كتبه: كليمن بول Clément Paule
ترجمه: آيات الشيخ Ayat Alshaikh
Passage au crible n°20
في حين قدرت الأضرار الناتجة عن الزلزال الذي حدث في 12 يناير ب 7.9 مليار دولار، أو ما يعادل 120 % من الناتج القومي الصافي الهاييتي، وعد المانحين من أجل هاييتي ب9.9 مليار دولار على المدى القصير أثناء المحاضرة العالمية .و أشاد المعلقون بالنجاح لحملة الدعم المادي، الذي فاق التوقعات والذي يغطي الجزء الأكبر من الحاجات المقدرة من الحكومة السابقة، من جانب آخر ركزت الكثير من التحليلات على مظاهر المشاركة في سياق جمع بين المانحين ثنائيي الجانب ومتعددي الجوانب و المنظمات غير الحكومية و الشتات و القطاع الخاص أو حتى الجمعيات المحلية. المسألة تكمن من الآن وصاعدا في الاستخدام الفعلي لهذه الوسائل التي تم جمعها و التنسيق بين الجهات المختلفة التي تعنى بإعادة اعمار البلد.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
في العقود الأخيرة عرفت هاييتي عدة كوارث طبيعية مدمرة، ناتجة بشكل أساسي عن اندماج الظواهر ، نذكر أحدثها وهو إعصار جين الذي تسبب في مقتل عدة آلاف من البشر في عام 2004، خصوصا في محافظة جوناييف، المدينة التي تقع على بعد 150 كيلومترا في شمال شرق ميناء الأمير، هذه المنطقة نفسها تم تدميرها من جديد بعد تعاقب أربعة أعاصير في أغسطس وسبتمبر 2008، الأمر الذي تسبب بموت 800 شخص. هذه الكوارث الطبيعية طالت أكثر من 800000 شخص وتسببت بخسائر جسيمة تقدر بأكثر من مليار دولار.
تحظى هاييتي باهتمام عالمي خاص وذلك لأنها تعتبر دولة هشة أو حتى دولة منهارة، من الممكن أن تصبح عاملا في عدم استقرار منطقة الكاريبي حيث إن العلاقات متوترة بين هاييتي وجارتها الدومينيك، مسألة الهجرة، الشتات الهاييتي الذي يقدر بأكثر من 2 مليون شخص، ومسألة البيئة التي تشكل هاجسا مثيرا للقلق بصورة متكررة. في هذا الإطار، إن استمرار الأوضاع المتردية الاجتماعية-الاقتصادية، المتزامنة مع مساعدة عالمية، غير متساوية ومختلفة، أدت بالعديد من المانحين إلى ملاحظة فشل برامجهم التنموية. من أجل معالجة هذا الوضع اجتمع الممثلين الثنائيي الجوانب ومتعددي الجوانب عدة مرات بهدف تنسيق إستراتيجياتهم وكان ذلك في أثناء الأزمات السياسية- الإنقلاب العسكري عام 1990 وعزل الرئيس جون برنارد أريستيد عام 2004- أو أثناء الحوادث الطبيعية. وهكذا تم عقد محاضرة للمانحين في 14 أبريل 2009 في واشنطن بعد مدة بسيطة من الأعاصير و الاحتجاجات ضد الجوع في 2008.
1. دبلوماسية الكوارث. إن حدوث كوارث طبيعية أو تكنولوجية ذات خطر كبير أدى كما هو معروف تاريخيا لتظافر الجهود العالمية. في هذا الظرف يبدو أن الدول والمنظمات المتعددة تستثمر بصورة متزايدة هذا المجال من التحرك والذي يسمح برؤية واضحة بل تحقيق فعلي لعملياتهم في مواجهة الكوارث المتتابعة التي تحظى بتغطية إعلامية متزايدة.
2. تقنين ترتيبات المساعدة. إعادة اعمار هاييتي أحيت العديد من المناقشات حول ممارسات المانحين ثنائيي ومتعددي الجوانب، في هذا الصدد، تميل المؤسسات والآليات الموضوعة للتعقيد وذلك لحل المسائل السياسية والتي أعيد تقييمها حسب الظرف بمشاكل تقنية، مثل التنسيق أو فعالية البرامج.
انتقد بعض العاملين ومن بينهم عاملين في منظمات غير حكومية محلية أو عالمية الوجود الدائم للولايات المتحدة الأمريكية سواء في موقع الحدث- إذ تم استخدام 20 ألف عسكري أمريكي- أو خلال المفاوضات الدبلوماسية،وحتى محل انعقاد المحاضرة العالمية والدور الذي يلعبه الزوجان كلينتون يبين على سبيل المثال هذا الاستثمار، حتى وإن كان الرئيس السابق كلينتون يتدخل كمبعوث خاص للأمم المتحدة في هايتتي، المنصب الذي يشغله منذ 2009، بعد أن كان ممثلا لإعادة الاعمار في شرق جنوب آسيا بعد كارثة تسونامي في 2004. سكرتيرة الولايات المتحدة الأمريكية قد ترأست بالشراكة جميع الجلسات المتتابعة إلى جانب الرئيس رينيه بريفال و السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون. هذه الوصاية الأمريكية أثارت العديد من الانتقادات الصريحة. مثل تقرير نيويورك تايمز الذي تحدث عن حديث ساخر لدبلوماسي أوروبي عن ما أسماه استعراض بيل و هيلاري، زيادة على ذلك الحكومة الهاييتية قلقة من تنحيتها عن مشاريع تعتزم محافظة الدولة تنفيذها بصورة أحادية الجانب.
