كممثلة للسكان التقليديين الذين، وفقا لهم، تم تجريدهم من هويتهم مما يضفي الشرعية على نشاطاتها. كما تعتمد على الأساطير القديمة التي من المفترض أن تكون الحل للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية الناجمة عن عملية العولمة .
2. تفاوت التعبئة عبر الوطنية. تصدر الاحتجاجات عبر الوطنية ليس فقط من العديد من المنظمات، ولكن كذلك من شبكات بسيطة من الأفراد. ومع ذلك، إذا أدى في بعض الأحيان تضاعف الأطراف إلى تعزيز العمل الجماعي، فإنه يؤدي في كثير من الأحيان إلى التوتر وحتى الصراعات و بالتالي إلى إضعاف نشاط الحركة.
تحليل
على الرغم من أن روسيا منعت تجريم المثلية الجنسية في عام 1993، يعتبر المثليون جنسيا اليوم روسيين قبل كل شيء. في الواقع، منذ الصراع العالمي لمحاربة رهاب المثلية و صدور ” إعلان حقوق الإنسان و التوجه الجنسي والهوية الجنسية ” اختارت روسيا – مثل كثير من الدول – الحفاظ على الأحكام التي تمس بالمثليين. لذلك استمر الوضع الهش للمثليين جنسيا في التدهور.
تمس من دون شك هذه السياسات القمعية التي تنفذها السلطة القائمة بقيم وتوجهات المواطنين. تحاول في الواقع الحكومة الروسية تجنب مناقشة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية من خلال تعيين كبش فداء مرتبط بعولمة متوحشة. يمكن الإشارة على سبيل المثال لبعض الدول الأفريقية مثل أوغندا، أين يعتبر المثليون جنسيا ” قوقازيين” ينبغي الإحتماء منهم. كما تذكرنا هذه الأحكام العقابية بأن الآلاف من المثليون جنسيا قد أرسلوا إلى المعسكرات في فترة ستالين.
مع هذا القانون الجديد، لا يمكن للصحف أو المنظمات أن تذكر اليوم وجود الأقليات الجنسية. ومع ذلك ، يشهد المجتمع المدني ضعفا أمام هذا الحكم الاستبدادي، حيث لا تلعب جمعيات الدفاع عن جماعات مثلي الجنس دورا مهما ضد النظام القائم، خصوصا لهشاشة الروابط بين هذه الكيانات المحلية وعبر الوطنية. لم يتم تنظيم أي تنسيق على سبيل المثال بين المقاطعات والضغوطات على قرارات اللجنة الأولمبية الدولية أو الفيفا. كما لم تخضع العرائض الدولية و” قبلة في – kiss-in” لمنطق التكامل والاحتجاج العالمي. ويترتب على ذلك ضعف الحركة العابرة للحدود الوطنية، ولذلك قررت اللجنة الأولمبية الدولية عقد دورة الالعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي، كما كان مقررا في الأصل، ولم يتبقى إلا قرار الفيفا.
المراجع
« Droits des LGBT et droits humains en Russie : l’inter-LGBT interpelle le Président de la République Française et appelle à participer au rassemblement du 13 Septembre sur le Parvis des Droits de l’Homme », Inter-LGBT, 04/09/2013, http://www.inter-lgbt.org/spip.php?article1203
Laroche Josepha, Politique Internationale, 2e éd., Paris, L.G.D.J, 2000
Siméant Johanna, « La transnationalisation de l’action collective », in : Agrikoliansky Éric, Sommier Isabelle, Fillieule Olivier (Éds.), Penser les mouvements sociaux, Paris, La Découverte, 2010, pp. 121-144