Armelle Le Bras-Chopardآرمل لو برا-شوبار
فؤاد القيسي Fu’ad Al-Qaisi
Passage au crible n°17
طُرحت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة – التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 18 من الشهر الثاني عشر لعام 1979- قبل ثلاثين عاما، في الأول من الشهر الثالث لعام 1980، على الدول للمصادقة عليها ؛ فصوت 95% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لصالحها. غير أن بعض الدول لم تصادق عليها، كما عبرت أخرى عن تحفظها عليها؛ إذ نَصَّبت هذه الدول تقاليدها فوق القانون الدولي. تمت إضافة بعض البنود لاحقا إلى البروتوكول الإضافي يوم 6 من الشهر العاشر لعام 1999، الذي دخل حيز التنفيذ عام 2002، ليصبح ميثاقا أكثر إلحاحا.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
بدات النساء في تنظيم أنفسهن على المستوى الدولي منذ نهاية القرن التاسع عشر ، وطالبن باعتماد اتفاقية دولية حول المساواة في الحقوق والواجبات بين الجنسين؛ فشكلت هيئة الأمم المتحدة، بضغط من الجمعيات النسائية، لجنة دولية حكومية حول “أوضاع المرأة”. عكفت على وضع معايير دولية, ساهمت الاتفاقية لاحقا في إضفاء صفة المؤسسية عليها..
تطمح هذه الاتفاقية إلى ردم الفجوة بين الجنسين, من خلال مكافحة جميع أشكال التمييز ضد النساء؛ فهي تطمح إلى إحلال المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء في كل المجالات (المدنية، الثقافية، الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية) باتخاذ التدابير التشريعية على المستويات الوطنية.
انتخبَ أطرافُ الاتفاقية لجنة من 23 خبيرا مستقلا أوكِل إليها متابعة تطبيقها؛ وكتابة تقرير سنوي إلى الهيئة العامة للأمم المتحدة، ودراسة التقارير التي تقدمها الدول المشاركة كل أربع سنوات. كما تقوم بدعوة هذه الدول، و المؤسسات المختصة، والمنظمات غير الحكومية الناشطة في هذا المجال، وتستخلص بعد ذلك النتائج من هذه التقارير, وتصدر التوصيات والاقتراحات. غير أنه اتضح استحالة علاج الانتهاكات التي تتعرض لها الأجهزة القضائية على أرض بعض الدول؛ لذا جاء البروتكول الإضافي بمرحلة جديدة تسمح بإيصال الطلبات الفردية أو الجماعية.
1. حقوق الإنسان. تعتبر الاتفاقية, لأول مرة, التمييز ضد المرأة انتهاكا للحقوق. لقد اتضح أن الإطار المرجعي الداخلي – ميثاق الأمم المتحدة، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان- كان مقتضبا وعاما. لذا فقد تناولت قضية الحق في تنظيم وتحديد النسل بالإضافة إلى موضوع المساواة بين الجنسين. لكنها تبقى أولا وآخرا اتفاقية تعنى بالمساواة والعدالة، وتعود أهدافها المرجوة بالخير على الإنسانية قاطبة.
2. التنمية. تعكس الاتفاقية بعدا ديمقراطيا، واقتصاديا، واجتماعيا؛ إذ تعتبر مكانة المرأة في المجتمع أحد معايير (مؤشرات التنمية الإنسانية) في نظر (برنامج الأمم المتحدة للتنمية). كما تشكل استقلالية المرأة – خصوصا في الجانب التعليمي والتربوي- أحد شروط مكافحة الفقر؛ فأصبح هذا الشرط الهدف الأول لـ (المساعدة العامة في التنمية). كما تعد المساواة الحقيقية بين الجنسين في مجال العمل – وهي نسبة لم تسجل في دول الشمال إلى لآن – مؤشرا على النمو والتحضر. أضف إلى ذلك المسألة الديمقراطية؛ فتواجد المرأة في مراكز صنع القرار يعد مؤشرا على التنمية. إنها عملية حتمية للتماسك الاجتماعي؛ تلك التي تعنى باندماج الجنسين والتقائهما على قيم وأهداف مشتركة, يسهل تطبيقها على مستوى أوسع من المستوى الوطني، أي على مستوى المنظمات والمؤسسات المحلية..