إن تنظيم المحاضرة العالمية يكشف المزيد عن تناقضات الدبلوماسية الأوروبية، في الحقيقة إن الإتحاد الأوروبي قدم الجزء الأكبر من المساهمة في إعادة البناء، أو ما يقارب 1.6 مليار دولار منها 243 مليونا مقدمة من فرنسا، هذا الرقم هو أكثر بكثير من المساعدات الأمريكية (1.15 مليار دولار) أو الكندية (390 مليون) ولكن هذه المساعدة لم تترجم كأرباح سياسية، في هذا الصدد من المناسب أن نذكر أن كاثرين أشتون- الممثل الأعلى للإتحاد الأوروبي في الشئون الخارجية- قد إنتقدت كثيرا لأنها لم تزر هاييتي حالا بعد الزلزال، على عكس نظيرتها الأمريكية، هيلاري كلينتون. منذ 19 يناير، ميشيل ستيفلر، نائب أوروبي ومبعوث دائم للمساعدة الإنسانية أبدى أسفه للتحركات الأوروبية غير الظاهرة بالمقارنة مع التدخل الأمريكي الذي يبدو بارزا، من جانب آخر، تم انتقاد آشتون لعدم خبرتها الدبلوماسية، والتي توجب عليها أن تواجه منافسة الرئاسة الإسبانية للإتحاد، النشطة جدا في هاييتي. توجب عليها أيضا أن تشارك في الإعلانات أحادية الجانب من بعض الدول الأعضاء، مثل فرنسا التي إقترحت منذ 14 يناير تنظيم محاضرة عالمية. هذا الانطباع عن الانقسام والفوضى أمكن ملاحظته بوضوح منذ تعلق الأمر في نهاية شهر يناير بإرسال عدة مئات من رجال الدرك لمساندة المينوسوتا la Minustah ( مهمة الأمم المتحدة من أجل الاستقرار في هاييتي )، علاوة على ذلك إذا كانت فرنسا، إيطاليا، إسبانيا و مملكة الأراضي المنخفضة قد قبلت بإمداد القوات، فإن ألمانيا وبريطانيا على العكس من ذلك قد رفضتا الانضمام للعملية. من المناسب أيضا تبيين هذه الإختلالات في سياق أن هاييتي لا تشكل نفس الرهان السياسي للإتحاد الأوروبي بالمقارنة مع دول يتمركز فيها الشتات الهاييتي مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو حتى كندا.
بصورة أكثر شمولية، هذه المحاضرة كانت تبحث مشكلة الاستخدام الجيد للمساعدة مع احترام مبادئ الفعالية، التنسيق و الشفافية. من جانب آخر، تم إعادة وضع الدولة المنكوبة في مركز الترتيبات، الأمر الذي تمت المطالبة به دون جدوى من قبل الحكومات الهاييتية المتعاقبة. حيث إن هذا التوجه يرمي ،مخالفة للمنطق، الذي يتوجب عليه تقنين مبالغ المساعدة بواسطة المنظمات غير الحكومية منذ منتصف سنوات الثمانينات للالتفاف على ممثل الدولة الذي يوصف بالفاسد وغير المسئول. في هذه الحالة يسمح ذلك أيضا بممارسة ضغوط على حكومات عنيدة كما كان الحال مع الحظر المقرر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في 1991، بعد الانقلاب على الرئيس أريستيد الذي منع كل المساعدات. الانفتاح على الممثلين الهايتيين يبقى على الرغم من ذلك محدودا ومصبوغا بالشك. بالتأكيد سيترأس بالشراكة اللجنة الجديدة المؤقتة من أجل إعادة البناء Interim Haiti Recovery Commission ، رئيس الوزراء الهاييتي جون ماكس بلريف مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة بيل كلينتون، بدون الاهتمام بأن العديد من المؤسسات المحلية ستعتبر بأنها تم إقصاؤها من العملية. في النهاية سيصبح رأس مال عالمي جامع لمساهمات المانحين مدارا من قبل البنك العالمي. يعرض هذا التنسيق المستقبلي على أنه مفتاح الحكم الرشيد الذي سيطبق على ترتيبات المساعدة. ولكن في هذا الصدد من الواضح أن هذه العقلانية تهدف للموازنة بين التنوع للحركة العامة و العالمية الحالية والتي في طور التنفيذ. قد تتعرض هذه المبادرات للاصطدام بحقائق التنفيذ أو حتى المنافسة القائمة بين مختلف الممثلين العالميين.
Buss Terry, Gardner Adam, Haiti in the Balance: Why Foreign Aid Has Failed and What We Can Do About It,Washington D.C., Brookings Institution, 2008
MacFarquhar Neil, “Haiti Frets Over Aid and Control of Rebuilding”, The New York Times, March 31, 2010
Maguire Robert, “Haiti: Towards and Beyond the Donors’ Conference”, USIP (United States Institute of Peace) Peace Brief, USIP, (17), April 8, 2010