تبقى هذه الاتفاقية مجهولة على خلاف اتفاقيات أخرى تُعنى بحقوق الإنسان، ويلاقي تطبيقها كثيرا من الصعوبات لغاية هذا اليوم, على الرغم من توقيعها من جميع الدول الأعضاء, باستثناء الصومال، والسودان، وإيران عليها كما أن الولايات المتحدة لم تصادق عليها, بسبب اعتراض المعارضة المسيحية على الحقوق المتعلقة بالانجاب. أما الدول الأخرى, فكان لها تحفظات تَحد من فائدة النص؛ فرفضت إدراج البنود الأكثر إلحاحا وجدلية في تشريعاتها الوطنية. لقد رفضت ماليزيا بعض البنود التي تعتبرها مخالفة للشريعة الإسلامية، ورفضت الجزائر بنودا تعتبرها تنتقص من سيادتها, و طبقت نيجيريا المادة 15رقم -المتعلقة بالمساواة بين الجنسين أمام القانون, و بحرية التنقل- على النساء الغير متزوجات. كما لاقت المواد المتعلقة بالمساواة بين الجنسين في الزواج، والعلاقات العائلية – الولاية، العمر الأدنى للزواج – تحفظاتٍ كثيرة, خصوصا لدى دول المغرب والمشرق العربيين؛ التي بررت تحفظاتها بالشريعة الإسلامية. لذا نلاحظ, في آخر الأمر, أن البروتوكول الإضافي, على الرغم من قوته وإلحاحه، يبقى اختياريا بالنسبة للدول المشاركة في الاتفاقية. لكنه يشكل, مع ذلك كله, تقدما ملحوظا يَُسَهِّل ترجمة التدابير القانونية إلى أفعال على أرض الواقع. إذ تجدر الإشارة إلى قيام دول هذه الهيئة، داخل هذا الإطار، بفتح تحقيق حول عمليات اختطاف وقتل النساء في المكسيك؛ مما كشف عن استمرار العنف ضد المرأة في هذه المنطقة.
تُستخدم هذه الاتفاقية عموما في الضغط على الحكومات من قبل بعض النساء بغية تحسين أوضاع المرأة في بلدانهن كما حصل في غانا -التي صادقت على الاتفاقية عام 1982- بإصدارها قانونا عام 2006 يقضي بسجن كل من يقوم بختان الإناث. كما شجعت مصر أيضا حملة محو لأمية الفتيات, تهدف إلى تقليل نسبة الأمية إلى 11% بين عامي 1986 و1996.
تُعد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، بغض النظر عن العقبات، أداة ضغط مهمة لدفع عجلة القضية النسائية على الصعيد الدولي, على الرغم من قناعتنا بأن عولمة تتسم بالمساواة تظل أمرا طوباويا. أما بالنسبة للحاضر، فإن كل المنظمات غير الحكومية والجمعيات تعمل على إبراز أهمية محاربة الأفكار النمطية، وتنوي العمل على تغيير السلوكيات, والترويج لثقافة المساواة بين الجنسين في المرحلة القادمة؛ إنها تطمح, باختصار, إلى إحداث تغيير جذري في تنظيم مجتمعاتنا المدنية.
Falquet Jules, De Gré ou de force. Les femmes dans la mondialisation, Paris, La Dispute, 2008
Helena Hirata, « Femmes et mondialisation » in : Margaret Maruani (Éd.), Femmes, genre et société, l’état des savoirs, Paris, La Découverte, 2005
Sénac-Slawinski Réjane, L’Ordre sexué. La perception des inégalités femmes-hommes, Paris, PUF, 2007
Women Watch, site de l’ONU: http://www.un.org/womenwatch/